3 أعمال حرة يمكنك القيام بها وتكسب بالدولار من واقع تجربتي الحقيقية

بقلم الكاتبة – سارة يوسف —

لازلت أذكر اليوم الذي استلمت فيه راتبي بالدولار لأول مرة، من أول عملٍ حرٍ عملت به، وقد كنت وقتها غير مصدقة أنّني قد فعلتها حقاً، وأنني قد أصبحتُ أُعتبر أخيراً وبكل فخرٍ “فريلانسر”.

بعد شهورٍ من البحث على مواقع التوظيف على الإنترنت، ومشاهدة الفيديوهات التي تتحدث عن كل ما يخص العمل من داخل المنزل أو ما يُسمى بـ”الأونلاين”، وسؤال الأصدقاء المستمر عمّا إذا كانت هناك أية فرصة لي للعمل بشكلٍ حرٍ، دون أن أضطر لأخذ كورسات أو الحصول على شهادات إضافية، تحقق الحلم فجأة وببساطة لم أكن أتوقعها.

بدأ الأمر منذ 5 سنوات، عملت خلالها في 3 أعمال حرة مختلفة، جميعها من المنزل، ولازلت مستمرة في اثنتين منها إلى الآن بفضل الله.

لذلك أردت أن أكتب تجربتي مع هذه الأعمال الثلاثة، دون امتلاكي لموهبةٍ خاصة أو مهارة صعبة، لعلها تُفيد أحداً، في ظل هذه الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على الجميع بلا استثناء.

بدايتي مع العمل الحر أو الـ Freelancing

حينما قررنا أنا وصديقتي أن ندخل مجال العمل الحر، لم نكن نعرف أين نبحث بالضبط أو حتى عم نبحث بالتحديد، ولكن كل ما كنا نعرفه، هو أن علينا أن نبتعد عن المواقع الأجنبية الشهيرة للعمل الحر مثل Freelancer و fiverr وUpwork ، أو حتى العربية منها مثل مستقل وخمسات، لكثرة المنافسين المحترفين بها، الذين لديهم خبرة أوسع بمجال العمل نفسه، وعلى دراية أكبر بطبيعة الموقع وبطريقة التعامل مع العملاء. فهناك كانت المنافسة شرسة حقاً، وكان الشخص المبتدئ يبدو كسمكة صغيرة تعيش وسط حيتان المحيط.

أذكر أنّ صديقتي ظلت تبحث لأيامٍ عن عملٍ يُمكننا أن نبدأ به، ولا يحتاج لمهارة خاصة عدا ما كنا نملكه في ذلك الوقت، من لغة عربية ممتازة بفضل تمرّسنا على القراءة منذ الصغر، ولغة إنجليزية جيدة أيضاً بفضل دراستنا للأدب الإنجليزي، وهي الشيء الذي استخدمته في عملٍ واحدٍ فقط من بين الأعمال الثلاثة، بخلاف احترافنا في استخدام الكمبيوتر والإنترنت.

كانت صديقتي قد قرأت شيئاً ما عما يُسمى بالتفريغ الصوتي، ورأت أنّه عملٌ سهل لا يحتاج لتدريبٍ خاص قبل البدء فيه، بعدها بدأت بالبحث عنه في المواقع العربية والأجنبية، حتى وجدت فرصة تبدو جيدة، فقط علينا اجتياز بعض الاختبارات، بقليلٍ من الفهم والحفظ لشروط الموقع، ودليل العمل به.

لن أزعم أنّ الأمر كان سهلاً، نعم كان العمل نفسه سهلاً بعدما اجتزنا الاختبار بنجاح، ولكن كانت البداية هي الأصعب، لأننا فور أن وضعنا قدمنا على الطريق الصحيح، سار كل شيءٍ بعدها ببساطة شديدة.

التفريغ الصوتي

كان التفريغ الصوتي أو الـ Transcription هو أول تجربة لي مع العمل الحُر، ولم أكن وقتها أعرف أي شيءٍ عنه، فقد تعلمت كل ما يخصه بينما كنت أعمل بالفعل

التفريغ الصوتي ببساطة هو تحويل كل الكلمات والأصوات المسموعة إلى كلماتٍ مكتوبة، تتم كتابتها بتنسيق مُحدد يضعه لك صاحب العمل، على هيئة دليل إرشادي.

كان الموقع الذي وجدته صديقتي موقعاً إنجليزياً للعمل الحر في عدة مجالات مختلفة، كان من بينها التفريغ الصوتي، وكان الموقع في ذلك الوقت لا يدعم سوى الملفات الصوتية باللغة الإنجليزية، ولا يطلب منك سوى أن تجتاز اختباراً صوتياً، تكتب فيه كل ما سمعته في الملف، بالتنسيق الذي طلبه منك تحديداً وبحروفٍ سليمة، بالإضافة إلى اختبارٍ آخر عبارة عن اختيار من متعدد، للتأكد من أنك تفهم جيداً الطريقة الصحيحة التي ستكتب بها.

استطعت أنا وصديقتي أن نجتاز الاختبار بنجاحٍ بعد استيعاب الدليل الإرشادي جيداً، وبعدها بدأنا العمل فوراً.

كان الموقع ينشر يومياً العشرات من الملفات الصوتية، ويُتيح لك أن تختار من بينها ما تفضله، كي تبدأ العمل عليه في الحال، ويعطيك مهلة ما بين 2 إلى 6 ساعات في الأغلب حتى تُنهيه.

بعد ذلك تتم مراجعة الملفات من قبل المختصين، ويظهر لك تقييم لكل ملفٍ منها على حدة، وبالطبع تتم محاسبتك عن كل ملف صوتي بالدولار، عن طريق ربط حسابك البنكي ببطاقة تدعم الباي بال PayPal، أو كما استلمت أنا نقودي بشكلٍ أبسط، وهو عن طريق وسيط موثوق فيه، لديه حساب مُفعل على PayPal بالفعل.

مازال الموقع يعمل إلى الآن، وصار يحتوي على ملفات صوتية للغاتٍ عديدة من بينها اللغة العربية.

تلخيص الكتب

من أكثر الأعمال التي اشتغلت بها وأحببتها، وهي لا تحتاج سوى لقاريءٍ مُتمّرس، ويُمكنه التعامل مع برنامج الـ Word على Microsoft office، وهو أمر يُمكن تعلمه بسهولة بالمناسبة، هو تلخيص الكتب.

بدأ الأمر حينما وجدت إعلاناً منشوراً على صفحة لمحبي القراءة على الفيس بوك، يطلب من يمكنه أن يقوم بعمل تلخيصٍ للكتب، دون أن يكون صاحب خبرة في هذا المجال.

لم يحتج مني الأمر لتدريبٍ أو اختبارٍ ما، وكان كل شيءٍ يخص هذه التجربة سهلاً وممتعاً فعلاً، لأنني كنت أنا من أختار الكتاب الذي أُريد أن أقوم بتلخيصه، وفقاً طبعاً للشروط الموضوعة من قبل الشركة التي أعمل بها.

كان مطلوباً أن يتم تلخيص الكتب فيما بين 2500 إلى 3000 كلمة، مع بعض الإضافات الأخرى مثل معلومات عن الكاتب، وكتابة أفكار الكتاب الرئيسية على هيئة نقاط، وفي حالة الروايات، كنت أكتب بإيجازٍ عن شخصيات بعض أبطال القصة.

أحياناً كنت أقرأ الكتاب كاملاً مع التظليل على الفقرات الأهم في نظري قبل أن أبدأ في الكتابة، وأحياناً أخرى كنت أقوم بقراءة فصل أو جزءٍ من الكتاب، وكتابة الملخص معاً في الوقت ذاته.

من أهم الأمور التي عليك أن تهتم بها حينما تقوم بتلخيص كتابٍ ما، هو الاهتمام بتنسيق الملخص بالشكل الذي يطلبه صاحب العمل بالضبط، وعليك ألا تجعل ما قُمت بتلخيصه يبدو كأنه مبتور أو ناقص، فلابد أن يظهر وكأنه كتاب قصير، موجز ولكنه متكامل في الوقت نفسه.

توقفت الشركة التي كنت أعمل بها للأسف عن العمل حالياً، ولكن يُمكنك أن تبحث عن شركات تطلب الوظيفة نفسها على الفيسبوك أو على مواقع الإنترنت بشكلٍ عام.

كتابة المحتوى أو كتابة المقالات

لا تزال كتابة المحتوى هي الأقرب لقلبي من بين كل الأعمال التي عملت بها، طبعاً هي الأصعب من بين كل من التفريغ الصوتي وتلخيص الكتب، لأنّها تحتاج لشخصٍ قادر على الكتابة بلغةٍ عربية مُحكمة وسليمة، ولديه رأي مستقل وخلفية ثقافية جيدة، وبإمكانه أن يستخدم مواقع البحث بشكلٍ ممتاز، كي يتمكن من صياغة الموضوع بشكلٍ يجذب القارئ، ويكون في النهاية ذا فائدة تُذكر بالطبع.

عالم كتابة المحتوى عالم واسع، من السهل أن تتوه فيه في البداية، إذا لم تكن تعرف عماذا تُريد أن تكتب فعلاً. بالنسبة لي كان الاختيار سهلاً، فالفن والأدب هما الأقرب لطبيعة شخصيتي ودراستي، بعدها بدأت رحلة بحثٍ قصيرة، انتهت بتواصلي مع أحد المواقع الشبابية الشهيرة التي كانت تطلب كُتّاباً جدداً بلا خبرة، وبعد مقالٍ تجريبيٍ أول، نجحت في الحصول على العمل ككاتبة مقالات في قسم الفنّ بالموقع.

يسير الأمر كالتالي: يتم الاتفاق على فكرة المقال ومحاوره أو نقاطه الرئيسية مع المُحرر، بعدها تتم كتابة المقال وفقاً للشكل المُتفق عليه، والذي يتماشى مع طبيعة الموقع.

الأمر سهل جداً إذا كنت تمتلك موهبة الكتابة، أو على الأقل تحب أن تكتب، وهي مهارة يمكنك تنميتها باستمرار، وكلما كتبت أكثر وتعلمت من أخطائك السابقة، ستكون أفضل في المرات القادمة.

نصائح من القلب لكل من يسعى للعمل الحُر

العمل الحر ليس مجرد وظيفة يُمكنك أن تكسب منها بالدولار، أو واجهة اجتماعية لذيذة حيث يمكنك أن تعمل على كمبيوترك المحمول وأنت جالس في مقهى Starbucks مثلاً وأنت تشرب قهوتك التي يحمل كوبها اسمك.

العمل الحر من خلال تجربتي هو رحلة لاكتشاف الذات، واكتشاف الكون من حولي، ولا مانع طبعاً من كسب بعض الدولارات أيضاً.

إذا أردت أن تبدأ بالعمل الحر، فأرجوك تقبّل فكرة أنّ العمل لن يسعى إليك حيثما أنت جالس أمام شاشة الكمبيوتر تُشاهد فيلماً أو تلعب لُعبة ما، عليك أن تبذل بعض المجهود في البحث الجاد أولاً..
“إذا لم تُحاول، لن يُمكنك أن تعرف أبداً، ما أنت قادرٌ حقاً على فعله”.

الجميع يُريدون أن يصبحوا فريلانسر، والكثير منهم على استعداد أن يعمل بجدٍ حقاً حينما يحصل على الوظيفة، ولكن القليل جداً من يسعى بصدقٍ وثباتٍ إلى الخطوة التي تسبق خطوة العمل الحقيقي، وهي البحث عن فُرص العمل الجيدة.

هل تعلم لماذا دائماً ما تكون البداية هي الأصعب؟ لأنها لابد أن تأتي منك أنت، من داخلك.

سؤالان عليك أن تطرحهما على نفسك: ماذا سأفعل؟ وكيف سأصل إلى ما أُريد أن أفعله؟

السؤال الأول عليك أن تجيبه أنت وحدك، أما الثاني، فستبحث أنت أيضاً عن إجابته، بعدها ستُدرك أنّ مجهود العمل نفسه، أقل صعوبة من الوصول إليه.

نصيحتي الخالصة هي ألا تتوقف عن البحث، البحث العشوائي الذي تُجريه على محركات البحث هو في حقيقته سعي، قد يقودك إلى أماكن مختلفة، وقد يُريك في نفسك أشياء لم تكن لتتخيل أنك قادر على فعلها.

“لم يتأخر الوقت أبداً، كي تصبح الشخص الذي تُريد أن تكونه”.

فقط ابدأ الرحلة، واعزم على أنّك لن تتوقف حتى تصل إلى ما تُريد..

وسيُسخَّر لك كل شيء بإذن الله.

الكاتبة – سارة يوسف

شاهد أيضاً

شاهد فؤاد الثانى ملك النهاية – مصريون يحنون للملكية ويندبون حاضرهم على يد العسكر

تداول عشاق للملكية في مصر صوراً من زيارات قام بها آخر ملوك مصر الملك أحمد …