الأربعاء , 24 أبريل 2024

“حرية زائفة”.. هكذا وصف ناشطون يساريون وضع المسلمين في النمسا

على الرغم من أن النمسا تحتضن على أراضيها حوالي 700 ألف مسلم، يمثلون حوالي ثمانية في المائة من عدد سكانها، لكنهم يكونون عاجزين تمامًا في مجابهة أي حدث يحدث يمس وجودهم، ويعانون من التضييق، والتهميش، وإثارة روح العداء والكراهية ضدهم.

وتعود جذور المسلمين في النمسا إلى أصول وأعراق وجنسيات مختلفة، يمثل الأتراك النسبة الأكبر بها (22 في المائة) تليها البوسنة ودول البلقان، والعرب، والباكستانيون.

ويلحظ مراقبون على الرغم من هذا العدد الكبير وتنوع المسلمين، إلا أنهم لا يتكاتفون لدرء الخطر الذي يواجههم إلا من بعض اجتهادات فردية حثيثة من هنا أو هناك، لا تفي بالطبع بالقدر الكافي والمطلوب في قضايا خطيرة تمس معتقداتهم وأساس وجودهم على التراب النمساوي.

-الأهمية للعرق والقومية عند مسلمي النمسا-

القضايا والأهمية العرقية والقومية تمثل الاهتمام الأكبر لدى الجنسيات المختلفة، حث ترتكز كل جنسية على حدة على قضاياها المحلية والداخلية فقطن ويأتي الاهتمام الجماعي في إطار الجالية في مرتبة متأخرة جدًا من الاهتمام إلا في مرات قليلة جدًا.
فالجميع يعمل وكأنه في جزر منفصلة بلا رابط أو جامع لكل المسلمين بها، وهو مايزيدهم ضعفًا وتفككًا ليكونوا مطمعًا لكل دعاوى التهميش، وتأجيج مشاعر الكراهية ضدهم بدون أدنى رد فعل.

– دور الجالية الإسلامية في صعود اليمين المتطرف-

بعد حادث فيينا الإرهابي في نوفمبر الماضي، سارع الجميع من هيئات وجمعيات إسلامية للاستنكار والشجب، واعتبار أن ماحدث لايخرج عن كونه عملاً فرديًا لايمثل الإسلام، وأن الإسلام من هذا كله براء، ويعربون عن خالص الأسف لإزهاق أرواح بريئة، وكل ما يرعب ويرهب الأبرياء.

لكن كل هذا لا ينظر إليه المجتمع النمساوي بنظرة رضا، وينظر إليه كعمل بروتوكولي وروتيني محض ليس إلا، وبعدما انحصر ظهور النخبة الإسلامية على ارض الواقع، إلا للإدانة والاستهجان وحادث فيينا مثالاً.

ولم تفعل الجالية الإسلامية، شيئًا ملموسًا منذ زمن بعيد، يمنع عنها كل الادعاءات الباطلة التي يروجها اليمين المتطرف الذي ينصب للمسلمين والإسلام العداء السافر وبلا مواربة.

وأصبحت حربًا عدائية علنية وبعدما لم يجد هذا التيار العنصري رادعًا من تكاتف لمنع كل هذا الأباطيل قانونيًا، أو شجبًا أو إدانة، ما أخلى الساحة تمامًا لليمين المتطرف واليمين المحافظ، والنازيين الجدد في أن يسمموا وجدان الرأي العام النمساوي بأن الإسلام هو الإرهاب وان العقلية الإسلامية عقلية عدوانيه همجية.. ولا يمكن أن تتماشى أبدًا مع العقلية والقيم الغربية المتفتحة.

كانت لهذه الدعوات الأثر السيئ على الجالية الإسلامية عمومًا، وشكلت أيضًا كل هذه الرسائل الحاثة على الكراهية والعنصرية وعدم تقبل الآخر وخصوصًا المسلمين، أرضية ضخمة وقناعة لدى الرأي العام والناخب النمساوي وصلت أوجها في الانتخابات التي جرت في أواخر 2017.

وأفضت تلك الانتخابات إلى تشكيل حزب عنصري متطرف حكومة ائتلافية ولأول مرة بنسبة وقفزة تاريخية، مع حزب يمين الوسط، والذي يركز على أن المسلمين واللاجئين والمهاجرين هم أصل جميع المشاكل التي تحدث في النمسا خلال الوقت الراهن.

ولم يجد الحزب من يرد على ادعاءاته من الجالية المسلمة، وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو من بعيد، وأدركت حجم تخاذلها، وعدم اكتراثها بعدما صعد التيار المعادي لها صعودًا تاريخيًا، وتوعد المسلمين بحزمة قوانين وتضييق، بعد أن أصدر قوانين تحد من العمل الإسلامي في البلاد، بحجة مكافحة التطرف الإسلامي.

– الهيئة الإسلامية الرسمية.. ودورها المحدود-

من المفترض أن الهيئة الإسلامية هي الجهة الرسمية الوحيدة المنوط لها, التحدث باسم كافة المسلمين، وتنظيم أمورهم في النمسا وتدافع عن كل قضاياهم المشروعة، ولكن دورها أيضًا لا يفي أبدًا بتطلعات المسلمين إليها، وليست أيضًا ملاذًا لكل من يريد دفع الغبن الواقع علي الجالية الإسلامية جميعها.

وكثيرون يرون أن وجودها كعدمها، لما لهذه الهيئة الصلاحية المطلقة للدفاع عن المسلمين ولكنها عاجزة عن فعل أي شيء.

-الجميع يفتقد الرؤية ومرتبك-

إذا سألت أحدهم سؤالاً بسيطًا جدا من يدافع عن المسلمين بالنمسا، تجد أن هناك رؤية وإجابة ضبابية، فلا أحد يعرف بالضبط من يقوم بالدفاع عن المسلمين بالنمسا، وإذا سألت سؤالاً أكثر إيلامًا عن ماذا نحن فاعلون إيذاء قانون الإسلام السياسي المزمع تشريعه الشهر القادم مثلاً، تجد أن الإجابة إن وجدت تكون أكثر ضبابية، ولا مجيب ليس رافضًا، ولكنه بالفعل لا يعلم ماذا سيفعل.

هناك حالة تخبط مزري بين العوام والنخبة عللا حد سواء، ولسان حالهم يقول فلننتظر، كمن ينتظر سكين الذبح ويتمنى أن تكون حادة لكي لا يشعر كثيرًا بالألم.

فلا تكاتف.. ولا حتى هناك توعية لكل المخاطر التي تحيق بالمسلمين ولا يدركون ما يحاك لهم بليل ليصنفوا جميعهم في ظل هذا القانون الجائر على أنهم إرهابيون أو على أقل توصيف أنهم مجرمون.

وإذا تحركت النخبة المحسوبة على المسلمين كواجهة للعمل الإسلامي بالنمسا، تتحرك في إطار من لايريد أن يغضب الأوساط السياسية، وكأنها تتسول حرياتها ومعاشها، ولا تريد أن تؤذي مشاعر النخبة السياسية النمساوية، خوفًا من تصاعد حدة العداء.

مَن إذًا المدافعون الحقيقيون عن المسلمين بالنمسا؟

المدافعون الحقيقيون عن المسلمين بالنمسا صراحة هي الجمعيات الحقوقية، ومنظمات حقوق الإنسان ونشطاء سياسيون، وبعض أصوات الأحزاب اليسار، والتي لا تألو جهدًا في الدفاع عن المسلمين .

فعلى سبيل المثال، اصدر التيار اليساري النمساوي بيانًا عقب المداهمات التي شملت منازل ومقار بعض المسلمين بعد أحداث فيينا الدموية كان عنوانه: “فاشية الدولة في التعامل مع المختلف”.

وقالت فيه بلهجة مشددة، إن الإسلام تم اختصاره في كل ما يعترض الديمقراطية وحقوق الإنسان، بقصد إسكات المعارضين لفاشية الدولة تجاه فئة معينة في المجتمع، وأنها استهدفت المسلمين بعدما كان المستهدفون في الماضي هم الأفارقة ليظهروهم أنهم متخلفون، ولا يتناسب وجودهم أبدًا في أوروبا عمومًا، والنمسا، خصوصًا وأن هذا كله يتنافي مع أبسط قواعد الحقوق الأساسية للقيم الغربية الداعية للحرية والعدالة.

في الوقت الذي دعا فيه الناشط ا اليساري المعروف، ميشيل بروبيستينج، المسلمين لتوحيد قواهم للرد على هجوم كل الحكومات المعادية لهم في أوروبا بأسرها من تحريض وعنصرية وإقصاء، وأن يقوموا بإنشاء “حركة حياة المسلمين مهمة”، لأن هناك خطرًا كبيرًا علي وجود المسلمين بأوروبا، في ظل صعود اليمين المتطرف على حساب قضايا المسلمين.

 

شاهد أيضاً

تسمم غامض يصيب ستة أشخاص من عائلة واحدة في سالزبورغ

تم نقل ستة أشخاص، تتراوح أعمارهم بين 3 و72 عامًا، إلى المستشفى، مساء أمس الاثنين، …