الوكالة الذرية: فشل التوصل إلى حل توافقي اختتام اجتماع مجلس المحافظين وادراج سورية في جدول الأعمال المقبل

حسين عون (فيينا/الأمم المتحدة/ 28/11/2008)

وأخيراً، وبعد سلسلة مداولات استمرت يومين داخل آخر اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لهذا العام بعد ظهر اليوم، فشلت الدول الأعضاء بالتوصل إلى “حل توافقي” بشأن مسألتين أساسيتين كانتا مدرجتين في جدول الأعمال هما: تطبيق اتفاق الضمانات الشاملة في كل من إيران وسورية، وذلك بسبب انقسام الدول الأعضاء في المجلس (35 دولة) وبحضور مندوبي الدول الأعضاء في الوكالة (144 دولة)، إلى محوّرين: محوّر غربي/ أوروبي تتزعمه الولايات المتحدة، ويتهم طهران ودمشق بخرق تعهداتهما الدولية والمبادئ والأحكام الواردة في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية؛ ومحوّر من مجموعة دول حركة عدم الانحياز والتي تتزعمها كوبا، والتي تطالب بعدم تسييس القضايا التقنية،

وفي ضوء حالة الانقسام التي كانت سائدة في مجلس المحافظين، لم يتم اتخاذ موقف موحد بشأن طبيعة الخطوات المقبلة بشأن سورية والملف النووي الإيراني، والمنقول أصلاً إلى عهدة مجلس الأمن الدولي. ولكن مصادر دبلوماسية في حركة عدم الانحياز أنه تم الاتفاق خلال الجلسة الختامية لمجلس المحافظين على إصدار بيان رئاسي لرئيسة المجلس السيدة طاووس فيروخي (مندوبة الجزائر)، والتي أكدت أن البيان الرئاسي سيتضمن خلاصة لمجمل مواقف وآراء رؤساء المجموعات الجغرافية والوفود المشاركة حول مجمل القضايا التي كانت مدرجة في جدول الأعمال، ومن بينها تطبيق اتفاق الضمانات في إيران وسورية.

وأوضحت رئيس مجلس المحافظين في تصريح أدلت به إلى مراسلنا في فيينا أن البيان الرئاسي سيظل سرياً ولن يوزع على وسائل الإعلام، وهي يعني أن الأبواب ستظل مفتوحة أمام كافة الاحتمالات، ومن بينها استمرار وضع سورية في جدول أعمال مجلس المحافظين والمقرر في أوائل شهر آذار/ مارس 2009، وذلك بناءً على طلب عدد من رؤساء الوفود بينهم الولايات المتحدة وكندا واستراليا، والتي طالبت بتجميد المساعدات التقنية المخصصة لسورية لحين تسوية أبعاد وخلفيات موقع “الكبار”،، والذي دمرته إسرائيل في غارة شنتها طائراتها الحربية في السادس من أيلول/سبتمبر 2007، بحجة أنه مفاعل نووي بنته سورية بمساعدة كوريا الشمالية والعثور على جزئيات كبيرة من اليورانيوم، وهو ما نفته سورية وأكدت أن الموقع المستهدف هو موقع عسكري كان قيد الإنشاء، وأن جزيئات اليورانيوم التي جلبها مفتشو الوكالة ناجمة عن القنابل التي استخدمتها الطائرات الإسرائيلية في قصف الموقع.

وكانت الجلسة الختامية لمجلس المحافظين قد تحوّلت إلى منتدى لتبادل الاتهامات بين مندوبي كل من الولايات المتحدة وإيران وسورية وكوبا، الأمر الذي دفع رئيسة المجلس السيدة فيروخي، إلى التدخل ومطالبة جميع الأعضاء والوفود بضرورة الالتزام بالنظام الأساسي، وخاص الأحكام التي تشدّد على التأكيد أن الوكالة هي منظمة دولية متخصصة في تكريس استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية والتنموية ونقل التكنولوجيا النووية إلى البلدان النامية، وعدم تحويلها إلى منتدى سياسي، على حد تعبيرها.

وكان المندوب الأميركي غريغوري شولتي، أتهم إيران بمواصلة خرق نظام الضمانات وتجاهل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومواصلة إخفاء أنشطة نووية سرية لإنتاج أسلحة نووية، وذلك من خلال استمرارها  في تخصيب اليورانيوم وتخزينه، على الرغم من أنه ليس لديها حتى الآن مفاعل يعمل بالوقود النووي، باستثناء مفاعل بوشهر قيد الإنشاء، والذي وفرت له روسيا الوقود النووي اللازم، على حد وصفه. كما اتهم السفير شولتي سورية بعدم إبداء المستوى المطلوب من التعاون والشفافية معالوكالة الذرية، وبمحاولة تطهير ثلاثة مواقع، طالب مفتشو الوكالة بزيارتها ومعاينة حطام موقع الكبار. كما دعا المندوب الأميركي سورية الاقتداء بليبيا، وعدم الاقتداء بما وصفه بـ “التكتيكات الإيرانية المراوغة”، مشيراً إلى أن سورية لم توقع على البروتوكول الإضافي، في حين لم تصادق عليه إيران حتى الآن.

 

في غضون ذلك، يرى المراقبون في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المشاورات ستتكثف خلال الأسابيع المقبلة بين الأمانة العامة للوكالة الذرية وبين سورية بشأن السماح لمفتشي الوكالة القيام بزيارات ميدانية جديدة إلى موقع “الكبار” وثلاثة مواقع أخرى في الصحراء السورية، وهو ما يتوقع أن يتم الاتفاق عليه، ولا سيما بعدما أكد مندوب سورية الدكتور إبراهيم عثمان استعداد بلاده للتعاون الكامل مع الوكالة، وخصوصاً بعد موافقة لجنة المساعدات التقنية على تقديم المساعدات الفنية لبناء مفاعل نووي جديد في سورية مخصص لاستخدام الطاقة الكهربائية بقوة 25 ميغاواط/ساعة، وبشرط أن لا تمس زيارة المفتشين الأمن القومي السوري، على حد تعبيره.

شاهد أيضاً

الرئيس فيشر يؤكد مشاركة نمساويين بجرائم النازية والهولوكوست

انزعاج إسرائيل من النووي الإيراني وصفقة “ميغا” وفوز اليمين والتعويض لليهود الصحفى حسين عون/فيينا/الأمم المتحدة …