سَوَاقِي مصر.. صناعة خشبية باقية تجلب الخير منذ 2300 عام -تقرير

بينما أشعة الشمس تتمايل على جوانب أرض فضاء بمحافظة الفيوم وسط مصر، ينهمك عدد من الأشخاص تبدو من ملامح بعضهم خبرة السنين في قطع أخشاب بيضاء طويلة وسميكة بمقاسات معينة، ضمن إجراءات إعداد ساقية يعود عمر صناعتها لما قبل 2300 عام.

** فن ومعاناة

مع الوقت يتبلور الشكل الدائري الخارجي الضخم للساقية، منتظرا أن يحتضن تلك العروش الخشبية التي جمعت ونسقت، وتبرز في جوانبها فتحات تنزل منها المياه وتسمى “العيون”، حيث ستساعد على تدفق المياه وتنقلها لري الأرضي الزراعية.

أسابيع قليلة تنسج أنامل ومطارق ومناشير هؤلاء الصناع، ذلك الفن الهندسي الدائري الذي ينتج الساقية بأقطار تصل أحيانا ما بين 6 و8 أمتار، وارتفاع يتراوح بين 5 و8 أمتار، حسب المساحة المرغوب استغلالها للري.

ومع الانتهاء من تجهيز الساقية ودهنها لري أراض زراعية في أحد مناطق الفيوم، تعلى أجواء الفرح على وجه الصناع رغم معاناة حمل وزنها البالغ طن أحيانا، بأحبال لرفعها ونقلها عبر جرار زراعي والقيام بتركيبها.

مع تركيب الساقية على تروس لري الأرض الزراعية بقوة دفع المياه أو مولد كهربائي، تعود الذكريات لما قبل نحو 2300 عام، حيث كانت بعض الأراضي منحدرة عن سطح البحر في وسط مصر، لاسيما التي تقع فيها حاليا الفيوم، وفق بيانات ومراجع تاريخية نقلتها وسائل إعلام محلية.

ولجأ المزارعون آنذاك للري من المنسوب الأدنى للأعلى عن طريق سواقٍ تدار بقوة دفع المياه دون اللجوء لدواب كما هو معتاد في مناطق عديدة بريف مصر.

وعادة ما خضعت السواقي، أحد أبرز أدوات الري التراثية، لعمليات تطهير وصيانة من ترسيبات الطين ومخلفات القمامة سنويا، لتسيير حركة المياه وعدم ضعف تدفقها.

** شعار وحالة

أكثر ما يميز السواقي، صوت نعيرها الممزوج بالحزن والشجي، والذي كان مصدر إلهام وجزء من مشاهد لأعمال فنية وغنائية وطنية ورومانسية عرفتها مصر.

وظهرت الساقية في عشرات الأفلام المصرية الشهيرة، أبرزها “الأرض”، وغنت المطربة المصرية الراحلة شادية لها: قائلة: “سبع سواقي بقت بتضحك وتقول يا مصري النهاردة (اليوم) فرحك”.

وكان أشهر مسلسل في الستينيات باسم “الساقية” من تأليف الأديب المصري، عبد المنعم الصاوي، واختاره ابنه محمد لأول مركز ثقافي مستقل افتتحه عام 2005.

كما فتح تواجد نحو 200 ساقية في أنحاء محافظة الفيوم، الباب لأن تكون صورتها جزءا من شعار المحافظة وأيقونة لها، ويحمل ميدانا لها اسم “السواقي” ويعد مكانا لالتقاط السياح صورهم التذكارية.

المصدر – وكالة الأناضول

شاهد أيضاً

وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية تحذر من معاداة السامية اليسارية في النمسا

حذرت وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية كارولين إدشتادلر، في مؤتمر صحفي، يوم أمس الجمعة، من ازدياد …