العرب على حافة المسرح العبثي

النمسا – جراتس – عبد العزيز الشرقاوي —-

من المؤكد أننا كشعوب عربية نسعد ونفرح كثيرآ بأي تقارب عربي مهما كان حجمه وأسبابه وعلي جميع المستويات؛

وما نعيشه من أجواء تصالحية الآن بين السعودية وقطر ومعهما الإمارات والبحرين ومصر،تُسعدنا وتفرحنا جميعآ كعرب لأن كل عربي شريف لا يريد ولايتمني إلا الخير لأمته ولوطنه الكبير وهذا بديهي!

ولكن وبعيداً عن كل ما حدث من قطيعة وحصار إقتصادي خانق إستمر أكثر من 3 سنوات لشعب عربي سواءاً كان طرفاً فيما حدث أو لا ؟ أو معه الحق أوجانبه الصواب فيما كان.فهذا له تقييم ومأخذ آخر ولكن كل مايعنينا هناوبنظرة أخري وبعيدة عن كل هذه الأمور المستجدة ننظر لما هو أبعد وأعمق بكثير من مجرد تصالح بعد قطيعة.أو لرفع لحصار بعد إختناق لشعب عربي مسلم هو في الأساس لادخل له فبما يقره حكامه.

نبحث بعمق في هذا الأمر علّ هناك مخرجآ يعيد كل الأمور الي نصابها بميزان العقل والمنطق في منطقتنا العربية.

مسرح العبث

فلو نظرنا إلى المسرح العبثي بكل مايحمله الوصف من معني، والذي لا يحكمه أي ضوابط أو محددات؛

سنجد أننا كعرب بداخل هذا المسرح العبثي نلعب فيه دور البطولة المطلق ونسيطر عليه ونهيمن عليه بكل إحكام واقتدار،،

فليس عندنا ضابط ولا معيار ولا مقياس نقيس عليه أي شيئ؛ فكل شيئ يخضع عند – أُمتي – إلي لا شيئ ولنا نظرة ضيقة جداً لكافة الأمور؛ فإذا أردنا السير سرنا عكس الإتجاه وحتي إذا أجدنا السباحة- فرضآ – فإننا نسبح ليس مع التيار أو ضده ولكننا نسبح في إتجاه من يريد لنا الغرق.!! ولا تسأل لماذا؟

لأنك لو سألت كمواطن عربي سؤالاً بسيطاً ومشروعاً فستدخل عالماً فسيحآ من المتناقضات الشديدة والمواقف المتباينة التي يحكمها العبث، واللا معقول.

والتي ولابد ان نرضخ لها نحن الشعوب المتفرجة التي لا تملك من أمر نفسها شيئآ ولاتملك حتي المشاركة الهامشية في المشهد، بل هي دائمآ في موضع الكومبارس الذي هو مجبر علي المشاركة الصورية فقط وبدون دفع الأجر له !!

ولا يمتلك هذا الكومبارس الشعبوي غير أيادي جُعلت فقط للتصفيق وليست للتثقيف؛في محيط هادر من متناقضات شاسعة لايسع المقام ولا المقال لذكرها،فمنطقتي تستفيق من كارثة علي كارثة أخري أكبر وأخطر وتنظر إلي الكوارث التي تحيق بها بنوع من النشوة والإستمتاع لكثرتها وتنوعها حتي وصلنا لمرحلة مرَضيةومزمنة فإذا لم نجد عدوآ صريحآ لنا في – فترة معينة خارجة من حساب الزمن- تفننا في أن نخلق من أنفسنا عدوآ أصيلآ لنا فنعادي بعضنا بعضآ اشد العداء لموقف أو لكلمه عابره أو لتبني موقف مناهض،أونبحث عن ثأر قديم قد طمر في ثنايا التاريخ فنبحث عنه بكل همة ونشاط لتأجيج مشاعر الكراهية والعداء فيما بيننا ونبث روح الإنتقام لكي نقتص لثأرنا القديم بكل حمية وجسارة! في حين أننا ننظر وبكل سماحه ورحمة لأعداء لنا صرحاء قتّلوا فينا تقتيلاً وعاثوا فينا على مر عقود طويلة تشريدا وتعذيبا وأغوروا في صدورنا السم الزعاف ونحن غير عابئين بهم بل نتقرب ونتودد اليهم.؟

إذاً فنحن أمام مسرح عبثي قاتم لا يجدي معه ديكوراً بألوانه الزاهية ولا بملابسه الرثه التي أحضرناها من ملابس الغرب البالية لنقنع أنفسنا أو نخادعها بأننا علي مسافة واحدة من هذا الغرب اللعوب.بمجرد إرتداء أثماله الرثة.

هنا وفي هذه المنطقة الجغرافية التي حيرت العالم لا يجب أن تسأل أو تستفسر عن حقيقة أي شيء وما هو ماهيته.؟

ماذا تمثل لنا الثروة

لقد أعطي الله بعضاً منا الثروة الطائلة فجعلتنا مطمعآ للعالم بأسره لأننا لم نستطع توظيف هذه الثروة لصالحنا بل العكس؛ إستخدمناها ضد بعضنا البعض لذا كنا مصدر طمع للجميع من كبير ومن صغير؛ ولو أتيحت لأصغر قبائل افريقيا أن توغر صدورنا بنهب هذه الثروة وسرقتها لفعلوا؛ولكن القائم علي الحراسة هي القوي الكبري بالعالم!!!

فجعلت هذه القوي الكبري المنطقة بأكملها ملكية خاصة لها تمرمغت فيها نهباً وتدميراً وتخريباً.. ونحن سعداء بأنهم وظفوا منا وكلاء بالنيابة عنهم يقدمون لهم الأيدي العاملة التي تنفذ وبالحرف الواحد ما تؤمر به. من نزع الثروات بطريقة رحيمة تحت دعوي مضحكة بإسم الحماية واعمال الحراسة.

ولانعرف بالضبط ماهو الضابط الذهني والعقلي والمنطقي الذي يحكمنا في كل مايحدث وأصبح المسرح العبثي بأجمعه يعلم بأننا في مأزق تاريخي حقيقي وتيه حضاري منفلت إلا نحن.؟

فلا نعلم إي شيء عمانحن فيه.؟ لم نلاحظ ولا نعلم حتي الآن أن نعمة الثروة التي أعطاها الله لبعض منا بدلناها لسوء تصرف منا لنقمة شديدة فكانت وبالاً علي الأمة جمعاء

الجزار الرحيم

حينما إستقطب واستغل ثروتنا سارق الخراف الذي يجهر بحمل سكينه ليجهز علينا كضحية بارعة في الإستسلام والخنوع،

هنا قرر الجزار أن لا يذبح ضحيته مرة واحدة ولكن علي مراحل متتابعة لينفذ أجندته الخاصة بالإستفادة من كل شي في وقت وظرف معين حتي ولو استمر الذبح عقودآ واستمرت زفرات الألم اجيالآ وراء أجيال عبر مزيد من سكب البنزين علي النار كلما خبتت النار وهدأت فيما بيننا أوقدوها من جديد وهكذا وهكذا الي ان وصلنا الي الرجاء لطلب الذبح الرحيم

. وارتضينا أن تكون كل الوجوه بلا أقنعه وان يرينا كل الذابحون انفسهم بلا مواربة وأن نشاهد حتي نصل سكاكينهم الحادة البراقة.. ونحن لانملك حتي حرية الفرار.. فنحن كنا السبب والضحية في وقت واحد.

لقد أجهزوا علينا فعليآ منذ زمن بعيد ونحن الآن نمشي بأشباحنا بعدما فقدنا كل شيئ فأخذوا منا حرية القرار.. وحرية الحركة وحرية التصرف في حاضرنا وتركوا لنا اشباحآ انيقة لا تملك سوي العصا الغليظة لكي يضربوا بها كل من يتمرد علي كل هذا التيهفي كل الإتجاهات.

ولكن ستأتي لحظة الإستيقاظ مهما تأخر كثيرآ وقت النوم فلابد في وقت ما أن يهدم هذا المسرح العبثي البغيض بكل مكوناته.. وان ندرك اننا في مفترق وجودي خطير لا ينفع معه ثروة او اموال لأن القضية ساعتها ستكون قضية وجود والخاسر فيها سيخرج حتمآ من مشهد الحياة.

ولكن كلنا أمل أن تخرج أمتنا التي كانت عظيمة من كبوتها وتعرف قدرها المحتوم إذا أيقنت رسالتها وعرفت مصدر عزتها و مجدها فالأمل قائم وستتغير اصول اللعبة برمتها عاجلآ أو آجلآ ونتمني أن يكون لنا مكان في اللعبة القادمة بعدما نستشعر فعلياً مكمن قوتنا وعزنا التي كانت.. وستكون بإذن الله

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …