تنبؤات جلال أمين عن أحوال أم الدنيا “مصر” بعد 30 سنة !

Galal-Amin-Buch

 

”إما أن تخطط لنفسك أو أن تخضع لخطة غيرك” هكذا نخرج بقراءة كتاب “العالم عام 2050” أحدث عنوان للمفكر المصري البارز د. جلال أمين، وقد استلهم مؤشرات النهضة من الماضي والحاضر ليرسم سيناريوهات مستقبل مصر والعالم العربي .

يبسط “أمين” تاريخ العالم خلال قرنين ونظرياته الاقتصادية، مقسما كتابه لفصول تتناول التفكير في المستقبل وحاجتنا للتخطيط ومفاهيم الرأسمالية والعدالة الاجتماعية والروح القومية والديمقراطية الغائبة. والكتاب أصدرته دار “الكرمة” وسبق أن نُشرت بعض أجزاء منه ضمن كتاب “مستقبليات” عن دار الهلال 2004 .

عام 2050 يمكن أن يكون تعدادنا 130 مليونا، يعيشون على نفس الرقعة المكانية ! هل يمكن تصور الوضع لولا تخطيط حقيقي من الآن ؟ إن الكاتب يرى أن مصر بيدها النهوض لو منحت الفرصة للمجتمع المدني واستهدفت خططا قومية كالنهوض بالتعليم ليكون على رأس الأولويات وتحالفت مع الدول الصاعدة وغيرها من السبل الممكنة.

وفي المستقبل يمكن أن يقل انخداع البشرية بالإعلانات الاستهلاكية، وسيقل تأثير الاقتصاد على اندلاع الحروب. وستكون أزمة الشباب ليس في تراجع مستوى المعيشة بقدر ثورة التطلعات التي فرضها عصر الاستهلاك.

لكن الأكثر خطورة أن عالمنا ومصر في قلبه سيعاني شعوبه من فقدان الهوية تدريجيا، وهي إحدى أخطر تبعات العولمة التي تفرض نماذج الدول القوية على الشعوب ، والجزائر مثال لما يمكن أن يفعله الاستعمار بلغة وثقافة شعب.

إن مصدر تشاؤم العرب عادة ينبع من نظرتهم إلى أمريكا وكأنها تنفرد بحكم العالم، بينما الواقع يؤكد أنه بإمكاننا التعامل معها بندية غدا بالنظر لاقتصادياتها المائلة للاستهلاك، تفسخها المجتمعي على مستوى الأسري مع تزايد العنف لا يرجح قيادتها للعالم ، في الوقت الذي تعيش أوروبا حالة ازدهار نسبي لكنه صعب الاستمرار بسبب تراجع نسبة الشباب بمعدلات السكان. بالطبع لا يقصد الكاتب توقف نهضتنا على هبوط الغرب، وإنما التأكيد على أن قوى العالم اليوم ليست هي بالتأكيد غدا .

وتاريخ العالم القديم والحديث يدلنا على أن من الممكن جدا لأي أمة مهما قابلت من مصاعب وكوارث أن تنهض من جديد. انظر إلى ألمانيا بعد تقسيمها إلى دولتين بعد الحرب، أو إلى اليابان بعد هزيمتها في الحرب وضربها بالقنابل النووية عند نهاية الحرب.

ومن الصعب التكهن بطبيعة التوازن الدولي الجديد الذي يمكن أن ينشأ نتيجة تدهور المركز النسبي للولايات المتحدة وصعود المركز النسبي للدول الآسيوية (خاصة الصين والهند) وما يعنيه من حلول حضارة جديدة محل حضارة قديمة. ولكن التوازن الجديد تتوقف استفادتنا منه على درجة استعدادنا من الآن، علينا أن نسأل أنفسنا : ماذا فعلنا من أجل تقوية علاقتنا بمراكز النهضة الجديدة في آسيا ؟

تشريح الحالة المصرية

يعيش الإنسان المصري حالة يأس وإحباط شديدين، تخاذل إزاء المطامع الغربية، تواضع شديد في معدلات النمو، عجز عن إشباع بعض الحاجات الأساسية لنسبة كبيرة من السكان، مع استئثار حفنة صغيرة من ذوي النفوذ بمغانم هذا الانفتاح على الخارج . ومع هذا يجب أن نكون قد تعلمنا أن هذا الحال لا يمكن أن يستمر طويلا، وذلك لأسباب لا علاقة لها بصبر المصريين الذي لا ينفد.

المتأمل في فترة التراجع الحاد التي تعيشها مصر عليه ألا يفقد الأمل لسبب بسيط وهو أن تاريخ هذا البلد شهد فترات انتكاسة قوية تبعتها فترة ازدهار عميم، ومنها في الماضي الفترة السابقة لمجيء محمد علي إلى مصر بداية القرن التاسع عشر، ثم الفترة المبهرة لثلاثة عقود حتى رحيله ، ثم فترة تراجع ثم ازدهار مع عهد اسماعيل بداي من 1870 ثم تقدم نسبي رغم الاحتلال الاجنبي حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914 ثم اضطرابات وهكذا ..

لكن جلال أمين يلاحظ أمرا هاما؛ إن أفضل فترات مصر هي التي تسود فيها عالميا درجة معقولة من توازن القوى ؛ فمصر مستهدفة بسبب ثقلها في العالم العربي، سكانيا وثقافيا. والعالم العربي أصلا مستهدف بسبب البترول وإسرائيل. وأطماع الدول الكبرى لا يمكن تحييدها إلا بأطماع دول كبرى أخرى.

الكاتب هنا لا يقلل من أهمية الثورات وجهود المصريين للتحرر من الاستعمار ، ولكن التاريخ مثلا يؤكد أن أن الذي ساعد على نجاح ثورة يوليو هو التأييد الأمريكي، فقد كان الجيش الإنجليزي متمركزا على قناة السويس ولم يكن هناك ما يدفعه للرضوخ للمصريين. ثم كان الضغط الدولي من جديد عاملا أرغم الانجليز والفرنسيين والإسرائيليين على الانسحاب بعد اعتداء 1956 والذي أضاع استقلال مصر في 1967 هو عصر الوفاق بين الأمريكيين والسوفييت. وهو ما أدى بدوره لسيطرة امريكا على مصر في حرب 1973

ومصر لا تزدهر إلا في ظل دولة قوية وعصر الدولة الرخوة يعني الانحطاط . يقول نابليون أنه لا يعرف دولة يعتمد تقدمها على قوة الدولة مثل مصر.

ومن يتابع أوضاع مصر يسهل أن يرى الهوة التي تندفع إليها بسرعة غير مسبوقة وفي كافة المجالات، وعلينا ألا نعول كثيرا على تقارير البنك الدولي والتي عادة تتحدث عن ارتفاع بمعدلات التنمية، في حالة خضوع الدولة لسياسات الإصلاح الهيكلي التي تعد نموذجا للرأسمالية بأسوأ صورها والتي تزيد معاناة الشعوب التي لا تمتلك من القوة لمواجهة السوق بمفردها.

ويلفتنا الكاتب لنقطة بالغة التأثير في نهوض مصر ، وأي دولة، وهي متطلبات السوق العالمية؛ فقد دعم الغرب تجربة محمد علي في مهدها للقضاء على النفوذ العثماني بالشرق، ثم ضربته ضربة قاسمة 1850، وتجربة طلعت حرب ما كان لها أن تنجح في العشرينات لولا مصاحبتها الأزمة الاقتصادية العالمية.

ويقود الحديث عن النهضة إلى أهمية الدافع الإيجابي كي تخطط مصر لمستقبلها؛ كما رأينا بثورة 1919 والتي كنا نعاني خلالها من استعمار أجنبي واستبداد ملكي ومع ذلك جرى وضع الدستور وتمصير الاقتصاد ونشر التنوير بالأدب والفكر، وهو عكس ما جرى مع هزيمة يونيو حين رحنا نفتش عن ماضينا العريق!

إن الفارق بين تجربة عبدالناصر ومن أتوا بعده، ليس أن القارب ظل يسير بناصر في الاتجاه الذي يصبو إليه دائما ببحر الحياة، وإنما لأنه امتلك الإرادة والمعرفة بالطريق فصار أقرب للوصول؛ بينما بدا على من جاءوا بعده وكأنهم أنزلوا الشراع من الأساس واستغنوا عنه ، وتركوا المقادير للغرب يقدرها حسبما شاء!

ومثقفونا عليهم مسئولية جسيمة لدفع الشعوب للتفكير في الغد والتخطيط من الآن ووضع مشروعات الإصلاح، فحينما يزداد الإظلام لابد أن يمتد البصر إلى مسافة أطول. هكذا خططت الحركة الصهيونية لمستقبلها منذ أكثر من مائة عام، وبكل أسف!.

ولن يقوم خلاص مصر على الإنصات لنصائح البنك الدولي بإجراء الإصلاح الهيكلي وهي إجراءات قد ترفع معدلات النمو لنحو 6 بالمائة لكنها تزيد اعتمادنا على الولايات المتحدة (وكذلك إسرائيل) .

ربيعنا .. ومغزى التاريخ

من الأمور الهامة التي يتطرق إليها مؤلف الكتاب، الفارق بين التاريخ ومغزاه؛ فما أكثر الشعارات التي رفعتها ثورات ثم تبين أن مغزاها التاريخ كان مختلفا تماما برغم صدق الثوريين حينها في نواياهم!

ونرى أنه عندما قامت الثورة الفرنسية 1789 فهمها الناس على أنها ثورة من أجل الحرية والإخاء والمساواة، ثم تبين بعد أقل من نصف قرن من قيامها أنها كانت ثورة الطبقة البرجوازية ضد الإقطاع، وسعيهم لتسلم الحكم منهم. وكان هدف الثورة الروسية 1917 اللحاق بالغرب الرأسمالي المتقدم، ببناء المجتمع الصناعي الحديث، وليس فقط بناء المجتمع الاشتراكي وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقدمت الحرب العالمية الأولى للناس على أنها حروب قومية للدفاع عن الوطن، ولكنها ظهرت فيما بعد على حقيقتها كمنافسة بين دول استعمارية على مستعمراتها ومناطق نفوذها.

الأمر نفسه ينطبق على الربيع العربي، وفي الواقع فإن التغيرات العالمية كانت لصالح وقوعه، وهو لا يعني أن الثوار الذين رفعوا شعار الحرية والعدالة والمساواة كانوا متآمرين، لكن العالم المتقدم كان بحاجة لنظام السوق لإطلاق العنان لحصد ثمار تطوره التكنولوجي، وعالمنا العربي لم يكن يطبق نظام السوق بقدر تطبيق نظام “المحاسيب”، وفيه تغلب العلاقات الشخصية والشللية مع أصحاب النفوذ على حساب الربح والخسارة ، كما كان يسود شكل “متخلف” من نظام السوق، ومن أدلة ذلك السعي نحو الخصخصة وتفتيت العالم العربي وهو ما خطط له الغرب وعبرت عنه كلمات كونداليزا رايس ” الفوضى الخلاقة”

سراب الديمقراطية

كان نظام الحكم في ظل الخلافة العثمانية حتى نهاية القرن التاسع عشر أو في عهد محمد علي في مصر، مثالين واضحين للمعوقات الأساسية للديمقراطية : حاكم مستبد، وفقر وجهل شائعان، يجعلان الشعب فريسة سهلة تقبل بالقهر.

ثم اضيف لذلك عوامل مثل وسائل الاعلام التي تضلل الناخبين وتخدع الناس كما فعل ستالين وهتلر وموسوليني من غسيل مخ ، وكما رأينا استخدام أمريكا لبن لادن لضرب السوفيت ثم قيامها بتصفيته وعمل شو إعلامي ضخم يمهد لنهاية أسطورته، في خداع شديد!

ويلاحظ الكاتب أن الاستعمار الاجنبي عاق بدرجة شديدة قيام الديمقراطية بعالمنا، والغريبة أن المصريين مارسوا الديمقراطية برغم كل ذلك منذ دستور 1923 وحتى قيام ثورة يوليو، ثم أصبحت وكأنها السراب !

لم يعد العالم يعتمد على زعامات كاريزمية كتشرشل او ديجول، وصار الرئيس في الدول المتقدمة أشبه بموظف، كما ارتفعت مستويات المعيشة والتعليم، لكننا ظللنا بعيدين عن ذلك بعالمنا العربي مع الأسف.

ويرى الكاتب ان التليفزيون أيضا من اسباب عرقلة الديمقراطية شان وسائل الاتصال الحديثة ، وتلعب الصورة والموسيقى دورا كبيرا بخداع المشاهد فيكون استعداده لتقبل الاكاذيب كبيرا كما يتجه الاعلام لاجتذاب الناس لا إفادتهم وتستغل الاعلانات ميولهم وخاصة الجنسية لزيادة المبيعات وتلعب الشركات الكبرى دورا كبيرا في هذا الصدد . ولهذا فإن كانت القوة تهدد الديمقراطية في الماضي، فإن الخديعة تهددها اليوم وغدا.

القومية العربية

شهدت القومية العربية موجات صعود وهبوط، منذ حملات محمد علي ونجله لضم الشام والجزيرة والسودان المدعومة من أوروبا والتي سرعان ما ضربتها حين تعارضت مع المصلحة الغربية، وما تبعها من شعور قومي عربي ضد الاستبداد العثماني، ودعم بريطانيا للثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين لزحزحة منافسيها ، من ثم الانشغال بالاستقلال الوطني على حساب الوحدة العربية إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية نتيجة التوغل الاستعماري بالعالم العربي، وجاءت ثورة يوليو لتعيد الحلم القديم الذي بدأ بالتحقق عبر اتحاد مصر وسوريا 1958 ثم الانتكاسة التي مني بها حتى يومنا .

لكن في كل الحالات التي حدث فيها نهوض للرابطة العربية، كان لدينا زعيم قوي يلقي بالتجربة على الناس ، وبالتالي لم تكن التجارب وليدة الشارع ولا مؤهلة للصمود في وجه عواصف آتية من الخارج.

لهذا فلا أمل لتحقيق حلم الوحدة بدون تأييد شرائح واسعة من الطبقة الوسطى العربية وما يستلزمه من نشاط للمجتمع المدني، ولحسن حظنا أن التواصل بين أطراف العالم العربي بات أمرا ميسرا في ظل ثورة الاتصالات والتكنولوجيا، لقد كانت “صوت العرب” تعبيء الشعور بالوحدة ونفتقد رغم تقدمنا اليوم ما يدعم هذا الدور.والعامل الآخر هو نمو مصالح تجارية ومالية في كل بلد عربي تحبذ مزيدا من التعاون والتقارب من النوع الذي حفز الحركات القومية في أوروبا في القرنين الماضيين . وعلينا مواجهة حملات التغريب وإنهاء التبعية المقيتة عبر المعونات الخارجية ، ومواجهة طبقات المنتفعين من أجل وحدة عربية حقيقية.

والوحدة العربية ليست رفاهية إذا ما تأملنا ما يحاك بنا من مشروعات للتفتيت تحت شعار “الشرق – أوسطية” وهو مشروع إسرائيلي – أمريكي يهدف للقضاء إلى غير رجعة على مشروع القومية العربية، وإحلال مشروع جديد محله، مركزه إسرائيل.

والغرب يمهد لإسرائيل لتكون مركز التخطيط القومي بالمنطقة العربية بجميع المشكلات كندرة المياه او تسويق المنتجات او حتى تصنيع السلاح!

العدالة الغائبة

مرارا وتكرارا حذر مفكرون بينهم نعوم تشومسكي من قولبة الإنسان المعاصر في قوالب استهلاكية لصالح الشركات العالمية، ولصالح فئة تستأثر بالقرار والثروة.

ومنذ نحو قرن ونصف تنبأ ماركس بسقوط الرأسمالية، وقد كان النظام الرأسمالي بقمة عنفوانه ببريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا. وكانت حجة ماركس في نبوءته أن النظام الرأسمالي يضاعف ثروة الأمم لكنه يولد الفقر المتفاقم إلى جانب الثراء الفاحش، وهذا التناقض بمرور الوقت يولد الانفجار. والغريب أن الثورة جرت بدولة بعيدة نسبيا عن الرأسمالية وهي روسيا!

لكن بمرور الوقت اضطرت الدول الرأسمالية لرعاية حقوق العمال والتدخل لانتشال الاقتصاد من كبوته، وهو ما يغاير نظرية السوق، القائمة على العرض والطلب وحده بعيدا عن الدولة.

ويفند د. جلال أمين ادعاءات روجها بيل إيموت رئيس تحرير مجلة “الإيكونومست” البريطانية ومن أشد المتحمسين للنظام العالمي الحالي بزعامة أمريكا، ويشمل ذلك حتى أكثر سياساتها توحشا بعد 11 سبتمبر، والحملة على المسلمين باسم مواجهة الإرهاب، ومن هذا يؤكد الكاتب أن سياسات الاستعمار الأوروبي المستمرة تحت ستار كقرارات صندوق النقد الدولي ضاعفت الفجوة بين الطبقات، ونعيش بمصر هذه الماساة، ولم ينج إلا عدد محدود من الدول الآسيوية التي لعبت حكوماتها دورا كبيرا للتنمية الاقتصادية.

كما يواجه الكاتب الادعاء بعدم التدخل الأمريكي الحكومي في الاقتصاد، والحقيقة أنها تتدخل كلما احتاجت مصالح رجال الأعمال الكبار أو بتمويل الصناعات الحربية ولإخضاع “الدول المارقة” أو لتسهيل مد أنابيب البترول بين دولة وأخرى ، في حين لا يبالي النظام إزاء معاناة العاديين من سياساته، ومن هنا شهدنا الأزمات المالية الكبرى بعد تزايد الاقتراض والإفلاس.

إن الأنشطة المربحة التي ينتهجها المستثمرون لا علاقة لها بالنفع؛ وتتجه للمضاربات والترفيه، ولهذا فان حجم المعاملات المالية في العالم اليوم 600 تريليون دولار في حين لا تتجاوز السلع 6 تريليون!

ويؤكد الكاتب أن سعي مؤسسات الاقتصاد الدولية أو الأنظمة العربية لوضع يافطات تؤكد مراعاتها البعد الاجتماعي للتنمية مجرد شعارات تصل لأعداد محدودة بالفوائد، حتى لا يسأل أحد عن عدالة توزيع الدخل، وهو نفس ما تفعله الشركات الكبرى حين ترعى أعمالا خيرية أو ترفيهية .

والكاتب لا يدعو بالطبع لتخلي الدولة عن دورها، ولكنه لا يعول على الحكومات بعد أن فشل لا مبالاتها، ويعول على قيادة المشهد من قبل مؤسسات مدنية قوية تجابه الآثار السلبية للرأسمالية، ونمو اتحادات عالمية إنسانية لحماية المستهلكين، على غرار دعوة ماركس “يا عمال العالم اتحدوا”

المستقبل للشارع

في كتابه يؤكد د. جلال أمين أن رخاوة الدولة المصرية هو دوما ما يفتح الطريق لنمو الجمعيات الدينية التي ساهمت بقدر من النشاطات لتوفير المأكل والمسكن والرعاية الصحية التي غابت الدولة عن توفيرها. بل إننا لو عدنا للوراء لوجدنا أن الحركات التعاونية لم تزدهر إلا في ظل انفتاح على الاقتصاد العالمي مع ضعف للدولة القومية ، كما جرى إبان تأسيس أول جامعة مصرية بتبرعات أهلية في الفترة ما بين الاحتلال البريطاني لمصر والحرب العالمية الأولى.

وثقافتنا الإسلامية تحمل تاريخا عريقا لمؤسسات ومباديء بالغة الرقي تسعى للتكافل الاجتماعي ويكفي فكرة الزكاة دليلا على ذلك عبر مؤسستي الزكاة والوقف ، وميدان العمل الأهلي اليوم لن يكون فحسب لصالح العمال وإنما المستهلكين وبدرجة أشد لتوعيتهم من مختلف وسائل الخداع العقلي والنفسي وغسيل المخ لأجل تحويلهم لمادة طيعة بأيدي المنتجين والبائعين

نهاية يقر مؤلف الكتاب، خبير الاقتصاد والاجتماع المصري الأبرز أنه من المفيد ان ننتقل من مناقشة مشكلة الندرة إلى مشكلة الوفرة ومن الجميل الوحدة بين الاقتصاد والاخلاق كما كانت قبل 1500 عام وان تحل النزعة الانسانية محل النزعة القومية دون أن يقضي ذلك كله على التراث الخاص بكل أمة .

هذا المحتوى نقلاّ عن  موقع محيط – بقلم شيماء عيسى

شاهد أيضاً

فيينا – رجل يضرب جارته ويحاول إشعال النار في جسدها

حاول رجل يبلغ من العمر 49 عاما، صباح يوم الخميس، قتل جارته البالغة من العمر …