عظمة على عظمة لكن فى السعودية.. الأوبرا المصرية تحيي حفلاتها في السعودية لأول مرة

Songen-In-SoudiaArabia

 

في مدخل مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، عُلقت صور لنجوم الطرب المصري الأصيل، كان عبد الحليم حافظ ومحمد فوزي يُطلّان على الجمهور الوافد بكثافة نساء ورجالاً؛ لحضور حفل الأوبرا المصرية، التي انتقلت لأول مرة بعناصرها بالكامل وفقراتها المعتادة إلى السعودية يومي الأربعاء والخميس 25 و26 أبريل/نيسان 2018.

الساعة الثامنة مساء وعلى وقع كلمات “تحيا مصر… تحيا مصر” التي ردّدها الحضور، انطلقت أغنيات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، اضافة إلى أغنيات نجاة الصغيرة وشادية.

تراقَص الجمهور وتمايَل مع كلمات ولحن وموسيقى “القلب يحب مرة مايحبش مرتين”، كما استرسل في التصفيق مع وصلات أغنية “لا العاشق مرتاح ولا الخالي مرتاح”، وأغنية “حاجة غريبة”، في حين انطلقت عبارات الثناء بعفوية من الجمهور السعودي “نعم للتغيير”، في إشارة إلى تأييدهم سياسة الانفتاح التي ينتهجها ولي العهد. أما الجمهور المصري، خاصة من السيدات، فقد كنان يكرر عبارة “عظَمة على عظَمة” مع كل وصلة غنائية.

سعداء بالحفل

خلال حفل الافتتاح كانت القاعة مؤثّثة بتفاصيل مصرية متنوعة؛ فتيات الاستقبال بلباس فرعوني، وصور لفنانين وممثلين طبعوا تاريخ الفن المصري.

المشرف العام على مركز الملك فهد الثقافي، محمد السيف، أوضح أن الحفل الموسيقي للأوبرا المصرية في العاصمة الرياض يوثّق للعلاقات السعودية-المصرية، والتنسيق الثقافي والفني بين البلدين “سيكون بمتناول الجميع، وحضوره سيُتاح مجاناً أمام الجماهير السعودية والعربية وكل متذوقي الموسيقى الكلاسيكية المصرية”.

في الافتتاح كانت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم حاضرة بزي سعودي، في تصريح ” اعتبرت الخطوات السريعة التي اتخذتها السعودية  أخيراً ترسم مسارات جديدة في الجانب الثقافي والفني، وجعلها قادرة على “إظهار حضارتها مع أشقائها خاصة مصر، لما يربطهما من علاقات متجذرة تنمو بصورة مستمرة”.

Songen-In-SoudiaArabia1

منال شعبان حضرت الحفل صحبة زوجها أشرف هاشم، كانا سعيدَين؛ لأن أجواء وموسيقى بلدهما جاءت إليهما فلم يعودا بحاجة للسفر. وصفت الحدث بـ”الرائع”، “يجعلني أطير من الفرح وأنا أسمع صوت بلدي في السعودية، خاصة حين سماع الموسيقى الشرقية التي تربينا عليها، ومصر دايماً تنور السعودية”.

أما زوجها أشرف، فقد اعتبر أن الحفل أعاد إليه ذكريات “أوبرا عايدة” والتاريخ الفرعوني وعراقة الأوبرا المصرية، المتنوعة بين الباليه والأوكسترا والسيمفونيات “التي تحقق الاشباع الروحاني عالي المستوى للإنسان”.

متعة للعين والأذن

إلى جانب قاعة العروض، كان هناك جناح لبيع الآلات الموسيقية أطلقوا عليه اسم “شارع محمد علي”، يشرف عليه عبد الرحمن محمد (من مدينة المنصورة)، يبيع العود والشلس والغيتارات، وكلها من الطراز القديم المرتبط بأسماء عمالقة الفن المصري، أسعارها تتراوح بين 300 و500 ريال، وبالقرب منها عرضت الخزائن التي كانت سائدة في حقبة العشرينيات.

هدى الخطيب كانت تتجول بين معروضات الأجنحة سعيدةً كطفلة في قاعة ألعاب، حضرت للاستمتاع بالحفل والأجواء المصرية المصاحبة له، تعتبر تبادل الفن بين مصر والسعودية يعكس “رؤية 2030″، وهذا الحفل سيستمر يومين ليعرِّف السعوديين بالموسيقى الشرقية وعمالقة الفن العربي و”يميزه حضور العوائل بأجواء ترفيهية غير مسبوقة في السعودية”.

بعد الافتتاح، انطلق الحفل مع مقطوعات “يا أعز من عيني”، “آي والله”، “ويلك ويلك”، “إنت الحب”، “كان أجمل يوم”، “مضناك”، “فكروني”، “على قد الشوق”، “موعود”، “زي الهوا”، “يا واحشني”، “شمس الأصيل”، “القلب يعشق”، “تمر حنة”، “أما براوه”، “قارئة الفنجان”.

المايسترو الشاب مصطفى حلمي، وبمشاركة مطربين ومطربات -منهم مي فاروق، وأحمد عفت، ونهاد فتحي، وأحمد عصام، والعازفان وحيد ممدوح (غيتار) وحمادة النجار (بيانو)- ألهب مشاعر 3 آلاف  مُشاهد على خشبة المسرح، فجميع المقاعد كانت مشغولة، إضافة إلى آخرين بقوا في مدخل المسرح يتابعون الحفل وهم وقوف.

الجمهور السعودي الشاب كان يكتشف رزانة الأغنية العربية الكلاسيكية، في حين استعاد الجيل القديم ذكريات شبابه مع أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، حتى إن بعضهم كان يتسابق مع اللحن ليردد كلمات الأغنية، ومن ضمنهم رجل ستيني لم يتوقف عن التمايل طرباً هو وزوجته والتصوير بالهاتف طوال ساعات العرض.

Songen-In-SoudiaArabia2

مطربون وملحنون تناوبوا على خشبة المسرح، ومع كل فقرة كان الجمهور السعودي يتذوق الجديد، بعضهم بدأ بالتصفير والتصفيق والرقص وكأنه يعوض سنوات من عمره لم يكن للفن فيها نصيب، فالكثيرون تربوا على وقع أن الغناء والموسيقى حرام شرعاً، لكن التيار الجديد الباحث عن التغيير، والابتعاد عن الغلو منح الجميع فسحة للتعايش مع الطرب واللحن الأصيل.

جمهور عائلي

لأول مرة يجلس الجمهور في جو عائلي، لم يُفصل كالعادة بين قسمي الرجال والنساء، ما منح الحفل تفاعلاً أُسرياً، وكانت نسبة الرضا عن الأداء غير مسبوقة، مع فنون كانت في الماضي خطاً أحمر.

على الساعة العاشرة مساء، ينطلق الحفل الثاني، وفي الدور الأرضي من مركز الملك فهد الثقافي يعرض راقصون مصريون لوحات فلكلورية بالعصي والجلاليب الصعيدية السوداء والكوفية المصرية، حولهم تحلَّق عشرات المصريين يبثون عبر جوالاتهم الحدث مباشرة، مستسأنسين بوجود مطربي بلدهم على أرض السعودية، فالجالية المصرية هي أكبر جالية عربية تعمل في السعودية بعدد يصل إلى 3 ملايين مقيم.

Songen-In-SoudiaArabia3

ليتحول مركز الملك فهد الثقافي بفضل الأوبرا المصرية إلى بوصلة المصريين في السعودية، بعضهم حضر حتى من خارج مدينة الرياض.. بعد انتهاء العروض وفي لحظات وداع، تسمع كلمات “نشوفكم بكرة”، في إشارة إلى عودتهم اليوم الموالي للاستمتاع بالحفل من جديد.

 

 

شاهد أيضاً

هيئة الإحصاء النمساوية: ارتفاع حالات الفقر في النمسا بسبب الأزمة الاقتصادية

كشفت هيئة الإحصاء النمساوية المركزية اليوم الخميس عن ارتفاع حالات الفقر بين المواطنين بسبب الازمة …