المهاجرين العرب في النمسا .. بين مطرقة الاندماج وسندان العزلة

من المعروف أن عملية الهجرة والأندماج قضية من أهم القضايا التى حظيت بأهتمام بالغ ، ونقاشا سياسيّا واجتماعيّا ، ليس فقط من قبل النخبة المثقفة، وإنما كذلك من قبل مختلف شرائح ومكونات المجتمع النمساوى ، على تباين درجة وعيه، ومستوى عيشه، حتى أصبح هذا المصطلح على أطراف كل الألسنة ، وعلى كل مواقع التواصل الأجتماعى والفضائيات ومختلف وسائل المديا الأخرى ، ويحضر في معظم الأنشطة الخاصة بالجالية .

وحيث أن وجودنا فى النمسا أنتقل من حالة الاستقرار المؤقت إلى حالة المواطنة والإقامة الدائمة،  فلا بد من عملية تغيير تخص ابناء المجتمع الجديد والمجتمع “الاصلي” على حد سواء،ان كل شخص دخل مجتمع جديد يعرف مدى صعوبة الامر وان كان يتقن لغة ذلك البلد ،اذ لا بد للمرء أن يتعلم لكي يعيش.أما المنتظر من المجتمع الجديد هو الالتزام في القاعده القائله “اذا اردت أن تطاع فاطلب المستطاع”.

يتطلع غالبيتنا الذين ينوون الاقامه في النمسا من حيث الخدمات ومستوى معيشة الفرد، الى طرق تسهيل الاقامه وسبل العيش في المجتمع الجديد واحترام القوانين الساريه والالتزام بها بهدف الاندماج في  المجتمع وتمتع كل فرد بحقوقه وواجباته، لبعث روح الطمانينه والاحترام  في نفوس افراد المجتمع المضيف لتسهيل عملية قبولهم أعضاء جدد في صفوفه ، وإلى مجتمع متعدد الثقافات يستند إلى الاحترام المتبادل والتسامح الثقافيّ والفكريّ.

وليس المطلوب من المهاجرين الاندماج بمفهوم التماثل والتطابق مع الوسط الاجتماعي الذين هم فيه، كاتباع نفس العادات والتقاليد،بارتداء ملابس مماثله أو التكلم بلغه واحده،مما يجعل تلك المجموعات مطالبه بالانسلاخ عن أصلها ،انما المطلوب هو المحافظه على هويتهم الثقافيه والحضاريه،مما له الأثر الكبير في اثراء التفاعل الثقافي والحضاري،وهنا مهم أن نذكر ،ان فكرة التطابق في مجتمع واحد لا تتناسب مع جوهر الديمقراطيه.

جدير بالذكر وهو أن مواجهة نوعيه جديده من الهويه الثقافيه والعادات والتقاليد تجعل المهاجر بأن يقوم  بعقد عملية مقارنه بين ثقافة موطنه الأصلي وثقافة البلد الجديده واختيار ما يراه ملائما للعيش ومناسب في طريقة تربيتة لأبناءه،بحيث نرى الجيل الأول ما زال يؤكد بصدق على التشبث بالهويه والاصاله، أما بالنسبه للأجيال الشابه فان بناء هويه فرديه وثقافيه تبقى مشكله لما يعانونه من ارتباك في بناء صوره ذاتيه ايجابيه،مما يسفر عن “رفض” أو ابتعاد عن الثقافه الاصليه(نظرا للاختلاف في الثقافات)،لانهم ببساطه ولدوا وعاشوا في مجتمع جديد يختلف عن مجتمع عائلاتهم في العادات والتقاليد وطريقة التفكير والتربيه والعمل وغير ذلك، لكن رغم كل ذلك تجد هناك فئه من شباب الجيل الثاني ،استطاعت ان تحقق الاندماج التام ولم ينسها هذا الاندماج هويتها وأصلها واستحقت أن تكون قدوه لغيرها من الشباب.

نعقد الأمل الكبير على ا لاجيال الجديده التي ولدت وترعرعت في بلاد المهجر لسهولة فهمها وتفهمها للثقافة الجديده، ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع الذي يعيشون فيه، وأن يعملوا على ابراز الصوره المشرقه لبلادهم الأصليه ويكون لهم دور مؤثر في مؤسسات صنع القرار وهم بعون الله قادرون على ذلك بالتزامهم الجاد بتحصيلهم العلمي والثقافي.

شاهد أيضاً

هيئة الإحصاء النمساوية: ارتفاع حالات الفقر في النمسا بسبب الأزمة الاقتصادية

كشفت هيئة الإحصاء النمساوية المركزية اليوم الخميس عن ارتفاع حالات الفقر بين المواطنين بسبب الازمة …