قصص مدرسية – استاذ ، هل الذهاب للديسكو حلال أم حرام ؟ جزء 4

ترجمة مصطفى درويش

 

كتب : مصطفي درويش

في ذلك اليوم كانت لدي حصة تربية دينية بإحدي مدارس التقنية النمساوية المتعددة . وتلاميذ هذا الفصل الدراسي كانوا قد أمضوا معي على الأقل عامين أو ثلاثة أعوام بالمدرسة الإعدادية ، وهو ما يعني أنني أعرفهم وهم يعرفوني جيدآ . وكانت حصة اليوم من الحصص التي أطلق عليها أنا أسم ” القلب والحوار المفتوح ” ويقصد بهذا أننا نتحاور في هذه الحصة حوارآ من القلب بلا قيود وبلا تحضير ولكن بأن نقول كل ما يشغل فكرنا من موضوعات وقضايا خاصة من حياتنا الذاتية .

والحدير بالذكر أن هذه المرحلة العمرية هي مرحلة تحديد الإتجاهات والبحث عن الشخصية والذات ، ويكون التلاميذ فيها في أشد الحاجة إلى الحوار وليس إلى التلقين وفرض المعطيات . وفي هذه الحصة دار هذا الحوار بيني وبين أحد التلاميذ وجاء فيه :

التلميذ : استاذ ، هل الذهاب الي الديسكو حلال أم حرام ؟

الاستاذ : هذا سؤال طيب ، ولكن ألم نتعلم فصل الحلال والحرام ، وعلمنا أن بين الحلال والحرام توجد أحكام اخري مثل الواجب والمكروه والمباح ؟

التلميذ : نعم يا استاذ تعلمنا كل هذا ، ولكن سؤالي واضح : هل الذهاب إلى الديسكو حلال أم حرام ؟

الاستاذ : إذآ اشرح لي ماذا يفعل المرء في الديسكو كي أستطيع أن اجاوبك ؟

التلميذ : ” متعجيأ ” ، أتريد أن تقول لي يا استاذ أنك في هذا العمر ولا تعرف ماذا يفعل المرء في الديسكو ؟ ألم تذهب أنت نفسك ذات يوم إلى الديسكو ؟

الاستاذ : عندك حق ، أولآ لم أذهب إلى الديسكو منذ حوالي 30 عامآ ، ونظرآ لأن كل شيء قابل للتغيير ، فمن الممكن أن يكون الديسكو على زمانكم غير الديسكو علي زماننا ، ولذلك كان سؤالي . ألا تريد أن تجيبني ؟

التلميذ : “على مضض” طيب اسأل وأنا أجيبك .

الاستاذ : ماذا تشرب في الديسكو ؟

التلميذ : اشرب مياة معدنية

الاستاذ : ويجب علي أن اصدقك ؟

التلميذ : استاذ ، اطمنك أنا لا اشرب الخمر ، وممكن أشرب مياة معدنية أوكولا أوعصير برتقال أو تفاح

الاستاذ : ” متعجبآ ” وماذا عن موقف الآخرين منك حينما تتناول هذه المشروبات ؟

التلميذ : هذا أمر لا يهمني !

الاستاذ : كلام طيب جدا ، وماذا بعد الشرب ؟ أتظل جالسآ في مكانك ؟

التلميذ : لأ طبعا . الهدف الرئيسي من الذهاب للديسكو هو الرقص ؟

الاستاذ : الرقص ، شيء جميل جدا ، أنا عن نفسي كنت أري الرقص على انه نوعآ من الرياضة . ولكن عندي سؤال أخير ؟

التلميذ : أطرحه يا استاذ

الاستاذ : أثناء الرقص أين تذهب يداك ؟

التلميذ : هو فيه ايه يا استاذ ، سؤالك غريب جدا ، أنا عايزيك تعرف يا استاذ أنني لا أفعل أي فعل خارج أو فاضح ، وأرقص كما يرقص الجميع ووفقآ لما هو معروف ومألوف .

الاستاذ : تسمح لي أن ألخص لك ما فهمت ؟ أنت تريد أن تذهب إلى الديسكو في عطلة نهاية الأسبوع وذلك بعد عناء الدراسة والمذاكرة . وهناك لا تشرب كحوليات ، ورقصك في حدود الآداب المشروعة في هذا المكان.

التلميذ : ” وقد نفذ صبره ” تمام ، نعم لقد فهمتني تمامآ ، فما هي إجابتك ؟

الاستاذ : إذا كان الأمر هكذا فأنا لا أري مانعآ من ذهابك إلى الديسكو ، ولكن في المرة القادمة عليك أن تأخذ أختك معك .

التلميذ : ” وكاد الحوار أن يتحول إلى شجار ” ، ماذا تقول ! أختي لا تذهب إلى الديسكو وعليها واجبات منزلية مع والدتها وهي لا تخرج من البيت سوي للمدرسة .

إن نظرتنا للجنسين للأسف الشديد ليست على قدر المساواة . ومازالت التربية المنزلية تدلل الولد على حساب البنت . فإذا كان الذهاب إلى الديسكو حلالآ فهو للجنسين حلال وإن كان غير ذلك فهو أيضا للجنسين كذلك. فبناءآ على هذا الحوار لابد أن يغير أولياء الأمور من أسلوب التربية بين الأولاد فالجميع سواء أمام رب العباد والحقوق والواجبات على الجنسين سواء .

 

مصطفي درويش                                                                فيينا : 11.03.2017

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …