رحلة «التوك توك» من المهد إلى اللحد.. الحكومة تنهى الفوضى

فى خطوة قوبلت بالاستحسان والإشادة من جانب قطاع كبير من المصريين، وجّه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء مؤخرًا، بالبدء فى برنامج لاستبدال وإحلال «التوك توك» بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل «المينى فان» تعمل بالغاز الطبيعي، على أن تتبنى وزارة المالية والجهات المعنية تنفيذ هذه الخطوة، مثلما تم في السابق استبدال سيارات التاكسى القديمة، ليحل محلها التاكسى الأبيض.

ووفقًا لإحصائية أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مارس  2018، فإن مصر يوجد بها أكثر من 3 ملايين مركبة؛ منها 99 ألفًا مرخصة، ما يعنى أن هناك أضعافًا غير مرخصة.

«مدبولي» أكد أن استبدال «التوك توك» بـ «الميني فان» سيكون له مردود إيجابى كبير، وبوجه عام، حيث سيوفر وسائل مواصلات آمنة، ومُرخصة وحضارية للمواطنين، فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل من خلال هذا البرنامج.

و«التوك توك» سيارة صغيرة مفتوحة تستخدم محركًا صغيرًا وتتميز بأنها من دون أبواب، تستخدم كسيارة أجرة رخيصة الثمن فى الضواحى والمناطق الشعبية بالمدن والقرى.

أما سيارات الفان فتعد أكثر أمانًا من التوك توك، بالإضافة إلى شكلها الحضاري. ومن المقرر أن تعمل سيارات الفان بالغاز الطبيعى وهو ما يعد أوفر ماديًا وأفضل للبيئة، كما ترى الحكومة أن هذا النظام الجديد سيوفر فرص عمل أكبر للشباب.

ولم يتم وضع جدول زمني لتنفيذ البرنامج المقترح، إلا أن المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء قال إن الدكتور مصطفى مدبولى وجه بأن يتم عقد اجتماع قريبًا مع مصنعى «التوك توك»، لبدء تحويل خطوط إنتاجهم لسيارات «المينى فان» على سبيل المثال، خاصة أنه تم التنسيق معهم مسبقًا على تخفيض إنتاجهم من مركبات «التوك توك»، تمهيدًا لتنفيذ برنامج للاستبدال والإحلال.

ويمثل قرار رئيس الوزراء استجابة لمطالب عديدة وانتقادات واسعة من جانب أعضاء بالبرلمان وغيرهم، لانتشار «التوك توك» بشكل واسع فى جميع محافظات مصر ووصوله إلى العاصمة، إضافة إلى استغلاله فى ارتكاب بعض الجرائم.

الدكتور خالد قاسم، المتحدث الرسمى باسم وزارة التنمية المحلية، قال إن «الوزارة تعد إحدى الوزارات المنوط بها تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص باستبدال وإحلال «التوك توك» بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل «المينى فان».

وأضاف لـ«المصريون» أن «وزارات المالية والداخلية والصناعة هى المنوطة بتنفيذ القرار، وسيكون هناك تعاون مشترك بينها في عملية تنفيذه».

وأوضح المتحدث باسم وزارة التنمية، أنه تم ترخيص أكثر من 245 ألف «توك توك» بنسبة 50% من بين 450 ألف مركبة تم حصرها، متابعًا: «لن يضار أحد من قرار استبدال وإحلال التوك توك».

وأشار إلى أن «التكاتك» المرخصة لن تعمل بعد ذلك فى الشوارع الرئيسية ولكن سيتم اقتصار عملها على القرى والنجوع فقط، لافتًا إلى أن «قرار تقنين التوك توك واستبداله بالسيارات الفان يأتى لمنع عمالة الأطفال، وتقنين أوضاع سيارات الفان التى تعمل الآن بترخيص ملاكى فى غياب عن منظومة الأجرة».

المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية طالب بالرجوع إلى المتحدث باسم مجلس الوزراء للحصول على تفاصيل أكثر عن الخطوة، قائلًا: «القرار صادر عن مجلس الوزراء وبالتالى يجب الرجوع له».

فيما حاولت «المصريون» التواصل مع المتحدث باسم رئاسة الوزراء غير أنه لم يرد على الاتصالات على الرغم من تكرار المحاولة أكثر من مرة.

وأثار القرار، ردود فعل وجدلاً واسعًا بين سائقي «التوك توك»، إذ لم يخف كثير منهم مخاوفه من انعكاساته المحتملة ومن كونه يهدد الكثيرين في «لقمة عيشهم».

وقال أحمد السيد، سائق «توك توك»، إنه لا يمتلك مصدر دخل آخر، متسائلًا في تعليقه على القرار: «أنا أعول أسرة مكونة من خمسة أفراد، فأين تذهب هذه الأسرة؟ ومَن سيتحمّل أعباءها؟ وهل ستوفر لهم الحكومة حياة كريمة أم أنها اتخذت القرار دون دراسة؟».

وأضاف «السيد»، لـ«المصريون»، أنه لا يملك الأموال الكافية لشراء أو استبدال مركبته بسيارة «فان» أو غيرها، متسائلاً: «فى هذه الحالة هل ستسلمنا الحكومة تلك السيارات دون دفع مُقدم؟ أم ستسحب التكاتك من أصحابها؟».

وتابع: «طالما أن الحكومة مستاءة من التكاتك وأصحابها، عليها توفير وظائف مناسبة ولن يتأخر أحد فى بيع التوك توك الذى يمتلكه، فنحن نعاني من مشكلات كثيرة نتعرض لمخاطر عديدة، لكن أكل العيش يجبرنا على ذلك». 

فى السياق، كشف اللواء عفت عبدالعاطي، رئيس شعبة موزعى ووكلاء السيارات بالغرفة التجارية، عن تفاصيل برنامج الاستبدال وإحلال «التوك توك» بسيارات آمنة ومرخصة، قائلًا إن «هناك طرقًا ضيقة وأماكن صعبة للتنقل بالسيارات الكبيرة فى مصر».

وأضاف، أن كل القرارات التى تتخذ حاليًا فى صالح تطوير وتجديد الطرق، متابعًا: «الأمور ستكون محصورة للتوك توك فى أماكن معينة فقط بعد عملية التطوير».

رئيس شعبة موزعى ووكلاء السيارات أوضح أنه سيتم تقليل عدد التكاتك إلى أن يتم تطوير الطرق الضيقة، مؤكدًا أن عدم سير التوك توك فى باقى الطرق أمر محسوم.

بدورها، قالت دينا عبدالعزيز، عضو لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، إن «أى تحرك من الحكومة لحل أزمة التوك توك هو خطوة إيجابية، لا سيما أنه ينتشر على نطاق واسع، ويشوه المظهر الحضاري، فضلًا عن كونه يهدد أمن العديد من المواطنين، نظرًا لأنه يستخدم فى ارتكاب العديد من الجرائم».

وأضافت لـ«المصريون»، أن «تطبيق القرار غالبًا سيكون بصورة اختيارية، فصاحب المركبة سيحصل على السيارة «الميني فان» مقابل تسليم «التوك توك»، وهذه مسألة اختيارية ستساعد فى حل الأزمة بشكل جذري».

وأشارت إلى أن «مجلس الوزراء سيعقد اجتماعات مع مصنعى «التوك توك»، لمناقشة فكرة تحويل خطوط إنتاجهم، لأنه من الضرورى العمل على إيقاف تصنيعه، أو استيراد قطع الغيار، لا سيما أن استمرار التصنيع أو الاستيراد سيؤدى إلى استمرار المشكلة».

وشددت على ضرورة أن يكون الأمر إلزاميًا، قائلة: «لابد من صيغة إلزامية تجبر أو تجعل أصحاب المركبات يستبدلون مركباتهم بهذه السيارات الآمنة، كذلك يجب أن يكون عدم التصنيع والاستيراد بشكل إلزامى رادع، لأنه طالما كان هناك اختيار فى المسألة لن نضمن نجاح الخطوة بنسبة مائة في المائة».

ووصف يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان، قرار الحكومة بـ«الحكيم والصائب»، خاصة أنه «حافظ على أرواح المواطنين من أشرار الشوارع».

وأضاف «كدواني» أن قانون المرور الجديد الذى ستتم مناقشته خلال دور الانعقاد الأخير يتضمن عدة اقتراحات، من ضمنها ترخيص «التوك توك» من خلال تقديم مستندات رسمية تثبت ملكية المركبة لصاحبها.

عضو لجنة الدفاع والأمن القومى أشار إلى أنه بعد قرار الحكومة سيتم وضع هذا القرار فى عين الاعتبار خلال مناقشة مشروع قانون المرور الجديد فى دور الانعقاد القادم والأخير.

وأكد أنه قام بتقديم مقترح حول قانون المرور الجديد بشأن إعطاء مهلة كأحد أقصى لأصحاب «التكاتك» غير المرخصة بحد أقصى 3 سنوات، وإعطاء 3 سنوات أخرى كمهلة للمرخصين وبعدها ستتم مصادرته فورًا مع منع استيراده، وذلك سيتم طرحه خلال مناقشة قانون المرور الجديد، بحسب قوله.

ونوه بأن قانون المرور يوجد به بند يعطى صلاحية لرئيس الوزراء لحظر أى مركبة تهدد الصالح العام وأرواح المواطنين، لافتًا إلى أن موقف سيارات المينى فان من مشروع قانون المرور الجديد ستعامل معاملة سيارات التاكسى الأبيض.

وقال اللواء مدحت قريطم، مساعد وزير الداخلية الأسبق للشرطة المتخصصة، إن الحكومة فى طريقها للقضاء على ظاهرة «التوك توك»، مشيرًا إلى أن الحكومة قدمت مشروعًا كاملًا متكاملًا بشأن استبدال «التوك توك».

وأضاف «قريطم»،، أن وزير التنمية المحلية وجه كل المحافظين بإعداد دراسة حول مشروع استبدال «التوك توك» بسيارات «مينى فان»، وذلك لتجنب مشاكل «التوك توك» التى ظهرت على مدار السنوات السابقة.

مساعد وزير الداخلية الأسبق للشرطة المتخصصة أشار إلى أن الحكومة نجحت فى استبدال التاكسى الأسود بالتاكسى الأبيض، وهذا مؤشر على قدرة الحكومة على استبدال «التوك توك» إلى سيارات «مينى فان» آمنة ومرخصة تعمل بالغاز الطبيعي.

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …