عرض أجزاء للبيع من أقدم حدائق العالم بالإسكندرية “حدائق أنطونيادس” والحكومة تكذب

لافتة بيع حدائق “أنطونيادس” تشعل الغضب بالشارع السكندرى.. الحديقة شيدها البطالمة وتوافد عليها الملوك والرؤساء.. وتملّكها محمد على باشا وشيد بها قصراً

أثارت مزاعم بيع حديقة أنطونيادس الأثرية بالإسكندرية فى مزاد علنى، غضبًا شديدًا وسخطًا عارمًا، خاصة وأن الحدائق يرجع تاريخها لعهد البطالمة وتضم تماثيل نادرة كانت تُعرف باسم “حدائق باستريه”، وتملّكها مؤسس الدولة المصرية الحديثة، محمد على، وشيد بها قصراً له.

كانت وزارة الزراعة، قد طرحت فى شهر يوليو الماضى، بيع 21 قطعة أرض فى 5 محافظات، منها أرض فضاء بحوض أنطونيادس نمرة 9 قسم باب شرق، ترعة المحمودية مساحتها 963 متراً مربعاً، لا تمثل أى أهمية للحديقة ولا يوجد بها أماكن أثرية.

وقالت شيرين مصطفى، مدير الإدارة المركزية للحفاظ على التراث بالإسكندرية، إنه يستحيل أن يحدث ذلك وإن صح، فالدستور والقانون يحظران بيع حديقة مليئة بالآثار والتراث ومسجلة فى السجل التراثى.

وأضافت، أن الحديقة تتبع وزارة الزراعة والمحافظة، والقصر الكائن داخلها يتبع مكتبة الإسكندرية.

يأتى هذا فى الوقت الذى وضعت فيه لافتة على السور الخارجى للحديقة التراثية، التى تقع فى منطقة النزهة بسموحة للعرض للبيع .

وتقول اللافتة المنشورة: إن هناك حوالى مساحة 1000 متر مطروحة للبيع فى المزاد العلني، وهو الأمر الذى أثار قلق كثيرين واستغرابهم.

من جانبه أوضح الدكتور علاء الدمياطى، مدير حديقة النزهة بالإسكندرية، أن ما يتردد بشأن بيع حديقة النزهة أو أى حدائق أخرى، عار من الصحة، مضيفاً أنه لا توجد نية لبيع تلك الحدائق التى تمثل تاريخاً عريقاً.

كما نفى فيه المركز الإعلامى لرئاسة مجلس الوزراء، ما أثير عن أنباء عن عرض حدائق انطونيادس الأثرية للبيع بمزاد علني.

وقام المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، بالتواصل مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، التى نفت هذه الأنباء تمامًا، مؤكدةً عدم طرح أراضى حدائق أنطونيادس للبيع، مشيرةً إلى أن حدائق انطونيادس هى أرض مملوكة للدولة، ولا يمكن التصرف فيها أو عرضها للبيع، وأنها تتبع معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، مشددةً على أن كل ما يتردد حول هذا الشأن شائعات لا أساس لها من الصحة.

وقالت وزارة الآثار، إن حدائق أنطونيادس ليست مسجلة كأثر كما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي, مشددةً على أن الوزارة لا يمكن أن تبيع أو تفرط فى أى أرض أثرية, مشيرةً إلى حرصها التام على الحفاظ على جميع الآثار المصرية والتراث الحضارى الذى يمتد عبر آلاف السنين.

وكشفت منى حجاج، أستاذ الآثار اليونانية بكلية آداب آثار جامعة الإسكندرية،عن أن حديقة أنطونياديس لا تحتوى على أى تماثيل أثرية، لكنها كلها تماثيل فنية منحوتة حديثًا، والعامود الأثرى الوحيد بها، يوجد فى مدخل الحديقة.

بينما قال محمد سامح محامى من العصافرة، أشكك فى عرض أو بيع حديقة أنطونيادس أو الحدائق المجاورة لها: النزهة والورد، التى تتبع نفس الإدارة شكلاً وموضوعًا، خاصة وأن الحديقة مدرجة على أنها تراث ولها قيمتها على كافة الأصعدة.

وأضاف، أنها تعود للعصور البطلمية، فقد كانت مساحة الحدائق تمتد لأكبر من الحديقة الموجودة حاليًا، حتى أن حديقة الحيوان جزء من حديقة النزهة وكانت الحدائق تضم مزروعات الموالح، لذلك أطلق عليها خلال فترة قبل الميلاد “جنات النعيم”.

فيما أوضحت أميرة محمد كاتبة من العجمى أنها أحد زوار الحديقة ومحبيها، معترضة شكلاً وموضوعًا على أمر بيع الحديقة سواءً كان شائعة أم حقيقة فإن كانت شائعة فهى سخيفة وإن كانت حقيقة فهى أكثر سخافة.

كما تأسفت فاطمة الوكيل ربة منزل من محرم بك على كم الإهمال والتدهور، الذى أصاب وضرب الحدائق فى مقتل مرجعة ذاك وتلك إلى تراجع الجهات القائمة على الحدائق فى الإسكندرية عامة وحدائق أنطونيادس خاصة.

وأضافت، أن بالإسكندرية بأكملها لا يوجد بها سوى حدائق أنطونيادس والحيوان متنفس للسكندريين فى متناول الأسر الفقيرة ولكن حدائق المنتزة خرجت من هذا السباق أو المنافسة بعد ما بلغ ثمن تذكرة الدخول الـ15 والـ20 جنيهًا.

وفى ذات السياق أعرب العديد من طلبة كليات الفنون الجميلة والفنانين والرسامين عن سخطهم واعتراضهم تجاه أمر البيع والذى نزل عليهم كالصاعقة .

وأكد عدد منهم أنه لا يوجد طالب فنون لم يذهب لحدائق أنطونيادس للرسم فى ظل الهدوء والمناظر الطبيعية الخلابة والتقاط الصور للمختصين من قسم التصوير ومن الهواة فى التصوير، خاصة وإنها تراث ينبغى أن نحافظ عليه، فهى لا تقدر بثمن مثلها مثل المبانى القديمة التراثية، فكل هذه المعالم جزء من تاريخ و تراث الإسكندرية .

ويقول المؤرخ السكندرى أحمد عبد الفتاح، إن حدائق وقصر أنطونيادس هى حدائق يرجع بعض المؤرخون تاريخ إنشائها إلى الفترة البطلمية فى مصر وهى أقدم حدائق مدينة الإسكندرية فى مصر وتعتبر من بين أقدم الحدائق التى أنشأها الإنسان على مستوى العالم، وكانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو “جنات النعيم” ولقد عاصرت هذه الضاحية أحداثاً تاريخية مهمة لملوك البطالمة.

وأوضح، أنه فى القرن التاسع عشر كانت ملكًا لأحد الأثرياء اليونانيين وكانت تعرف باسمه “حدائق باستيريه” حتى تملكها محمد على باشا وأقام قصرًا له بها وفى عام 1860 م عهد من قبل الخديوى إسماعيل إلى الفنان الفرنسى “بول ريشار” بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساى بباريس التى أقام بها الخديوى إسماعيل أثناء زيارته لفرنسا، وكانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 50 فداناً بل وصلت مساحة الحدائق نتيجة التوسعات التى أمر بها الخديوى إسماعيل إلى محل نادى سموحة حاليًا، وأضيفت وقتها عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إلى الحديقة حيث عرف عن الخديوى إسماعيل ولعه بصيد الطيور بها.

كما توجد بالحديقة مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية منها تماثيل فينوس آلهة الجمال وهى تحمل مرآة كبيرة تعكس أشعة الشمس فى الصباح تجاه نوافذ القصر الجنوبية، أيضًا تماثيل تمثل الفصول الأربعة إضافة لأسود مصنوعة من المرمر.

ومن حدائق أنطونياديس حديقة المشاهير والتى تضم تماثيل فاسكو دى غاما وكريستوفر كولومبس وماجلان، وكذلك حديقة النزهة ومسرح أنطونيادس وحديقة الورد التى صممها المهندس الفرنسى ديشون ومساحتها 5 أفدنة ويوجد بها نافورة مياه يتوسطها تمثال رخامي، كما يوجد بها أصناف كثيرة من الورود والأزهار النادرة.

وعن تطوير الحدائق يقول “عبد الفتاح” إنها شهدت تطويرًا ملحوظًا فى عهد محافظ الإسكندرية، وقتها فوزى معاذ عندما كان يديرها المهندس سعيد صبره وكانت تستضيف فى المسرح حفلات ليالى التليفزيون وحفلات العيد القومى للإسكندرية وقد عانى القصر وجزء من الحدائق لبعض الإهمال لكن محافظة الإسكندرية فى فترة اللواء عبد السلام المحجوب، سلمت ملكية الحديقة إلى مكتبة الإسكندرية وذلك لجعلها مركزًا ثقافيًا عالميًا لحوض البحر المتوسط .

وأكد أنه لا تزال حدائق “انطونيادس والنزهة والورد” تابعة لوزارة الزراعة حيث يشرف عليها ويديرها معهد بحوث البساتين، أحد معاهد مركز البحوث الزراعية وذلك تبعا للقرار الجمهورى رقم (112 لعام 1986)، وفى حين أن القصر فقط تم منحه لمكتبة الإسكندرية مع الحديقة الأمامية للقصر فى حدود مساحة 2 فدان ليكون مركزًا ثقافيًا متميزًا .

وأشار إلى أن حديقة انطونيادس، والبالغ مساحتها فى حدود 45 فدانًا هى حديقة نباتية عالمية تحتوى على طرز ونظم التصميمات للحدائق بكل أنواعها من طرز عربية إسلامية ويونانية وإيطالية وفرنسية، وأيضًا بها الطرز الهندسية والحرة لتصميم الحدائق.

 كما أنها تحتوى على مجموعات نباتية نادرة ومعمرة، ويقوم باحثون من قسم بحوث الحدائق النباتية بمعهد بحوث البساتين بالعمل على تطوير الحدائق بصفة مستمرة والتبادل النباتى بين الحدائق النباتية العالمية .

كما يقول المهندس”محمد عوض” الخبير المعمارى والمسئول عن ترميم القصر، إننا نسعى لأن يعود للقصر دوره التاريخى كشاهد على الأحداث والفعاليات العلمية والثقافية التى تجمع بين ثقافات البحر المتوسط .

وتابع، أنه سوف تقوم مكتبة الإسكندرية بدعوة كوكبة من الفنانين ومخرجى السينما والمصورين والكتاب والشعراء من جميع دول البحر المتوسط واستضافتهم فى القصر؛ ليتفاعلوا مع الفنانين السكندريين وإنتاج أعمال فنية مشتركة.

 كما سيتم بناء مسرح مكشوف لاستضافة العروض المسرحية والحفلات الموسيقية، بالإضافة إلى متحف مقتنيات أسرة أنطونيادس ومنها الأثاث والفضيات والسجاد، بالإضافة إلى بعض المقتنيات المعمارية القيمة.

وأشار، إلى أنه تم وضع استراتيجية بحيث تضم مبان للعرض التاريخى والمتحفى لحضارات دول حوض البحر المتوسط وقاعات للمؤتمرات ومكتبات تغذى ثقافة الطفل والباحثين الأكاديميين.

يذكر أنه ترجع تسمية حديقة أنطونيادس بهذا الاسم إلى صاحبها البارون اليونانى جون أنطونيادس، الذى عاش بالإسكندرية وكان من أكبر رجال الاقتصاد ومن أشهر تجار الأقطان فيها وقد شيد قصرًا على مساحة 20859 متراً مربعاً، أى نحو 50 فداناً، وهو تحفة معمارية رائعة تختزل فى أجوائها حضارات البحر المتوسط.

وأضاف أن الحديقة، أو حدائق القصر تضم مجموعة من التماثيل الرخامية النادرة لبعض الشخصيات وأبطال الأساطير اليونانية أشهرها تمثال أفروديت رمز الجمال، وإله الشعر إراتو، سافو، وغيرها، وأيضاً تماثيل «فاسكو دى جاما، وماجلان، وكريستوفر كولومبس، وأدميرال نلسون».

 كما تشتهر الحدائق بمجموعة من الأشجار النادرة والزهور الطبيعية، كونها أول حديقة تضم صوبة للنباتات النادرة.

ويعد قصر أنطونيادس، شاهداً على مجموعة من الأحداث التاريخية المتميزة مثل توقيع المعاهدة الأنجلو – مصرية عام 1936، والاجتماع التحضيرى الأول لإنشاء جامعة الدول العربية عام  1946 كما كان شاهداً على بداية زواج شاة إيران محمد رضا بهلوى بالأميرة فوزية حيث قضيا به شهر العسل.

وشهدت حدائق أنطونيادس، الكثير من الحفلات أهمها الحفل الذى أقامه الخديوى إسماعيل وحضره الأمير الشاب توفيق ابن الخديوى الوريث لعرش مصر ونخبة من رجال المجتمع فى الإسكندرية من جنسيات مختلفة .

 وأقيم بها أيضًا عدد من حفلات «أضواء المدينة» والتى أحياها أهم نجوم الغناء والفن فى العالم العربي، منهم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وفايزة أحمد، وشادية وهانى شاكر وسميرة سعيد.

 كما شهدت مهرجان «سكندريات العالم» والذى حضرته 44 مدينة تحمل اسم الإسكندرية وحفلات عروض الزهور التى بدأت فى الثلاثينيات من القرن الماضى .

شاهد أيضاً

وسط تقارير تتحدث عن قرب تنفيذ جيش الاحتلال اجتياحا بريا لمدينة رفح، حذرت الفصائل الفلسطينية …