كاتب إسرائيلي: إصلاح ترامب لسياسة أمريكا يبدأ من مصر

sisi-tramp

 

قال رئيس التحرير التنفيذي السابق لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية آموتز آسا إيل إن التراجع الناتج عن دبلوماسية الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوشك أن ينتهي.

وأضاف الكاتب في مقال بموقع ماركت ووتش الأمريكي أن تعهدات الرئيس المنتخب دونالد ترامب بشأن قضايا أخرى في السياسة الخارجية، تتراوح من اتفاقات التجارة والتعريفات حتى المكسيك، ستكون أشبه بالكارثة إذا ما نفذت وأن من المأمول تجميدها.

لكن مقولته “أصبحنا مادة للضحك في أنحاء العالم” صحيحة ومن المرجح أن تجري معالجتها. وقال إن الوضع العالمي المتضائل لواشنطن واضح من أوكرانيا حتى الصين لكن المكان الذي ظهر فيه هذا الإتجاه أول مرة ويمكن الآن عكسه هو الشرق الأوسط، وفي قلبه مصر، حسبما أورد موقع “أصوات مصرية”.

السياسة الأمريكية أصبحت مادة للضحك لأنها بدلا من مبدأ تيودور روزفلت “تحدث بنعومة واحمل عصا كبيرة” استخدمت “تحدث بصوت عال ولا تحمل عصا”. وبدأ الاحتفاء بكثرة الكلام في ربيع 2009 حين ألقى أوباما كلمة في القاهرة بعنوان رنان يقول “بداية جديدة”.

واقتبس في كلمته آيات من القرآن، واعتذر لإيران عن دور واشنطن في انقلاب 1953 وانتقد قرارات حظر أوروبية لحجاب النساء، وامتدح قيمة الحرية السياسية، وأعلن سعي أمريكا للانسجام مع العالم الإسلامي. وأشار إلى أن شائعات في إسرائيل زعمت في ذلك اليوم أن أوباما وصل إلى القاهرة مع التزام إسرائيلي بتجميد الاستيطان مقابل موافقة سعودية على السماح لشركة طيران العال بالتحليق فوق الجزيرة العربية.

وخلال بضعة أيام، اتضح أنه لم يسع أحد لمثل هذا الاتفاق ناهيك عن إبرامه فعليا. وأصبح واضحا للجميع الآن أن الخطبة لم يكن الهدف منها كشف خطة وإنما كانت هي ذاتها الخطة.

وقال الكاتب إنه في الأسبوع التالي أظهر ملالي إيران ما حققوه من موقف أوباما حين سرقوا انتخابات كانوا خسروها، وسجنوا –بحصانة من العقاب- الآلاف من المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية.

وتتضاءل هذه الأحداث بالمقارنة مع ما حدث في مصر بعد عام ونصف العام. وبعدما شاهد أوباما عبر التلفزيون مليون متظاهر في وسط القاهرة، غسل يديه من حسني مبارك، أكثر الحلفاء العرب خبرة واخلاصا لأمريكا، وهي معاملة لم تبد منه تجاه ايران، العدو القديم لأمريكا، في ظروف مشابهة.

وزادت الحيرة حين طلبت واشنطن من مصر ما لن تطلبه من السعودية الأكثر استبدادا. وقال إن الجهل بما تتعامل معه أمريكا في الشرق الأوسط أصبح واضحا في يوليو 2013 حين أطاح الجيش بالاسلاميين المنتخبين الذين خلفوا مبارك بعد خلعه وكانوا على وشك فرض دستور اسلامي سلطوي.

وفي الشهر التالي وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري استعمال الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية بأنه “دعارة أخلاقية” يجب المحاسبة عنها. لكن لم تحدث محاسبة.

ومع إدراك موسكو أن أمريكا فقدت العصا الكبيرة، خدعت واشنطن باتفاق مريب لنزع السلاح كان أساسه أن يبقى الأسد دون عقاب، وأن يبقى سلاح الجو السوري سليما، وأن يستمر ذبح الشعب السوري دون هوادة، بل إنه زاد في الحقيقة. وبعد ثلاثة أشهر، أصبح ما بدأ كضرر لصورة أمريكا وانتكاسة لقيمها لطمة لمصالحها مع ظهور وزيري دفاع وخارجية روسيا في القاهرة ليخطفا أكبر دولة عربية من الحضن الأمريكي بعد 40 عاما من خروج أنور السادات من مدار موسكو.

ورأى الروس أن أمريكا أصبحت ضعيفة ويمكن انتهاك مواقعها الأمامية. وبالتالي فما بدأ بصفقة قيمتها 3.5 مليار دولار لإمداد مصر بأسلحة روسية سرعان ما أصبح التزاما روسيا ببناء أول محطة نووية في مصر.

وأثارت سياسة التخلي عن العصا حالة تسيب دولية وخلقت فراغات جيوسياسية. وبعدما خدعت أمريكا في سوريا عام 2013، مضت روسيا قدما في 2014 لتضم شبه جزيرة القرم.

وبعد شهرين غرست الصين منصة حفر قرب جزر باراسيل مما أثار مواجهات مع سفن فيتنامية. وبدأت السفن الصينية الآن استفزاز كوريا الجنوبية والفلبين واليابان. وفي نفس الوقت، جعل ترخيص القتل الفعلي من واشنطن الأسد يكثف حربه على شعبه.

وزعزع النزوح الجماعي التالي للمهاجرين استقرار أوروبا ومعها النظام الدولي بالكامل.  ويدرك الجميع الآن أن التكلفة للمصالح الأمريكية ملموسة وهائلة. إن فقدان خوف العالم ليس كارثة بالضرورة حتى إذا ساعد في تغذية القلق وتتويج ترامب رئيسا.

فرغم ذلك تعتبر الفوضى سببا جيدا لاستعادة النظام الذي تقوده أمريكا بعدما تفكك. والمكان الذي يجب أن يبدأ منه ذلك الجهد هو مصر.

ويشهد اقتصاد مصر حالة فوضى مع وجود 26 في المئة من سكانها البالغ عددهم 90 مليون نسمة تحت خط الفقر وانهيار السياحة بسبب الإرهاب.

وبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي بخفض جريء لدعم الوقود ثم مضى قدما لتوسيع قناة السويس، واطلاق خطة طموحة للإسكان ذي الأسعار المعقولة تتكلف 40 مليار دولار.

ولم يكن ذلك كافيا. فاحتياطي العملات الأجنبية يصل بشق الأنفس إلى نصف مستواه عشية الإطاحة بحسني مبارك، ويتجاوز التضخم 14 في المئة، وتبلغ البطالة 12.7 في المئة، وعجز الميزانية يعادل تقريبا عشر الناتج المحلي الاجمالي، والنقص المفاجيء في السلع الأساسية أصبح متكررا مثلما حدث للتو مع السكر.

ويؤكد كل ذلك تحول مصر من سلة خبز عالمية إلى أكبر مستورد للحبوب في العالم، وهو فشل مذهل في السياسات أثاره فشل اصلاحات الأراضي في القرن الماضي، وفشل حالي في التحول إلى التصنيع.

ولقي تعويم الجنيه الأسبوع الماضي إشادة ومهد طريق الحكومة للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. لكن هذه الأدوية تعالج الأعراض لاقتصاد يحتاج بشدة إلى عملية جراحية.

وهذه هي النقطة التي يمكن لأمريكا بقيادة ترامب أن تتدخل فيها. يمكن لأمريكا أن توازن روح المغامرة العسكرية الروسية باعادة هندسة الاقتصاد المصري.

يمكن للولايات المتحدة أن تقود تنمية زراعية ذات تمويل خاص على امتداد النيل، وتنمية صناعية خارج المدن المصرية، وثورة تعليمية في تلك المدن.

ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد مصر على مضاعفة انتاجها الزراعي مثلما فعلت الثورة الخضراء في الهند في الستينات.

ويمكن أن تساعد على نشر مئات مصانع كثيفة العمالة في مصر مما يخلق للبلاد الوظائف التي تفتقر إليها، وأن تساعد في تقليص القطاع العام المتضخم.

ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد في بناء مستشفيات جديدة وجامعات ومدارس فنية تفتقدها مصر بشدة ولن يقدمها اصدقاؤها الجدد الروس.

وستساعد مصر التي يعاد تأهيلها اقتصاديا على استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط وستستعيد أمريكا التي تعيد تركيز دبلوماسيتها احترامها وتعود لقيادة العالم.

 

شاهد أيضاً

فيينا – رجل يضرب جارته ويحاول إشعال النار في جسدها

حاول رجل يبلغ من العمر 49 عاما، صباح يوم الخميس، قتل جارته البالغة من العمر …