الدكتور هادى التونسى يكتب – مع الآخر

فيينا – دكتور هادى التونسي —

من هو الآخر ؟ عالم مثير بذاته، حافل بالغموض والأسرار وربما التناقضات ، ضرورة ومخاطر ، وآمال و احباطات ، وبهجة وشقاء ، الحياة صعبة معه  ، ومستحيلة بدونه ، علاقات مستقرة أو تبدو كذلك ، وأخرى مؤقتة  ، بعضها نسعى إليها وأخرى نتجنبها .

هل الآخر هو من نراه الأقل شأناً فنندفع زيفاً الى الغرور ، وظلماً إلى التعالي والشك والعدوان ؟ . أم من يشاركنا مشاعر الدونية  ، فنرى العالم كئيباً وأفاقه مظلمة و حال كل منا بائساً وحيداً ؟. هل الآخر هو غالباً الأفضل  ، الأكثر ذكاء وقوة وحظاً ، فنفقد الثقة بالنفس  ونشعر بالإحباط واليأس والشقاء ؟. أم هو غالباً من نراه واقعياً سوياً وسعيداً وجيداً مثلنا ؟.

فى كل الأحوال نسعى للاكتشاف والفهم لنحقق أهدافنا معه  ، لندافع عن أنفسنا ضده ، لنتمتع بالتواصل معه ، أو لنعرف كيف نتجنبه أو نحيده ، فالإدراك قوة وضرورة لرسم معالم الطريق  وتفاصيل الخطة  والتعرف على محاذير التعامل ومخاطر التورط . ولكن الفهم يتطلب تجرداً وحياداً ؛ جهداً نزيهاً للبحث عن الحقيقة ، وشجاعة قد تصاحب ألماً عندما نعلم عن أنفسنا أوعنه ما أراحنا تجاهله أو إنكاره أو التقليل من  شأنه .

إذا تطلب الفهم خبرة ، فالخبرة جمعتها المعاناة وربما احباطات الفشل  ؛ فإذا كنا حديثي العهد بالحياة والآخرين لا يبقى أمامنا إلا صدق الإحساس والحدس ، وقد نضطر للمغامرة اذا لم نمتلك رجاحة العقل وصدق البصيرة وعمق الرؤية ، وإلا لأسقطنا توتراتنا وأخطاءنا عليه اذا ما أراحنا  تجاهلها أو نكرانها.

نعيش فى عالم ملئ بالمعاملات والمصالح المتشابكة ونحتاج الى الفهم وتلمس الطريق ، فما هو الحل ؟ .

افهم نفسك . تمتع باكتشاف عيوبك وأخطاءك . حول ألم الاعتراف بالحق إلى فضيلة  ممارسة الشجاعة والنقد الذاتي والى متعة التعلم لاكتساب القوة والمنعة وتصحيح الأخطاء .

إذا رأيت نفسك على حقيقتها فما أسهل أن ترى الآخر بموضوعية ، المعلومة الصحيحة عن الآخر قوة تؤدى لكسبه وتحقيق المصالح .

إذا رأيت نفسك بعمق سيمتلئ قلبك بالمحبة والتوافق والتسامح والغفران ، ستدرك أنه بدلاً من الإدانة والغضب تستطيع أن تكسب القلوب وتبحث عن الجوهر وتمد يد العون بنفس يسكنها اليقين والسلام والمحبة .

بنفس كهذه تستطيع العيش من خلال الآخر  ، فتشعر بأنك معه جزء من الكل الواحد ،  يؤلمك ألمه وتفرحك سعادته . تخدمه فيسعدك عطاؤك  . تستطيع اذن أن تعيش وتتعامل وتتصادق بقلب مفتوح وعقل واع وروح حاضرة ومتجلية ، يملأون حياتك بعمق الإحساس ونبل  المقصد وصفاء السريرة .

حياة كهذه تتسم بعمق الادراك وروعة الاحساس  وبعد الرؤية وصدق الوجدان  ، تكون فيها اللحظة عالماً بذاتها وزمناً  مثيراً حافلاً  ، ويصبح الوجود قيمة ونشوة ،  والتناغم مع الآخر  والكائنات والطبيعة وحقائق الحياة نتيجة تلقائية وجائزة كبرى .

فهنيئاً لك بالآخر ان عرفت الطريق …

طبيب و سفير سابق

د هادى التونسي

شاهد أيضاً

مستشار النمسا ينفي خطط تمديد ساعات العمل

بعد تصريحات من قبل مسؤولين في حزب الشعب (ÖVP) تدعو إلى تمديد ساعات العمل، خرج …