الأساطير المروية عن المدن المنسية – 7مدن طواها الزمن اختفت من على وجه الأرض؟

هناك حضارات دُمرت، ولم يتبقَّ منها سوى أطلال تحكي عن تاريخ غير مكتمل، كما تكشف لنا كتب التاريخ أيضاً أسرار حضارات اختفت ولم يُعثر عليها فكان مصيرها أن أصبحت أساطير محيرة، أصبح بعضها مادة ملهمة للأدباء والعلماء، وفي هذا التقرير نعرفكم على الأساطير المروية عن المدن المنسية والمكتشفة حديثاً.

هناك حضارات عديدة عرفناها جميعاً ونشأنا على أساطيرها؛ مثل حضارة بلاد الرافدين، والحضارة الفرعونية والصينية واليونانية؛ إذ مثلت هذه الحضارات الأساس لبداية العمران والتمدن الإنساني.

كما ساعدتنا دراستها على فهم التاريخ فهماً دقيقاً، واستنتاج أساسيات الحياة الاجتماعية والسياسية والعلمية والاقتصادية، مما جعلنا قادرين على مواصلة التقدم الإنساني في العالم الأجمع.

على الجانب الآخر، هناك حضارات دُمرت، ولم يتبقَّ منها سوى أطلال تحكي عن تاريخ غير مكتمل، كما تكشف لنا كتب التاريخ أيضاً أسرار حضارات اختفت ولم يُعثر عليها فكان مصيرها أن أصبحت أساطير محيرة، أصبح بعضها مادة ملهمة للأدباء والعلماء، وفي هذا التقرير نعرفكم على الأساطير المروية عن المدن المنسية والمكتشفة حديثاً:

الأساطير المروية عن المدن المنسية

1- بورت رويال

كانت مدينة “بورت رويال”، الواقعة في جامايكا، تعدُّ منذ أكثر من 4 قرون أغنى مدن العالم وأيضاً أكثرها فساداً.

واكتسبت أهميتها من كونها أهم موانئ جامايكا، ومقر البحرية الملكية في منطقة البحر الكاريبي، إلى جانب أن موقعها الجغرافي على الساحل الجنوبي لجامايكا جعلها موطناً مفضَّلاً للقراصنة.

انتشرت في “بورت رويال” بيوت الدعارة، وانغمس القراصنة في الملذات وشرب الخمور، لدرجة أن بعضهم كان ينفق أكثر من 2000 قطعة نقدية في الليلة الواحدة، ما حول الكثير منهم إلى متسولين بعد أن خسروا ثرواتهم على تلك الملذات.

ظلت “بورت رويال” قائمة حتى عام 1692، عندما ضربها زلزال شديد أعقبه فيضان فانزلق جزء كبير من المدينة في البحر؛ بسبب التكوينات الرملية غير المستقرة للجزيرة، مما أسفر عن مقتل الآلاف، ولم يتبقَّ منها الآن سوى قرية صغيرة تعمل بمهنة الصيد، ويبلغ عدد سكانها نحو 2000 نسمة، إلى جانب بعض الآثار المتبقية.

اعتقد علماء الدين أن ما حدث كان رداً إلهياً على فُحش سكان المدينة وسوء أخلاقهم، وعلى الرغم من أنها تقع على بُعد عدة أمتار تحت سطح الماء، فإنها لا تزال مرئية، وبجانبها بعض السفن الغارقة.

2- أطلانتس

لم تُذكر هذه المدينة اليوتيوبية سوى في كتابات أفلاطون ولم يُثبت وجودها عملياً حتى الآن، حكى فيها عن حديث جده طولون معه عن رحلته إلى مصر واستماعه إلى الأشعار والقصص التي تناقلها الكهنة والشعراء والصيادون فى مصر وحديثهم عن القارة الأطلسية التي حكمت العالم.

ذكر أفلاطون أنها نشأت قبل نحو 9000 سنة من زمنه في منطقة مضيق جبل طارق بمحاذاة مدخل البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل إسبانيا، أسسها حاكم نصفه إله والآخر إنسان، جعل منها قوة بحرية ضخمة، وكانت أطلانتس عبارة عن مجموعة جزر تفصلها خنادق واسعة متصلة بقناة تتوغل إلى مركز المدينة، كانت أبرزها الجزيرة الخضراء التي احتوت على ثروات من الذهب والفضة ومعادن أخرى ثمينة.

كما أن الحياة البرية للجزيرة كانت غاية في الندرة والجمال، وكان شعبها من أرقى الشعوب وأعظمها، لكن في نهاية زمانهم تغيروا إلى الأسوأ؛ فانتشر بينهم الطمع وطغت مصالحهم الشخصية على العامة، وانتشر الفساد بينهم، فغضبت الآلهة وعاقبتهم بأن أرسلت عليهم في إحدى الليالي نيراناً وزلازل أغرقت المدينة في المحيط ولم يُعثر لها على أثر قط.

استحوذت أطلانتس على خيال الفلاسفة والمفكرين على مر الزمن، وألهمت خيال الكثيرين من الكتاب ومنتجي الأفلام في صناعة عدد ضخم من أفلام الخيال العلمي التي تدور حولها، وقام الكثيرون بالمغامرات من أجل البحث عن المدينة التي تتمتع بجمال طبيعي وثروة كبيرة.

ذهب بعض العلماء إلى أن أطلانتس ربما تكون أكثر من مجرد أسطورة ابتدعها أفلاطون؛ إذ إن هذه المنطقة الجغرافية قد تعرضت بالفعل للدمار نتيجة الفيضانات بين عامي 800 و500 قبل الميلاد، ومنهم من اعتقد أنها جزيرة “سانتوريني” اليونانية التي قامت عليها قديماً إمبراطورية شبيهة بتلك التي ذكرها أفلاطون، خصوصاً أن هذه الجزيرة دمرها انفجار بركاني منذ نحو 3600 عام، بينما أكد البعض الآخر أن أفلاطون تحدث عنها فقط ليشرح نظرياته عن اليوتوبيا، لكن تظل معظم هذه النظريات لم تؤكدها أدلة علمية قوية، لذلك تبقى أطلانتس لغزاً محيراً لم يُحل حتى اليوم.

3- مدينة بومبي

تعتبر بومبي واحدة من أغرب المدن التي اكتُشفت بعد اختفائها أكثر من قرن، وهي مدينة رومانية كانت تقع على سفح جبل بركان “فيزوف” في إيطاليا، وقديماً كانت تعد من أغنى مدن إيطاليا وأكثرها تحضراً وتميزاً، عمل سكانها بالزراعة والتجارة وتميزت بنظام حكم ديمقراطي.

عُرف عن شعبها حبه للمجون وكثرة الاحتفالات وإقامة مسابقات مصارعة ومسرحيات، لكن هذا لم يدم طويلاً، ففي عام 79م ثار بركان “فيزوف” ثوراناً هائلاً مدمراً حتى طمر المدينة بالرماد والصخور، وسبق النشاط البركاني ظهور العديد من الإشارات على حدوثه تجاهلها بعض الأهالي، فيما هرب بعضهم الآخر من المدينة.

بدأ البركان بالثوران محدثاً سحباً متصاعدة من الدخان غطت الشمس وحولت النهار إلى ظلامٍ دامس، وهبط الرماد فوق الأرض وغمر المدينة بأكملها فتحجرت بكل ما فيها، لتظل أراضيها مفقودة حتى اكتُشفت عام 1748، واكتُشف معها طابع المدينة وحياة الغنى والترف ومظاهر حضارة الإمبراطورية الرومانية المختلفة من عمارة وحياة اجتماعية.

كما وُجدت حفريات بشرية لأشخاص ماتوا على أوضاعهم التي كانوا عليها، يُقال إن ما حدث لسكان بومبي لعنة أصابتهم بسبب إسرافهم وعبادتهم النار، واضطهاد المسيحيين وتعذيبهم وقتلهم، وممارسة الفحشاء والرذيلة.

4- ماتشو بيتشو

بناها شعب الإنكا في بيرو منذ أكثر من 5 قرون، وتقع على بعد 80 ميلاً من “كوزكو” عاصمة الإمبراطورية في بيرو، جعلها موقعها الاستراتيجي الهام الملاذ الآمن للأرستقراطيين من الأنكا؛ إذ تحيط بها منحدرات حادة ونهر “أوروبامبا”، وغابة متشابكة أخفتها عن الأنظار.

كانت قلعة “ماتشو بيتشو” مبنيّة بمدخل واحد ضيق؛ تحسباً لأي هجوم مفاجئ، مما يجعل من الصعب اختراقها، وهجرها شعب الإنكا عندما غزا الإسبان بيرو في القرن السادس عشر، ولم يستطع أحد العثور عليها؛ نظراً لأن مساراتها كانت محظورة على من لا ينتمي إلى الإنكا.

واكتُشفت بالصدفة بواسطة المستكشف الأمريكي “هيرام بينغهام” عام 1911، عندما كان يتسلق جداراً جبلياً ليبحث عن مدينة أخرى تُدعى “فيلكابامبا”، ليكتشف هذه المدينة المخبأة وسط السحاب بتنظيمها وبنائها البديع.

التراث الحضاري والموقع الاستراتيجي لمدينة “ماتشو بيتشو”، يجعلانها تبدو كمكان لإقامة الاحتفالات أو معقل عسكري؛ إذ بُنيت بشكل منظم، فكانت تحتوي على شوارع صغيرة مرتبة، وبنايات وقصور، وقنوات صرف لمياه الأمطار، وساحات عامة ومعابد أظهرت براعة شعبها في التنظيم الإداري والنظام الزراعي.

العجيب، أن المدينة بأكملها بُنيت من أحجار الغرانيت الأبيض كبيرة الحجم، والمتراصّة بعضها فوق بعض من دون أي أدوات تثبيت، مما يدل على إبداع شعب الإنكا في الهندسة المعمارية، وعلى الرغم من الشواهد التي تدل على حضارة عظيمة، فإن هذا الشعب لم يعرف الكتابة، لذا لا يوجد أي سجل تاريخي يحكي قصة هذه المدينة بدقة.

5- طروادة

كتب “هوميروس” في القرن الثامن ملحمته المشهورة “الإلياذة” التي تحدث فيها عن طروادة وحرب العشر سنوات التي دارت بينها وبين اليونان في القرن الثامن قبل الميلاد؛ بسبب هروب “هيلين” زوجة الملك اليوناني “مينلاوس” مع الأمير الطروادي “باريس”، وقيادة “أخيل” جيوش اليونان حتى نجحت في اختراق طروادة واحتلالها.

أكد معظم العلماء صحة الوقائع التي وردت في “الإلياذة” وأن مدينة طروادة كانت حقيقية، إلى جانب الحرب التي خاضتها المدينة ضد اليونان، ولكن ما يُعتقد أنه ليس صحيحاً ولا يوجد أدلة على صحته هو وجود “أخيل” أو “هيلين”.

تقع طروادة حالياً في منطقة الأناضول شمال غربي تركيا، وفي عام 1870 نقب المغامر الألماني “هاينريش شليمان”، عن مدينة طروادة الحقيقية فاكتشف وجود 9 مدن في المنطقة نفسها بُنيت بعضها فوق بعض، كل منها في زمن مختلف، كانت المدينة الأولى عبارة عن قلعة تحيط بها عدة بيوت وسور ضخم يلف المدينة بأكملها.

حرص “شليمان” على اكتشاف الكنوز الأسطورية لطروادة، فنقب عنها حتى وجدها كامنة في المدينة الثانية، واعتقد أنها تنتمي إلى عصر “هيلين”، ولكن اتضح أن تلك الكنوز أقدم بـ1000 سنة من الزمن الذي وصفه “هوميروس”، لذا يرجح العلماء أن طروادة المذكورة في ملحمة “الإلياذة” هي المدينة السادسة أو السابعة.

6- أنغكور

تقع مدينة أنغكور في أعماق غابات “سيم ريب” شمال كمبوديا، وتميزت بالإبداع في التصميم المعماري والهندسي، الذي يظهر في أبراجها العالية الأنيقة الحجرية، ومن أشهر مبانيها معبد “أنغكور وات” الذي استغرق بناؤه 30 عاماً، كما تظهر البراعة الهندسية في الخنادق المائية التي صُممت لتكون بمثابة محاكاة للمحيطات المحيطة بجبل ميرو موطن الآلهة الهندوسية.

تعد أنغكور، إلى جانب كونها مدينة حجرية، مدينة مائية تضم نظاماً هائلاً من القنوات الاصطناعية والسدود والخزانات، واستُخدمت هذه الأعمال الفنية الضخمة لغرض عملي؛ وهو تسخير مياه النهر ومياه الأمطار الغزيرة لأغراض الشرب والري؛ إذ كانت أنغكور مدينة زراعية تزدهر بزراعة الأرز.

تخلى حكام المدينة عنها؛ بسبب التغير المناخي لها الذي أدى إلى انهيار النظام المائي، فاختلت البنية التحتية للمدينة، خاصة بعد تعرضها لسلسلة من الرياح الموسمية والفيضانات المدمرة التي أدت في النهاية إلى إضعاف مركزها، وعلى الرغم من انهيار مجدها، ظلت “أنغكور” مقصداً للحجاج البوذيين الذين قصدوها من أنحاء جنوب شرقي آسيا وما وراءها.

7- يوناجوني

عثر أحد الغطاسين في عام 1986 على هياكل رأسية بأعماق المحيط الهادئ قبالة سواحل جزيرة “يوناجوني جيما” اليابانية، شملت أهراماً متجانسة على شكل مدرجات يبلغ طول أكبرها نحو 25 متراً، بالإضافة إلى أنقاض قلعة و5 معابد، ترتبط بها طرق وقنوات مائية، ومحمية جزئياً بجدران ضخمة.

يُعتقد أن هذه الهياكل تشكل أطلال مدينة قديمة غارقة منذ آلاف السنين عمرها 5000 سنة على الأقل، وذلك بناءً على تحليل الرواسب الكلسية التي وُجدت داخل كهوفها تحت الماء، كما عُثر على أنقاض هياكل أخرى مماثلة غارقة في الساحل القريب لـ”يوناجوني”، تحتوي على تكوينات فحم يعود زمنها إلى ما قبل 1600 سنة، وهي إشارة محتملة إلى حياة بشرية قديمة في هذا المكان.

البعض يعتقد أن هذه الهياكل من صنع الطبيعة، ولكن علماء الآثار وجدوا بعد بحث استمر 15 سنة، أشكالاً محفورة على الجدران تشير إلى حيوانات بدائية وبشر، مما يدل على قيام حضارة آسيوية قديمة ربما غرقت بفعل الزلازل والحركات التكتونية، والتي ينتج عنها في الغالب فيضانات مثل تسونامي، خاصة أن التكوينات الأرضية لليابان تجعلها عرضة لمثل هذه الكوارث الطبيعية

عربى بوست

 

شاهد أيضاً

الاحتلال سيبلغ مصر مسبقاً بشأن اجتياح رفح.. صحيفة: لمّح لموعد التوغل البري، وسيبدأ بعمليات “نوعية” تمهّد لذلك

كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، الأربعاء 27 مارس 2024، أن الاحتلال الإسرائيلي لوّح بالتوغل البري في …