كاتب يكشف التفاصيل.. أغرب ما قاله إمام مسجد رابعة عن «حسين الشربيني» أثناء جنازته

اشتهر الفنان الراحل، حسين الشربيني بتدينه، كان ذلك واضحًا في سمته وشخصيته، وخاصة لهؤلاء الذين تعاملوا معه عن قرب، وفي أعماله لم يعرف عنه القيام بأدوار مبتذلة، حتى عندما كان يؤدي شخصية “الشرير” كان الجمهور يتقبله، ولا يكرهه، وهو أمر قلما يتكرر مع أي نجم آخر.

وكان الفنان الراحل الذي توفي في سبتمبر 14 سبتمبر 2007، قد لازم منزله في السنوات الأخيرة، إثر تعرضه لكسر في مفصل القدم اليسرى أثناء وضوئه للصلاة في مسجد “رابعة العدوية” في عام 2002، واستدعى ذلك علاجه لعدة سنوات، لم يغادر خلالها منزله بمدينة نصر.

يروي الكاتب خيري حسن بمجلة “روزاليوسف”، ذكريات لقائه الأخير مع الشربيني في عام 2005، فيقول: “يومها قلت له ما قاله لي(محروس أبوسالم) عن أنه كثيراً ما وقعت معارك في النجع، بسبب استخدام بعضهم جملة (بيع يا لطفي).. لكل من باع – أو يبيع – أرضه! ضحك الرجل كثيراً وهو يقول: القضية ليست في بيع الأرض، لكنها في بيع الأخلاق والضمائر؛ فالذي باع أرضه، باع أخلاقه قبل كل شئ. وكل شيء في الدنيا لا يستقيم؛ إلا بالأخلاق. الحب يحتاج أخلاق. والرزق يحتاج أخلاق”.

ويضيف  نقلاً عنه -: “وأنا دائماً أقول أن الأخلاق أجمل، وأفضل، وأعظم، من كل شئ فى الحياة. فإن صلحت أخلاقنا سنجد الفنان الجيد، والفن الجيد. ونجد المثقف المُصلح، والثقافة التى تصلح المجتمع. ونجد العامل المتقن والصناعات المتطورة. ونجد الموظف المجتهد والعمل المنتج من هنا تتقدم البلد وتزدهر”.

ومما يكشف الكاتب من تفاصيل وأسرار عن الشربيني، أن الفنان الراحل عمل لبضعة أيام في مهنة الصحافة، قائلاً: لم أستمر فيها سوى أيام وتركتها! بعدما اكتشفت أنها مهنة- رغم عظمة رسالتها- تتطلب أحيانا ضمائر خربة، ونفوساً مريضة، وعيوناً تتلصص من أجل السلطة، التي تفسد الكثير من الصحفيين أحياناً! فتركتها واتجهت للتمثيل، وفيه استطعت أن أقبل ما يرضيني، وأرفض ما يشقيني، ويكون على حساب قناعاتي الشخصية. بعد أكثر من ساعتين تحدثنا فيهما فى الفن، والثقافة، والفلسفة، والمرض، والحياة، والموت، وقفت أنا وصديقي بسعادة شديدة لنودعه، على وعد بلقاء آخر”.

وتابع الكاتب: “يومها تركته وهو يمسك في يده القرآن الكريم ليكمل القراءة التي اعتادها – حسب قوله – يومياً منذ سنوات عديدة مرت. ودعت صديقي على ناصية الشارع وترجلت حتي وصلت إلى شارع الطيران فى طريقي إلى وسط العاصمة، وأنا أتذكر أعماله الفنية في السينما والمسرح والتليفزيون منها أفلام (أنا اللي قتلت الوحش. وجري الوحوش. وضحك ولعب وجد وحب. والهلفوت. وضربة شمس)، حيث عمل فيما يقرب من 90 فيلماً سينمائياً، بخلاف المسرح والتليفزيون. كنت أتذكرها وأنا أفتش فى وجوه المارة حولى عن “حسن” آخر، قد يكون أحب (سعاد) فى يوما ما ومكان ما . وحرمهم من هذا الحب (لطفي) آخر فى النجع أو فى المدينة! مثلما حدث من (لطفي أبوالحاج) الذى تسبب بعجرفته، وعنجهيته ونظرته الطبقية واستبداده، في قتل الحب، وبيع الأرض فى أحد نجوع مدينة قنا جنوب مصر!”.

بعد عامين من ذلك اللقاء الذي لم يتكرر، يروي الكاتب تفاصيل مشهد الوداع للفنان الراحل في يوم الجمعة الثاني من رمضان عام 2007، عندما جلس على مائدة الإفطار وبجواره زوجته وأمامه ابنتاه (نهى وسهى). تناول بضع تمرات، ثم أمسك بكوب الماء وارتشف ثلاث مرات. ثم استند إلى مقعد خلفه، فحاولت الزوجة أن تساعده، والابنة تسنده، لكنه رفض ذلك، وقاوم بهدوء، ثم تمتم بكلمات مسموعة بصعوبة، وأراح رأسه للخلف قليلاً، وبعد ثوانٍ سقطت رقبته إلى الخلف.

في الساعة الآن الرابعة من عصر اليوم الثاني من رمضان فى ذلك العام. وبعدما فرغ المصلين من صلاة العصر، تجمع المشيعون، يتقدمهم إمام المسجد، الذي وقف ينظم الصفوف، ويكرر عليهم طريقة صلاة الجنازة على من حضر من أموات المسلمين. بعد دقائق تقدم جثمان حسين الشربيني مسجى داخل النعش. وقبل أن يبدأ الإمام التكبيرة الأولى للصلاة.. التفت للمصلين وقال لهم: (أيها الأحبة من أمة محمد.. دعوني أقول لكم قبل الصلاة، أن أخوكم هذا الذي حضر قبل قليل، محمولاً على الأعناق، داخل هذا النعش، كان هنا، في هذا المكان، عصر يوم أمس، تحمله أقدامه، ويجلس يقرأ القرآن الكريم من بعد صلاة العصر وحتى قبل أذان المغرب بقليل، ودموعه تتساقط بشدة. وجسده يرتجف بعنف. واليوم – بعد مرور 24 ساعة – عاد لنفس المكان، لا ليقرأ القرآن، ولا لتتساقط دموعه، ولا ليرتجف جسده. لكنه جاء لنقرأ نحن القرآن الكريم، ونصلى صلاة الجنازة عليه. ونودعه إلى مثواه الأخير. ثم قال الإمام بعدما اتخذ وضع الصلاة:”استقيموا يرحمكم – ويرحمه – الله”!

شاهد أيضاً

مدينة فيلز النمساوية تشدد قواعد رمي النفايات.. بطاقة حمراء ثم غرامة ثم مصادرة

أعلنت إدارة النفايات في مدينة فيلز، يوم الخميس، عن تشديد العقوبات على الأسر التي تلقي …