فرانكفورت – بالفيديو تركى يدفع حياته ثمناّ لشجاعته أنقذ مُشرَّداً من أمام القطار ثم مات

شارك مئات الأشخاص، بعد صلاة الجمعة، أمام جامع وسط مدينة هاناو قرب فرانكفورت، في تشييع جثمان شاب ألماني- تركي قضى في حادث قطار في ألمانيا ، عندما استجاب لفطرته السليمة وحاول إنقاذ رجل ساقط على سكة قطار ضواحي بمدينة فرانكفورت الألمانية، عصر يوم الثلاثاء الماضي.

بعد مغادرة مختبر أجرى فيه تدريباً عملياً في الكيمياء ذلك اليوم.

أراد مصطفى سوزن (17 عاماً) العودة إلى مدينته هاناو بالقطار، عندما شاهد مع شخص آخر مشرَّداً كازاخيّاً مخموراً على سكة القطار، فنزلا إلى السكة ليحاولا إنقاذه من القطار القادم.

لكن ما لم يكونا يدركانه أن القطار سيدهسهم جميعاً، فأودى بحياة مصطفى الذي كان ظهره للقطار.

وأصاب الكازاخستاني بجراح بليغة، لكنه اجتاز مرحلة الخطر، فيما أصيب الشخص الآخر الذي قيل إنه كان مُشرداً أيضاً بجراح طفيفة، لأنه استطاع القفز إلى جسر السكة في اللحظة الأخيرة.

وكان من المقرر نقل جثمان المتوفى أمس الجمعة إلى تركيا من مطار كولونيا لكي يدفن في موطن والديه

عائلته حزينة وغاضبة

وذكرت صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» أن عائلة الشاب -التي أمِلت في البداية ألا يكون الخبر المنتشر على الإنترنت عن وفاة شاب دهسه قطار يخص ابنها الذي تأخّر في العودة للمنزل- ليست حزينة عليه فقط، بل غاضبة، لأن البعض التقط صوراً ومقاطع فيديو لجثة ابنهم ونشرها على الإنترنت، دون أن يتدخل أحد ويمنع تصويره في مكان الحادث، بالإضافة إلى أن هناك من هاجموه وحمّلوه مسؤولية ما جرى له.

وبيَّنت الصحيفة أن العائلة مستاءة أيضاً لأنها تُركت لفترة طويلة دون أن توضح لهم السلطات أن الأمر يتعلق بابنهم.

وحتى عندما اتصلت والدته وخالته بالشرطة رفضت الأخيرة تقديم معلومات عنه. كما عبَّرت خالته عن صدمة العائلة من تأخر وصول سيارة الإسعاف لنجدة الأم، التي انهارت لدى إخبارها من قبل الشرطة بأن ابنها قضى في الحادث.

وقال أحد أقارب الضحية، سيرهات أيهان، على هامش التشييع لتلفزيون «هيسشر روندفونك» إن ما يهمهم جداً أن يُنظر للأمر على أنه شجاعة مدنية، وأن توضع لوحة تذكارية عنه مثلاً.

ووُصف الشاب في عدد كبير من تعليقات شبكات التواصل الاجتماعي بـ «البطل»، وعبَّر الكثيرون عن حزنهم العميق وتعاطفهم مع عائلته.

وذكرت خالة مصطفى أنه كان قد وضع خططاً لمستقبله، إذ كان يريد إتمام دراسة الكيمياء والعمل في ذات المجال.

كما أن عائلته كانت ستُهديه سيارةً في عيد ميلاده الثامن عشر، خلال شهر يناير/كانون الثاني 2019.

محطة القطار خالية من جهاز إنذار

وبعد هذه الحادثة المأساوية، بدأ نقاش حول عدم وجود أجهزة إنذار وكاميرات مراقبة في محطة قطارات «أوستندشتراسه»، مما يساعد في تنبيه الركاب قبل وصول القطارات، وتنبيه سائقي القطارات إذا ما كانت هناك حالات طارئة أو خطرة في المحطة. وكان سائق القطار ومعه اثنان من الركاب قد عانوا من صدمة نفسية شديدة في إثر الحادث.

وكبديل لأجهزة الإنذار، كانت شركة «دويتشه بان» الحكومية للقطارات قد اكتفت بوضع تحذيرات تمنع النزول لسكة القطار، والاتصال على رقم الطوارئ العام إذا ما استلزم الأمر.

لكن رابطة المسافرين «برو باهن» شكَّكت في جدوى الاتصال برقم الطوارئ العام، الذي سيقوم بدوره بالتواصل مع مكتب الحالات الطارئة بشركة «دويتشه بان»، واصفة إياه بالإجراء الطويل غير النافع، لاسيما خلال أوقات الذروة، التي تشهد وصول المركبات بشكل متتالٍ للمحطة.

وأشار تقرير لتلفزيون «هيسه روندفونك» إلى أن الحل الأكثر أماناً هو فصل السكك عن أرصفة القطار بحائط زجاجي، كما هي الحال في مطار فرانكفورت أو دبي، لكن هذا الحل مكلّف مادياً.

وعبّر ياسين كورت، عم الضحية، عن عدم تفهُّمه لعدم وجود كاميرات مراقبة أو نظام أمان أو طوارئ، وذكر أنه لو وُجدت مثل هذه الوسائل لكان من الممكن أن يكون مصطفى على قيد الحياة.

وعلى عكس محطات قطارات الضواحي، التي راح مصطفى ضحية لإحداها، تحتوي محطات مترو الأنفاق على أجهزة توقف طارئ.

ويحذر بيرند كوناردس، أحد موظفي الشركة المشغلة للمترو من النزول إلى السكة، حتى في حال سقوط أحدهم، لأن ذلك قد يحول المنقذ إلى ضحية، ناصحاً باستخدام أجهزة التوقف الطارئ الموجودة داخل كل محطة مترو أنفاق، حيث تتحول إشارة الدخول للمحطة إلى اللون الأحمر، مانعة دخول المركبات إلى أن تتم عملية الإنقاذ.

مجلس الأجانب سيقترح منحه وسام الاستحقاق الاتحادي

ذكر موقع «هيسنشاو» العام، أن ممثلي بلدية هاناو ومجلس الأجانب قدّموا واجب العزاء لعائلة مصطفى يوم الخميس، وأعلنت مدينة هاناو وضعَ كتاب تعزية له في البلدية، بدءاً من بعد ظهر يوم الإثنين.

كما أعلن مجلس الأجانب في المدينة نيّته اقتراح منح مصطفى وسام الاستحقاق الاتحادي بعد وفاته، بالإضافة إلى تسمية إحدى الساحات في مدينته وبطولة كرة قدم محلية باسمه.

وعبر بيتر فيلدمان، رئيس بلدية فرانكفورت على صفحته في موقع فيسبوك، عن صدمته حيال الحادثة المأساوية، مبيناً أنه رغم عدم اتضاح الظروف المحيطة بالمأساة بشكل كامل بعد، فإن ما هو مؤكد لديه أن مثل هذه الشجاعة المدنية، وهذه الدرجة من الإيثار ليستا أمراً معتاداً.

وينبغي أن يتم تقديرهما، مشيراً إلى أنه سيعمل على أن يُصنع تذكار يلائم عمل الشاب البطولي، وعبَّر عن تعازيه لعائلة الضحية، الذي قال إنه سيلتقيها في أقرب وقت ممكن.

وكانت القنصلية التركية في فرانكفورت قد عزّت على حسابها بموقع تويتر عائلة مصطفى، ونشرت صورته.

شاهد أيضاً

بالفيديو – “طن لحم وطن دجاج ونصف طن أرز” في إفطار حي المطرية الشعبي بالقاهرة

وسط أجواء عمتها البهجة والسعادة، نظم سكان حي المطرية بشرق القاهرة، حفل إفطارهم الجماعي للعام …