«الدرة».. تجاهله العرب وتذكروا “بيريز”

m-aldora

خلف حاجز أسمنتي يختبأ هو ووالده، علّهما ينجيان من ويل الرصاص الذي ينتشر فوق رؤوسهما كالأمطار بين قوات الأمن الفلسطينية وجنود الكيان الصهيوني؛ لكن رصاصات الإسرائيليين كانت أسبق فقتلت الطفل. محمد الدرة.. ليس صورة يتداولها النشطاء على صفحاتهم؛ إنما واقع أليم في تاريخ الإنسانية والأمة العربية، جرت الأحداث في قطاع غزة في الثلاثين من سبتمبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.

في هذا اليوم منذ 16 عامًا جسّدت واقعة الدرة أبشع جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين والشعب الفلسطيني، وحازت لقطة الصبي، صدى عالميًا ليكون محمد الدرة في مقدمة الأطفال الذين هزت صورهم الرأي العام بالعالم بأكمله.

كان “محمد” يبلغ من العمر 12 عامًا، يسير بجوار والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، قبل أن يختبئا خلف الحاجز الأسمنتي، حاول الأب “جمال” أن يحمي ابنه بكل قواه.. اخترق الرصاص يد الوالد اليمنى.. ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى وصرخ: أصابوني الكلاب.. فوجئ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر محمد.. الصغير يردد: اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم.. رقد الصبي شهيدًا على ساق أبيه.. في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية.

الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش كتب قصيدة رثاء بعنوان “محمد”، قال في موضع منها: “يعشعش في حضن والده طائرًا خائفًا.. من جحيم السماء، احمني يا ربي.. من الطيران إلى فوق! إن جناحي صغير على الريح.. والضوء أسود.. محمد يريد الرجوع إلى البيت، من دون دراجة.. أو قميص جديد.. يريد الذهاب إلى المقعد المدرسي إلى دفتر الصرف والنحو، خذني.. إلى بيتنا يا أبي.. كي أعد دروسي.. وأكمل عمري رويدًا رويدًا.. على شاطئ البحر، تحت النخيل”.

فصول الحكاية لم تنته أوراقها بعد، فمحمد الدرّة مازال يُبعث كل يوم من جديد ليكون شاهدًا وشهيدًا على أرض فلسطين، فيما العدو يمعن بمختلف الأشكال بقتل شعب أعزل جلّ ما يملكه إرادة صمود وتحدٍّ والتمسك بالأرض.

وبينما المشهد كذلك.. نجد أن رؤساء الدول العربية تجاهلوا إحياء ذكراه، وتذكروا الذهاب لتأبين مجرم الحرب ومهندس الاستيطان اليهودي وقائد برنامج سلاح الدمار الشامل شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل السابق قاتل الشعب الفلسطيني. وبدا محمود عباس أبو مازن، رئيس السلطة الفلسطيني، يبكي على رفيقه “بيريز” ويحتضن ابنته في قلب إسرائيل، وهكذا ظهر سامح شكري، وزير خارجية مصر، وهو عيناه ترغرغان من الدمع، وكأنهم حزانى على أحد أقربائه رحل عن الحياة.

 

 

شاهد أيضاً

بالفيديو – أضحك من قلبك مباراة بين فريقي العنتيل والحاج رشدي – أطرف مباراة في ريف مصر

أشعلت مباراة استعراضية ترفيهية أقيمت على هامش نهائي دورة كرة بقرية دمسنا في إيتاي البارود …