حديث الاتحاد! أم حديث الافك ؟!

عندما يفشل الناس في تنظيم أبسط أمور حياتهم اليومية ، عندما تتكلس الآراء وتصبح غير قادرة على خوض أعضائها أي انتخابات، وعندما يصبح كل خلاف فيها مدخل للانزواء أو للانسحاب أو للانشقاق، هنا يجب أن نتوقف كثيراً لكي نناقش أزمة العمل الجماعي في الجالية المصرية بالنمسا .

الجالية لديها أفراد ناجحين، كل في مجاله وكثيرين وخصوصا إذا كان تعاملهم مع الجنسيات الاخري ، فالمشكلة تتفاقم أكثر حينما يكون المشروع من النوع الكبير وتبرز المشكلة جلية حينما يتطلب النشاط تعاون العديد من الأفراد في مشروع، نادي أو حتى اتحاد!ومع بعضنا البعض ومن هنا يبرز سؤال كبير وضخم واجابته أقبح من ذنبه!

الا وهو مامعني الاتحاد؟ وأي اتحاد هذا الذي جلب علينا كل هذه الفرقة والشتات

نحن المصريون نعاني معضلة تنظيمية حقيقية،ففي مصر التنظيمات الكبيرة الوحيدة هي تنظيمات الدولة أو تنظيمات تسيطر عليها الدولة أو تقوم عليها عائلات، لا يستثنى من ذلك إلا تنظيمين كبيرين خارج الدولة لا يقوما على حكم العائلة ،حتى لو اخترقتهما العلاقات العائلية والمصاهرة ،الإخوان المسلمين والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

ففي الوقت الحاضر فشل المصريون في خلق وإدارة تنظيمات كبيرة وهذا الإخفاق التنظيمي المؤسف انتقل معنا هنا أيضا علي الرغم من الاختلاف الشاسع بين النظام السياسي والإداري في مجتمع ديمقراطي ومجتمعاتنا الشرقية العربية، والجمعيات او النوادي او الاتحادات علي مايبدو لنا ليس لها عوائد مادية بل عوائد معنوية عميقة ومهمة ومؤثرة لأنه إذا كان للمصريين أن يفخروا بأشياء في ماضيهم فأهم شيء يمكن لهم أن يفخروا به هي قدرتهم التنظيمية الفائقة، فهم مؤسسي أول دولة في التاريخ البشري، دولة كان لها العديد من الخطايا ولكنها على الأقل استطاعت تنفيذ مشروعات عملاقة مثل الأهرامات .

وتعتمد كفاءة الناس في العمل المشترك والجماعي على عدة عوامل مادية وثقافية واجتماعية. بعبارة أخرى، فشل المصريين في العمل الجماعي له العديد من الأسباب. لكننا سنركز هنا على الجانب الاجتماعي لمشكلة التنظيم.هذا لأن التنظيم في المجال الاجتماعي هو أردأ أنواع التنظيم في الجالية الإسلامية وخاصة الجالية المصرية.

الجدير بالإشارة أولاً أن مفهوم العمل المؤسسي(الجماعي) وبالرغم من حضوره في الثقافة المصرية وخصوصا في الأقاليم سواء كان في الأفراح أو الأحزان ففكرة العمل الجماعي فيها أساسي ولكن بشكل خاص[عائلات] إلا أنك تجد هذا المفهوم غائباً نسبياً وبدرجة كبيرة في الثقافية الاجتماعية العامة حيث يتربى الإنسان بدءًا من حياة الطفولة ومروراً بجميع مراحل حياته على مفهوم العمل الفردي وعدم المشاركة في العمل الجماعي العام تجنباً للمشاكل.

إن من ينظر فقط لكم المقالات التي نشرت في الفترة السابقة وكم التناحر والتشاجر والمغالاة في الخصام والتخوين بل وأحيانا [وصلات الردح] ليصاب بالقرف من كل هذا الغث والرداءة التي تطاردنا في كل مكان.

[المصريين أهمه] هل هذاهو الشعار الذي مهما هربنا منه يطاردنا ونحن نحترق من كل نقد وتجريح وسخرية لمصر- أم الدنيا- وأقول بصوت حزين لهؤلاء المتفرقون أهانت عليكم مصركم لهذه الدرجة وإذا هانت فما هي الإفادة؟ ومن هو المستفيد من نشر هذا الغسيل الغير نظيف وشريف.

إن غياب هذه الثقافة ثقافة العمل الجماعي الاجتماعي في حياتنا الاجتماعية تسببت أيضاً في غياب العديد من مفرداتها ومفاهيمها ومهاراتها مثل

مهارات التواصل والحوار والتفاوض مع الآخرين وقيادتهم وتوزيع الأدوار عليهم وتحديد الأوليات والإسناد والتفويض وإدارة المجموعات والاجتماعات والقدرة على صياغة الأهداف والتخطيط والمتابعة ….وأغلب هذه المهارات نفتقدها ولا يتقنها العديد من أفراد مجتمعاتنا [جاليتنا] لهذا السبب فإن الكثير عمليات التواصل والتفاوض مثلاً، التي نشهدها في المشروعات والاتحادات و…….و……… الخ ، بهدف الاتفاق على آمر ما ، عادة يؤول أمرها للفشل حتى تلك التي تحدث ضمن الأوساط الأسرية.

فماذا نقدم لأولادنا بالله عليكم نحن مختلفون في كل شئ واذا اتفقنا فلا يتعدي اتفاقنا الفينة ونعود للاختلاف المدوي

عندما نسمع عن تأسيس أي مشروعات او جماعات او اتحادات في جاليتنا و مجتمعنا ، نسعد ونأمل منها الكثير لان ذلك يعتبر ظاهرة صحية تدل على وعي هذا المجتمع وبحاجاته وتوليه لمصالحه وتطوره وفهمه لأبجديات المجتمع الغربي الذي نعيش فيه ونحن نفهم أن هذه الأعمال الاجتماعية هي ليست ربحية بل مؤسسة علي اشتراكات الأعضاء او التبرعات فلما كل هذا التناحر والتقاتل لما نحن جميعا لانفهم ما هو السبب لهذا اللهث وراء هذه المناصب الاجتماعية

التطوعية؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ألهذه الدرجة نحن مهشمون ونعيش المهزلة ؟

إن واقع الحال في مجتمعاتنا المغتربة وبالنظر للمشاكل والنواقص التي تعاني منها الجالية يدعونا أكثر إلى نشر ثقافة العمل الجماعي الاجتماعي التطوعي بمفهومه الواسع بحيث يشمل جميع مناشط الحياة الاجتماعية والثقافية والصحية والدينية وتلك التي تهتم بالأطفال والشباب والأسرة والمرأة فالجالية الإسلامية وخاصة العربية وخاصة الخصوص المصرية تعاني من مشكل مزمنة علي رأسها المرأة والمعاناة التي تلقاها هنا وحيدة محشورة في ركن أمية اللغة الألمانية وليس بعد الأمية من مأساة.

كم من الجهود التطوعية الخيرية التي عادت علي الأسرة المصرية هنا بالنفع المؤثر والملموس- فالأتراك مثلا يساعدون بعضهم البعض بدءا من تعليم الألمانية إلي المساعدة في كل المشاكل الحياتية اليومية وإيجاد فرص العمل لبعضهم البعض و…………الخ أما نحن من يفتح الله عليه في أي قيمة اضافية فان أول مايفكر فيه هو كيف يتعالي علي الآخرين ويريهم فشلهم من خلال نجاحه هو فقط.

لكن مايبعث الأمل فينا أحيانا إن هناك دائما الشرفاء الذين يعملون في صمت وبعيدا عن الأضواء ومن قال عنهم رسول الله صلي الله عليه وسلم(يحشر قوم من أمتي يوم القيامة على منابر من نور يمرون على الصراط كالبرق الخاطف نورهم تشخص منه الأبصار لاهم بالأنبياء ولاهم بصديقين ولاشهداء.إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس). فالفرد المسلم يؤمن بأنه ليس وحيدًا في هذا الكون، بل حوله آخرون يختلط بهم، ويتفاعل معهم، ويتجاوب مع الأحداث الواقعة سلبًا وإيجابًا؛ يستفيد من الآخرين ويُفيدهم، ويتبادلون فيما بينهم الخدمات والمصالح.والمسلم الحقيقي هو الذي يُبادر إلى نفع المحيطين به، وعرض خدماته عليهم، وتقديم قدراته وإمكاناته ليضعها بين أيديهم، راجيًا خدمتهم ومساعدتهم لوجه الله تعالي راجيا رفعته هو جل وعلا.

إن العمل الإداري (الفاشل) هو محصلة، أو نتيجة، أو إفراز للإداري المركزي الذي يجمع بين يديه الوحيدتين كل خيوط العمل، ويستأثر بفعالياته، ويحد من ديناميكيته ومرونته، ويجعل من (البيروقراطية) سياسة عقيمة لمسيرة العمل، وحركته، ويترتب علي ذلك أمراضاً نفسية مخبوءة كالأنانية، وفقدانه لروح العمل الجماعي المنتج، وميزة (الثقة) بين كل العاملين !!
ولذلك لابد أن ينأي العمل الجماعي الاجتماعي بأسلوبه في إدارة كل الأعمال على تعددها التي تقود إلى الفشل الذر يع لابد من الديمقراطية والصراحة والشفافية ومعرفة موطن الداء وعلاجه وبعدئذ سينجح نجاحاً باهراً ويعترف به العدو قبل الصديق !!

لابد من العمل في القيادة الإدارية بروح الفريق الواحد الذي تتجمع فيه كل الخيوط، والخطوط، وألوان (الطيف الشمسي) مشكلاً بذلك (قوس قزح) متناغم الألوان، يجذب لا ينفِّر، يوحِّد لا يفرِّق !!

كيف ينظم المصريون أنفسهم في المجال الاجتماعي في المرحلة المقبلة؟ هذا هو السؤال الذي كان يدور في أذهاننا عندما تتوارد الي خواطرنا فكرة أي عمل جماعي.

لقد حلت ساعة الديمقراطية ولتكن الديمقراطية فقط والشفافية والاخلاق الرفيعة وليترفع الجميع عن هذا الهراء والمجادلة والمستوي المتدني من الحوارات الفاسدة لأن الكل عافت نفسه عن حديث الاتحاد هذا الذي أصبح كحديث الافك.

 

وللحديث بقية

فاطمة حنفي

 

مقالات أخرى للكاتبه

إمبراطورية الأميين
في انتظار مالا يجئ
من يعلق الجرس؟
حديث الاتحاد! أم حديث الافك ؟!

شاهد أيضاً

اختفى حجابها وزوجها.. حلا شيحة تثير الجدل من جديد فى عيد ميلادها الـ 43

في احتفالها بعيد ميلادها الـ43، اختارت الفنانة المصرية البعيدة عن الساحة حلا شيحة أن تثير …