من هولاكو قائد المغول إلى قاتل المصليين فى نيوزلندا .. التاريخ يعيد نفسه!

لمن شاهدة المقطع الذي سجّله القاتل وهو يستمتع بقنص المسلمين تجعل الدم يغلي في العروق ليس لبشاعة الجريمة فقط و إنما للطريقة المؤسفة التي ماتوا بها المصليين .

لم يقابل المجرم أي مقاومة تذكر من طرف المصلين ما جعله يقوم بجريمته وهو مطمئن تماما .. وكأنه لايتوقع أي خطورة ولا أدنى محاولة لصدّه ..

أحد المصلّين اقترب من القاتل لمسافة جعلته في متناوله .. كان يمكن أن يفعل مايقلب المسار .. لكن تفكيره كان منصبّا على الهروب وليس مواجهة القاتل .. الموت كان قدره سواءً اختار المواجهة او الهرب .

البقية في الداخل اختاروا نفس الأمر .. تكوّموا في جهتين متقابلتين مستسلمين ينتظرون دورهم دون أي ردة فعل ليجهز عليهم واحدا تلو الآخر ويأخذ وقته لتغيير خزانة الرصاص دون خوف .. لو أنه وجد مقاومة ولو من أناس عُزَّل لارتبك وأسرع بالخروج ..
لو رموه جميعا بأثاث المسجد .. أو حتى بأحذيتهم .. إما تغييرا للنتيجة أو للحالة التي سيموت الانسان عليها .

هي العقلية الانهزامية ذاتها التي نستغرب حصولها حين نصادفها في كتب التاريخ .. حين يأمر المغولي المسلم بأن يلزم مكانه حتى يحضر المغوليّ سيفه ليذبحه .. فيمتثل المسكين وينتظر رجوعه ليقتله ..
هي العقلية التي تعكس الفترة الاخيرة من فترات انحطاط كامل للمسلمين التي يعقبها جيل التمكين كما جاء فى كتب التراث والتاريخ حيث يأتي هذا الجيل بعد أهوال مخاض عسير يجدد للأمّة عزها بعد أن تعود الى دينها بعد عمراّ طويل ونحن على هذا متكئين .

و أنا أرى توثيق القاتل للحظات المجزرة وجرأته في التنفيذ دون خوف .. استحضرتُ الوصف النبوي الدقيق ((ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن))

أقبح من ذلك وأخزى .. ردود أفعال المسلمين تجاه هذه الاهانة ..
ومن تابع مواقع التواصل الإجتماعى يلاحظ أن المسلمين يتسوّلون تعاطف الأخرين بكل وسيلة .. يستنكرون عدم توصيف هذا الفعل بالجريمة الإرهابية .. كأنما سيكون نصرا عظيما للإسلام إن تمّت الإشارة إلى هذه الجريمة الصادرة بدوافع دينيّة بحتة بأنه فعل إرهابيّ ..
يتخيّلون الأخرين الذي أقنعهم بالتبرّؤ من شريعة الإسلام ومراجعة نصوصه وغربلته مما وصفوه بأنه إرهاب .. يتخيلون انه سيشير إلى دينه باصبع الاتهام كما فعل الحمقى من المسلمين بدينهم .

هي الهزيمة النفسية والفكرية التي يتخبط فيها المسلمون الأن ومنذ عقود مضت وأوسخ منهم حكماهم الميامين .. والتي تظهر تجلياتها في مثل هذه الحوادث .. وهي أخطر آلاف المرات من الهزائم العسكرية التي قد يعقبها انتصارات باهرة خلال وقت وجيز .

هي الهزيمة النفسية التي عانى منها المسلمون أمام التتار والمغول والهكسوس قبل صلاح الدين وسيف الدين قطز .. يعانون منها أمام المغول الجدد .. والفكر الانبطاحي الذي تربت عليه الأجيال ..

ليس المراد من هذا المقال لوم ضحايا المجزرة .. أسال الله أن يتقبلهم في الشهداء .. ولكن المقصود تسليط الضوء على بعض التفاصيل التي تصف الخلل سواء فيما يتعلق بهذا الحدث الاجرامي وكذلك بردود الأفعال .. حتى لا يأتي من يشغّب في التعليقات ويحرف الموضوع .. ولا أزعم أني لو كنت مكانهم كنت سأكون أفضل حالا منهم ..فعلم ذلك عند الله .

في حادث مماثل سابق في كندا .. كانت حصيلته 6 قتلى إثر هجوم مجرم على مسجد في تفاصيل مماثلة .. كانت الحصيلة ستكون أكبر لولا تدخّل أحد المصلين وهو سفيان عزالدين رحمه الذي اختار أن يهاجم القاتل الذي أرداه برصاصاته ثم لاذ بالفرار بعد هذا الفعل الذي أربكه من عزّ الدين وهو اسم على مسمّى رحمه الله .. كان سيموت حتى لو بقي مستسلما ينتظر رصاصات القاتل .. وشتّان بين ميتة عزّ تواجه فيها عدوّك تغيظه ولو بلا سلاح .. و بين أخرى يتلذذ بالذعر في عينيك وأنت في قبضته تريد الفرار من مصيرك الذي يقرره هو .

رحمهم الله رحمة واسعة و تقبلهم مع الشهداء .. و أصلح حال المسلمين و هداهم إلى سواء السبيل

اللهم إنزع من صدورنا أجمعين حب الدنيا  و ما فيها و حبب إلينا الآخرة و إجعلها هي همنا و أرزقنا جميعا العزة و الهدي و الغني و النصر

شاهد أيضاً

وسط تقارير تتحدث عن قرب تنفيذ جيش الاحتلال اجتياحا بريا لمدينة رفح، حذرت الفصائل الفلسطينية …