الثانوية العامة … وحلم حياتي الأول

Mostafa-Abu.Darwish

 

فيينا : مصطفي درويش : —

أتي إلي صديقي وكان يحمل في طياته الكثير والكثير . سعدت جدا بمجيئه وبوجوده معي ، فمعا نقضي أحسن الأوقات ونتحدث فيها عن الذكريات مع علم كل منا أنه يتحدث في المقام الأول إلي نفسه ولكن بصوت عال وفي وجود الصديق الحق الذي يعد مرآة صادقة لصديقه . ومن الممكن أن نطلق على هذا الحديث حديث الذكريات

بمناسبة الثانوية العامة والتنسيق في هذه الأيام في مصرنا الحبيبة عاد صديقي بحديثه لماضي كنت حسبته قد ولي ولكنه في حقيقة الأمر ماضيا له جذور عميقة مازالت قائمة بثبات في الأرض الخصبة بالأحداث والموضعات العضال . سألني

صديقي : هلا تتذكر أيام الثانوية العامة ؟ .

أنا : بالتأكيد فهي مرحلة فاصلة في حياة كل شاب وفتاة .

صديقي : وتتذكر أنني كنت الأول على مدرستي ومن أوائل منطقة غرب القاهرة .

أنا : نعم أتذكر فقد كنا ندرس امكانيات الدراسة في الكليات المختلفة ومكتب التنسيق وهو للأسف أمر ليس بالسهل .

صديقي : ولكنك تعلم أن الأمر بالنسبة لي لم يكن صعبا . فأنا كنت من المتفوقين وما كنت أحلم سوي بالإلتحاق بكلية السياحة والفنادق وكان مجموعي يؤهلني لذلك بسهولة . فقد كان حلم حياتي أن أعمل مرشدا سياحيا وأن يكون عندي يومأ ما شركة سياحة

أنا : آه ياصديقي ، نعم مازلت أتذكر كل شيء ، فهي أشياء لا تنسي .

صديقي : ولكن بهذه الكلية كان هناك ما يسمي بالمقابلة الشخصية .، يزعمون أنهم من خلال هذه المقابلة يقررون عما إذا كان الطالب مؤهل لهذا العمل أم لا .

أنا : ولماذا تقول أنهم يزعمون ، أليس الأمر كذلك ؟

صديقي : لا يا صديقي ليس الأمر كذلك . ما كان الامر سوي صوريآ من أجل التحقق من أصحاب الوسطاء الذين هم مؤهلون ليس بسبب مؤهلاتهم الشخصية أو فكرهم وتطلعاتهم ولكن بسبب الحسب والنسب والحظوة.

أنا : أعلم ذلك ، ولذلك لم أذهب إلى هذه الكلية خوفآ من تلقي صدمة أنا في غني عنها . ولكنك عنيد وذهبت!

صديقي : نعم ذهبت وليتني لم أذهب . فقد كان الأمر مخيبآ للأمال حيث انتظرنا الساعات الطوال وعند منتصف الليل حيث كنا في شهر رمضان جاء الدور على مجموعتنا وكان الكل مجهد فتحدث الأساتذة كلمات جوفاء وباركوا لنا نجاحنا في الثانوية وتمنوا لنا التوفيق وفي القريب العاجل ستكون النتيجة . بالله عليك نتيجة ماذا؟

أنا : أعلم لم يصيبك التوفيق ودخلت معي كلية الألسن ، وهذا من حسن حظي فكنت أنت وما زالت نعم الصديق والرفيق .

صديقي : بل كنت أنت نعم الصديق الذي أنساني أول كبوة في حياتي . وبعد 4 سنوات ذهبت أنا مرة ثانية إلى كلية السياحة ودخلت مقابلة من أجل الإلتحاق بدبلومة السياحة ولكنهم لم يقبلوني . فعدت في العام الذي يليه وكررت المحاولة وكانت نفس النتيجة .

أنا : طول عمرك صبور ومجاهد يا صديقي !

صديقي : نعم بالأمل أحيا وبالصبر أجاهد من أجل أن أصل إلى حلمي وهذا بلا شك فكر مشروع . هكذا كان فكري البريء في ذلك الوقت بأن من جد وجد ولكل مجتهد نصيب . استعديت لمدة عام كامل من أجل امتحان وزراة السياحة الذي يعقد مرة كل عام . وفي الوقت المحدد تقدمت للإمتحان ونجحت !

أنا : وأصبحت مرشدآ سياحيا وتحقق حلم حياتك .

صديقي : ولكن هذا الأمر تأخر 4 سنوات بالتمام والكمال من عمري ولسبب بسيط جدآ أنه لم تكن لي واسطة رغم تفوقي وحقي المشروع بدخول هذه الكلية . من المسؤول على ضياع 4 سنوات من عمري بغير ذنب مني سوي أنني ابذل قصاري جهدي وأتوكل عل الله ؟

أنا : عذرا صديقي ولكن لماذا كل هذا النبش في الماضي ؟

صديقي : كانت نتيجة الثانوية العامة من أيام وسألني بعض أحبتي عن رغباتهم في الكليات التي يريدون أن يلتحقون بها فأشفقت عليهم وتذكرتي ثانويتي وتمنيت لهم التوفيق .

ومر الوقت سريعا ولم نشعر به على الإطلاق حيث كان الحديث ذو شجون ومشاعر فياضة . تمنيت لو طال الوقت خاصة وان صديقي ما زال لديه الكثير والكثير ليرويه . ولكنه طمني ووعدني بزيارة لاحقة ينوي فيها أن يحكي لي عن ثاني أحلام حياته . كم أنا مشتاق لسماع هذا الحلم ولكن علي أن أنتظر حتي يأتي هذا اللقاء . فإلي اللقاء يا صديقي .

فيينا : مصطفي درويش

 

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …