الأربعاء , 24 أبريل 2024

من الملكة فيكتوريا وحتى الأميرة ديانا – تعرف على قصة ولع نساء القصور الأوروبية برجال الشرق

إنَّ إقامة بعض نساء القصور في أوروبا علاقات غير شرعية ليس تحديداً هي أكثر ما يُغضب الدوائر الملكية عبر العصور، ولكن أكثر ما يُغضبهم أن تكون هذه العلاقات -سواء شرعية أو غير شرعية- مع رجال غير بيض، لا سيما لو كانوا من أصول إفريقية أو شرقية أو مسلمة.

من الملكة فيكتوريا إلى الأميرة ديانا، تتحدى بعض النساء الملكيات أشد الأعراف ترسخاً بتعلُّقهن برجال سُمر، آباؤهم قادمون من الشرق.

علاقات جمعت نساء ملكيات برجال الشرق

كان خادم الملكة فيكتوريا المسلم الهندي عبدالكريم، أكثر من يؤرق سدنة البلاط البريطاني في ذروة قوة الإمبراطورية.

عبدالكريم، الذي يشكل موضوع فيلم ستيفن فريرز الجديد “Victoria & Abdul”، لم يكن الخوف من مكانته عند الملكة نابعاً من كونه أجنبياً عن الإمبراطورية ومن شريحةٍ دنيا من الطبقة الوسطى، أو أنه أصغر منها سناً؛ بل الأمر الصادم للمحيطين بالملكة أنه “هندي”، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

فقد انتهكت هذه العلاقة المُحرَّمات الفيكتورية للعرق والطبقة؛ لهذا كرهت الأسرة والعائلة المَلِكيّة عبدالكريم، وأرادوا أن يخرجوه من القصر.

ولا يخلو أي نقاشٍ حول المَلكيَّة من هوسٍ بنقاء الدم وتوارث السلطة والجينات. وحتى وقتٍ قريب، كان على آباء العرائس ذوات الأصول المَلِكيَّة أن يقسموا على عذرية بناتهم، وعندما تغيَّر القانون في عام 2013؛ إذ أصبح للنساء الحق في وراثة العرش تماماً كالرجال، دار نقاشٌ حول ما إذا كان ينبغي منح الأطفال المُتبنّين؛ بل حتى أولئك الذين جاؤوا من خلال التلقيح الاصطناعي، تلك الحقوق.

من أين جاء الدم الأزرق؟

ودائماً ما يأتي الهوس بالعائلات والدم في مفاهيم تعكس فوقية عنصرية. فعبارة “الدم الأزرق” -التي تُستَخدَم الآن للإشارة إلى العائلات المَلَكيَّة- تأتي من اللغة الإسبانية (sangre azul – دم أزرق)، والتي تشير إلى الشخص الشاحب ذي البشرة التي يظهر منها زرقة الأوردة، وهو ما يُميّز أفراد العائلة المَلكيَّة عن كلٍّ من الفلاحين العاملين بالحقل ممن لوَّحت الشمس وجوههم، والسكان ذوي ألوان البشرة المختلفة وهم في ازدياد بين سكان المجتمع الأوروبي.

مُعلم أم عشيق؟

لا يختلف هذا الجدل كثيراً عما دار منذ أكثر من 130 عاماً في الدولة ذاتها.

ففي عام 1887، أُرسِلَ اثنان من الخدم الهنود، وقد كان عبدالكريم أحدهما، إلى طاولة الملكة فيكتوريا في اليوبيل الذهبي لحكمها.

كانت الملكة قد بلغت الـ68 عاماً، فيما كان هو لا يزال في الـ24 من عمره. فُتِنَت فيكتوريا بفكرة كونها إمبراطورةً للهند -وهي البلد الذي لم تره من قبلُ- وقد زاد افتتانها بعدما حكى لها عبدالكريم قصصاً عن الهند.

وسرعان ما أصبح معلمها الخاص، أو “المونشي”، وهي الكلمة التي أطلقتها عليه الملكة، ولها أصولٌ فارسية، لكنها مُستخدَمة في اللغة الهندية. وقد كتبت عن ذلك قائلةً: “أتعلَّم بضع كلمات الهندستانية بمساعدة الشاب عبدالكريم. إنه مدرسٌ صارمٌ جداً ورجلٌ مثالي”.

لطالما فضَّلَت فيكتوريا أن يكون المقربون إليها ذكوراً، فقد أُطلِقَت عليها أسماء مثل “السيدة ملبورن”، و”السيدة ديسرايلي”، وهما اسمان يعودان إلى رئيسين للوزراء، وأُطلِقا عليها نظراً إلى اعتمادها عليهما، كما أُطلِق عليها أيضاً فيما بعد “السيدة الهندية”.

وقد توفي زوجها الأمير ألبرت قبل 26 عاماً من ذلك، كما توفي خادمها السابق، جون براون، في عام 1883. وشَغَل عبدالكريم مساحةً في حياتها، لكنه انتُقِدَ وهوجِمَ بقوة، الأمر الذي لم يحدث قط مع براون.

بالنسبة للفيكتوريين، تعلَّق الزواج بالجنس والسلطة، وقد بدا لهم أن فيكتوريا كانت تابعة لعبدالكريم، ورغم أنها قد تخطت سن الإنجاب منذ فترة طويلة، وصل ذلك الرجل الهندي مع الملكة لأوضاع حميمية، وقد كانت تلك بمثابة صدمة لبلاط القصر الفيكتوري.

أصول منحطة

بحلول عام 1894، كان عبدالكريم دائم الحضور في حفلات الاستقبال الملكي؛ إذ حصل على منصب “السكرتير الهندي لجلالة الملكة”. وقد حاول القصر فعل كل شيء لتهجيره، معلناً أن والده كان عطَّاراً وليس جراحاً كما ادعى عبدالكريم، فذلك المستوى “المنحط” لا يؤهله لأن يكون سكرتيراً.

وكتبت فيكتوريا قائلةً: “إن محاولة إلحاق أصول منحطة بالمونشي لهو أمرٌ بشعٌ حقاً”.

ورفضت الملكة الاستماع، وأعطته 3 منازل، كما أحضرت زوجته الهندية للعيش معه في القصر. ووصفت الملكة نفسها بأنها “أمُّهُ المُحبة”، وزارته في غرفة نومه عندما كان مريضاً، كما نشرت صوراً لهما معاً.

وحَدَثَ أن تراجعت في عام 1897 عن قرارِ منحه لقب “فارس”، فقط بعدما قيل لها إن الناس يعتقدون أنها مجنونة، وكان ذلك هو العام الذي وافق اليوبيل الماسي لها. ولكن بعد وفاتها، عاد عبدالكريم مرةً أخرى إلى الهند وفقاً لأوامر الملك الجديد إدوارد السابع، بعد إجباره على التخلي عن جميع الرسائل والتذكارات التي أعطتها له الملكة.

تسبب هاجس نقاء الدم المُسيطر على العائلات المَلكيّة في جَعْل فكرة زواج أي من أفرادها بمن هو أجنبي عنها وعن لون بشرتها -من هو ليس أبيض- فكرة مستحيلة التصديق والهضم للصحافة والجمهور.

باكستاني ثم مصري

غالباً ما تنحصر اختيارات الزواج المحتملة لأفراد الأُسَر المَلكيّة في دوائر صغيرة من نفس الطبقة والدين والإثنية.

والطريف أنه تم الاحتفاء بزوج ديانا سبنسر، وهي ابنة عائلة أرستقراطية بارزة، بكونها “أول شخص عامي” يتزوج وريثاً للمُلك منذ 1659.

وبعد طلاقها، وعندما واعدت الأميرة أولاً الجرَّاح حسنات خان ذا الأصول الباكستانية ثم المصري دودي فايد من بعده، هاجت وماجت هستيريا الصحافة العنصرية، حسب “الغارديان”.

إخفاء ابنة القزم الإفريقي

يُعتبر دمُ الشخض غير الأبيض في أي عائلة مَلكيَّة فضيحةً كبرى. في عام 1664، خرجت ابنة لويس الرابع عشر الثانية، ماري آن، من رحم أمها مبكراً فراجت الشائعات بأنها طفلة سوداء، فربما كان الأب هو القزم الإفريقي، نابو، الخاص بالملكة.

لكن شهادات الشهود أفادت بأنها ليست سوداء، ولكنها “داكنة جداً”، وربما كان السبب أن ذلك اللون الأرجواني هو دليل على نقص الأكسجين الذي يُعانيه الأطفال الخُدَّج، وقد كانت الطفلة هزيلة البنيان وسرعان ما تُوفيت بعد فترةٍ قصيرة من الولادة.

لكن الفكرة القائلة بأن الملك قد أخفاها بعيداً كانت هي الأكثر إثارة؛ إذ إنها بدت بهذا الشكل كسِرٍّ صادم. ليس فقط لأن ذلك سيبرهن على عدم وفاء الملكة، ولكن أيضاً لأنه سيعني أنها قد عاشرت رجلاً أسود.

أول ملكة سوداء لبريطانيا.. هل هي مغربية؟!

وهناك أيضاً الملكة شارلوت، الزوجة الألمانية لملك بريطانيا “المجنون” جورج الثالث وأم أطفاله الـ15.

يجادل المُؤرِّخ والمنتج التلفزيوني ماريوس فالديز كوكوم بأنها أوَّل ملكة سوداء لبريطانيا؛ إذ إنها انحدرت من عائلة برتغالية نبيلة، وانحدرت تلك العائلة بدورها من ملكٍ بالقرن الثالث عشر وعشيقته مادراجانا، التي يُشتبه في كونها بربرية (سكان المغرب العربي).

وقال مُعلِّقون بالقرن الثامن عشر إن تلك العشيقة كانت لها ملامح “زنجية”، كما أعلن طبيب مَلكي أنه كان لها “وجه مائل للسُمرة”. وإن كان فالديز على حق، فسيُثبَت أن للعائلة المَلكيَّة البريطانية أصولاً سوداء، بما في ذلك الملكة فيكتوريا وكل العائلة الحالية.

إلا أن المؤرخين ليسوا على يقين من عِرق مادراجانا (فقد تكون مُستعربة أو إيبيرية مسيحية)، وقد تكون التعليقات جاءت في توافق عنصري وبشع بين كونها “سوداء” و”قبيحة” (إذ لطالما اشتُهرت بكونها ليست جذابة) منذ القرن الثامن عشر إلى الآن.

400 عام تقف أمام أول امرأة نبيلة سوداء

وبالمثل، عندما أنتجت ديزني عام 2009 فيلماً يحكي قصة أميرة سوداء، تيانا، وهو فيلم “الأميرة والضفدع”- كان هناك تنديدٌ بأنها ليست “أميرةً حقيقية”. فالأميرات، كما يتراءى لهم، يجب أن يكنَّ شاحبات وذوات أعين زرقاوات وجميلات، وأي أميرة تخالف تلك المعايير ليست أميرةً حقيقية.

عندما ظهرت إيما ماكيستون، المهتمة بالكتابة عن الأطعمة، على غلاف مجلة تاتلر كـ”أول امرأة نبيلة سوداء في بريطانيا” بزواجها بفايكاونت ويموث، وهو وريث قصر لونغليت المَلكي إحدى أهم الملكيات الأرستقراطية في بريطانيا- قال العريس إن رد فعل والدته جاء كالتالي: “هل أنت على دراية تامة بما تفعله بإرث سلالتك ذات الـ400 عام؟”.

وبلغ استياء الأم إلى حد عدم دعوتها لحفل الزفاف بين ابنها وبين زوجته النيجيرية البريطانية؛ إذ إن والدها هو عملاق الزيت النيجيري لادي جيسيمي، حسب موقع the voice.

وحدثت ردود فعل عنصرية مماثلة عقب زواج الأمير ماكسيميليان، وهو الابن الثاني للأمير الحاكم لإمارة ليختنشتاين، بمصممة الأزياء النيويوركية أنجيلا براون في عام 2000 والتي تتربَّع، هي وابنها الأمير ألفونسو، حالياً على قمة قائمة الأعضاء السود في السلالات الحاكمة بأوروبا.

 

شاهد أيضاً

تسمم غامض يصيب ستة أشخاص من عائلة واحدة في سالزبورغ

تم نقل ستة أشخاص، تتراوح أعمارهم بين 3 و72 عامًا، إلى المستشفى، مساء أمس الاثنين، …