المونيتور: إلغاء نظام الكفالة ليس الدواء الشافي للعمالة المصرية في السعودية

نشر موقع المونيتور تقريرًا لمراسله عمرو مصطفى استعرض فيه مدى استفادة العمالة المصرية من مبادرة إلغاء نظام الكفالة في سوق العمل بالمملكة العربية السعودية اعتبارًا من الرابع عشر من شهر مارس لعام 2021، فعلى الرغم من ترحيب مصر الرسمي بانتهاء العمل بنظام الكفالة في السعودية، فإن بعض المراقبين يخشون أن تكون الخطوة مجرد تغييرات تجميلية إلى حد كبير مع استمرار عقود العمل التَعَسُّفيَّة.

واستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن السعودية تلقت إشادة دولية لخططها الرامية إلى إلغاء نظام الكفالة.

 وقد أعلن وزير القوى العاملة والهجرة المصري محمد سعفان في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) أن العمالة المصرية في السعودية ستحصل على امتيازات غير مسبوقة عند إلغاء نظام الكفالة المعمول به منذ أكثر من 70 عامًا، وقال سعفان إن هذه الامتيازات تشمل زيادة الحرية في تغيير الوظائف والتأشيرات التي ستسمح للعمَّال بمغادرة المملكة لقضاء الإجازات أو بشكل دائم دون موافقة كفيل سعودي.

 ولا تزال شروط عقد العمل سارية، مثل إخطار صاحب العمل بتغيير الوظائف أو مغادرة المملكة وكذلك إخطار صاحب العمل بطلبات الإجازة قبل وقتٍ كافٍ.

مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية

وأشار التقرير إلى أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية أعلنت في 4 نوفمبر أن مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية ستعمل على تحسين ظروف عمل العمالة الوافدة من خلال إنهاء نظام الكفالة، وسيدخل إلغاء نظام الكفالة لجميع العمالة الوافدة في القطاع الخاص حيز التنفيذ في مارس (آذار) 2021، ومن الجدير بالذكر أن هناك خمس مِهَن لن تشملها مبادرة إلغاء الكفالة، وهي السائق الخاص والحارس والعمالة المنزلية والراعي والبستاني (الفلاح).

تفاؤل بالتغييرات في نظام الكفالة

ونقل الموقع الأمريكي عن أحمد أباظة، وكيل لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري، في تصريحات صحفية يوم 7 نوفمبر، قوله إن التغييرات «حُلم» للعمال المصريين وسيكون لها تأثير إيجابي على المملكة، حيث ستشجع العمالة المصرية الماهرة على استكشاف السعودية وهم الذين فضلوا منذ مدة طويلة تجنب الذهاب إليها بسبب نظام الكفالة، وأضاف: «سوف تزدهر الإنتاجية والكفاءة في بيئة العمل السعودية نتيجةً لتحول المملكة إلى بيئة أكثر جذبًا للعمالة الماهرة».

بدوره قال حمدي إمام، رئيس غرفة التجارة المصرية المسؤولة عن تنظيم استقدام الأجانب، إن العمالة المصرية هي أكبر فئة ستستفيد من هذه القرارات، مشيرًا إلى أن دول الخليج كانت توظف أكثر من 55 ألف مصري شهريًّا قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وما تبعها من تعليق للرحلات الجوية من وإلى مصر في مارس 2020.

وقال إن الاستعدادات تجري حاليًا من خلال شركات التوظيف المصرية التي تؤمن وظائف للشباب المصري في الخارج، وكذلك تجري معالجة أوراق 200 ألف مصري ممن حصلوا على وظائف في المملكة منذ فبراير (شباط) بعد أن حالت أزمة فيروس كورونا وتعليق رحلات الطيران بين الدول دون سفرهم.

وأضاف: «الأرقام السابقة تؤكد أن السعودية ما زالت دولة جاذبة للعمالة المصرية، وستكون أكثر جاذبية بعد إلغاء نظام الكفالة».

العمالة المصرية ورأي مُخالِف

واستدرك المراسل قائلًا: لكن ي. س.، محاسب مصري يعمل في السعودية فضل عدم الكشف عن اسمه، لديه رأي مختلف، إذ يقول في حديثه عن خطة التوطين السعودية لزيادة توظيف المواطنين السعوديين والحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية: «إن السعودية ودول الخليج عمومًا لم تعد جاذبة في نظر العمال المصريين بسبب خطة المملكة للسعودة في القطاعين الخاص والعام، فضلًا عن الركود الاقتصادي الذي تعاني منه»، مشيرًا إلى أن الوظائف الشاغرة تقلصت، وعروض الرواتب انخفضت، وفقد الآلاف من العمال المصريين وظائفهم.

ونوَّه التقرير إلى عدم وجود أرقام رسمية متوافرة عن عدد العاملين المصريين في السعودية، لكن وبحسب آخر إحصاء أُجري في مصر عام 2017، بلغ عدد العاملين في المملكة 2.9 مليون مصري.

يقول عصام أبو اليُسر، رئيس قسم الأبحاث والإحصاء في اتحاد المهاجرين العرب، وهي منظمة غير حكومية في السعودية، إن 90% من أصل 2.9 مليون مصري في السعودية يعملون هناك، في حين أن الـ 10% المتبقية هم أفراد أسرهم.

وأشار أبو اليُسر إلى أن نحو 30% من العمال الوافدين المصريين في السعودية، حوالي 780 ألف عامل، غادروا المملكة بين عامي 2018 و2020 بسبب خطة السعودة، في حين منع تفشي فيروس كورونا مئات الآلاف من العمال المصريين الموجودين في إجازة خارج المملكة من العودة إلى وظائفهم، وبذلك أُنهِيت عقودهم، وقال إن أكثر من 40% من العمال المصريين الذين فقدوا وظائفهم كان بسبب فيروس كورونا، وهي القضية التي كانت «أكثر تأثيرًا من خطة السعودة».

يقول ياسر أبو الفتوح، رئيس فريق مبيعات مصري سابق في شركة سعودية عالق في مصر بعد تعليق الرحلات الجوية، لـ«المونيتور» إنه يفكر في إيجاد وظيفة جديدة في السعودية، لا سيما بعد إلغاء نظام الكفالة، وأوضح: «عندما فقدت وظيفتي بسبب تعليق السفر، قررت الاستقرار في مصر، لكن العمل من دون كفيل أمر جذاب حقًا»، مضيفًا أن بيئة العمل السعودية كانت مثالية من جميع النواحي باستثناء ما يتعلق بنظام الكفالة.

سوق واعدة

ونقل التقرير عن رشاد عبده، رئيس مركز أبحاث «المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية»، قوله إن انخفاض عدد العمال المصريين في السعودية وكذلك تراجع فرص العمل المتوافرة هي مسألة مؤقتة، موضحًا إن «الاقتصاد السعودي تمكن من التغلب على تفشي فيروس كورونا بأقل خسائر ممكنة، وهذا يعني أنها ما زالت قادرة على توظيف الآلاف من العمال، وسوف تحتاج السوق السعودية قريبًا إلى عمال مصريين مهرة لتعويض الخسائر».

وقالت الهيئة العامة للإحصاء في بيان في 30 سبتمبر (أيلول) إن الاقتصاد السعودي انكمش بنسبة 7% خلال الربع الثاني من عام 2020، عندما بلغ تفشي فيروس كورونا ذروته، ويرى عديد من المراقبين الاقتصاديين أن هذا الرقم واعد مقارنة بعديد من الاقتصادات العربية والعالمية التي تشهد انكماشًا أكبر.

يقول محمد العوضي، المحامي المتخصص في مساعدة المصريين المتهمين بانتهاك قوانين الكفالة في دول الخليج، إن السعودية أقل صرامة في تطبيق نظام الكفالة على المصريين مقارنةً بدول الخليج الأخرى مثل قطر والكويت، غير أنه أشار إلى أن التنفيذ الفعلي لمبادرة تحسين العلاقة التعاقدية هو ما سيحدد ما إذا كانت المملكة سوف تصبح أكثر جاذبية للعمال المصريين بعد إلغاء نظام الكفالة.

وأضاف: «يجب أن تنظم المبادرة شروط عقد العمل لضمان أنها ليست أكثر تعسفًا من نظام الكفالة، مثل الشرط التعاقدي الخاص بإخطار صاحب العمل بتغيير الوظيفة، داخل المملكة وخارجها، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وآمل أيضًا أن تكون نهاية نظام الكفالة مقدمة لإطلاق سراح المصريين الذين عوقبوا في المملكة بحجة انتهاك هذا القانون».

ولفت الموقع في ختام تقريره إلى أن موقع دويتشه فيله حذَّر يوم 7 نوفمبر من أن إلغاء نظام الكفالة قد يكون مجرد إجراء شكلي مع استمرار معاناة العمال بموجب عقود عمل مُجْحِفة.

 

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …