ما بعد رمضان!

madha-ba3d-ramadan

فيينا : د. محمد الرمادى : — 

حين نخرج من شهر القرآن المجيد؛ وينتهي شهر الذكر الحكيم؛ ونختم المصحف الشريف في شهر رمضان؛ شهر قراءة القرآن وشهر تمني الغفران شهر الصيام وشهر القيام.. نكون قد اتممنا قراءة المصحف الشريف؛ أو انتهينا من سماع آيات الذكر الحكيم.. وهذه القراءة إما سماعاً بتدبر أو قراءة بخشوع وتفكر.. تعطي المسلم الواعي لمراد خالقه والفاهم والمتدبر لآيات رازقه تعطيه قدراً كافياً من مداومة العبادة والإلتزام بالطاعة وتعطيه كماً وافياً من الإلتجاء إلى خالقه فالإستجابة لأوامره والبعد عن نواهيه؛ كما تعطيه قوى متعددة من التسلح والحصانة والوقاية من همزات شياطين الإنس والجان؛ ليصبح إنساناً جديداً ولد بمولد بزوغ هلال شهر شوال؛ الشهر الذي يلي رمضان.. فبين إمتناع عن ما هو حلال طوال آحدى عشرة شهراً من طعام لذيذ وشراب طيب ومزاوجة المرأة الصالحة والزوج الرجل -بمعنى الرجولة وليس فقط بمعنى الذكورة-؛ بين امتناع عن حلال من طعام وشراب وبين رغبة في قيام الليل وهو مندوب وبين ممانعة من الحديث في أعراض الناس وممانعة عن القال والقيل وممانعة عن الحسد والغيبة والنميمة نبدء حياة جديدة.. هنا يظهر معنى المصطلح الإسلامي «لعلكم تتقون» الذي جاء في عجز آية الصيام من سورة البقرة.. إذ أن دروس الصيام ليس فقط المنع عن طعام حلال شهي؛ والتوقف عن شرب ماء زلال في كل حين خاصة في نهار صيف قائظ .. نهار طويل.. وإتيان النساء ومعاشرة الرجال في أي وقت تشاء.. بل دروس الصيام تربية نفسية روحية بدنية عقلية خُلقية إدراكية فهمية.. فيتحقق من الإمتناع عن الطعام إدراك أن الرازق الواهب المعطي أمر أمراً فيه صلاح لنا فندرك وجوده الحتمي فهو إله واحد أحد فرد صمد ليس له زوجة وليس له ولد؛ وهنا تتمكن عقيدة التوحيد من القلوب وترسخ في العقول؛ ويطمئن الفؤاد أن الرازق والمعطي هو الله تعالى -ذكره وجل قدره-.. وأنه هو المانع.. الصيام عبادة بدنية . عبادة جسدية بيد أنه تحرك مشاعر المؤمن الدفينة بين جنبات صدره لتؤكد على أن العاطي -سبحانه وتعالى- هو المانع -بقدرته ورحمته- فيتأكد الإيمان بالقضاء والقدر.. ويعلم الإنسان أن أركان الإسلام وحدة متجانسة بين قلب وعقل وفؤاد ومهجة.. وروح ونفس.. فتبدء بالتوحيد وتنتهي بالتوحيد.. توحيد الإله سبحانه وتعالى والإيمان برسوله؛ «اشهد أن لا إله إلا الله.. واشهد أن محمدا رسول الله» لتنتهي بالتوحيد حين تزور البيت الحرام حاجاً فتلمس الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل مع ولده إسماعيل ابن هاجر القبطية(المصرية)عليهم السلام وعلى رسولنا الصلاة والسلام؛ فتصلي خلف المقام؛ ثم تذهب لجبل عرفات حيت تعارف الإنسان الأول آدم بزوجه أمنا حواء -حسب بعد الأقوال-؛ ثم تذهب تشد الرحال إلى مسجد رسول الله في زيارة لتصلي بين بيته ومنبره.. فكما قال :”ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة”.. ثم تعود ليس فقط حاملا لقب «الحاج» فلان أو «الحاجة» فلانة بل كيوم ولدتك أمك.. ثم تبدء رحلة جديدة بين الصلاة والصيام والزكاة.. هكذا يرتبط المسلم؛ المؤمن؛ المحسن .. هكذا يرتبط بربه وبنبيه وبأركان إسلامه..

8 شوال 1438~02. 07. 2017

 

شاهد أيضاً

بالفيديو – “طن لحم وطن دجاج ونصف طن أرز” في إفطار حي المطرية الشعبي بالقاهرة

وسط أجواء عمتها البهجة والسعادة، نظم سكان حي المطرية بشرق القاهرة، حفل إفطارهم الجماعي للعام …