“الخيام ليست الحل”… مشكلة إيواء طالبي اللجوء تتفاقم في النمسا

كل ليلة يداوم متطوعون على إغاثة مهاجرين تقطعت بهم السبل أمام بوابات مركز استقبال اللاجئين الرئيسي في النمسا ويصحبونهم إلى حيث يمكنهم تناول الطعام والنوم.

دلشاد بازاري، نجار سوري قدم إلى النمسا لاجئاً منذ سنوات، واستطاع الاندماج في سوق العمل، وصار اليوم واحداً من المتطوعين لمساعدة طالبي اللجوء.

عندما ينتهي من عمله، يتوجه إلى مركز استقبال طالبي اللجوء في تريسكيرشن، للمساعدة في توزيع الشاي الساخن على الأشخاص المتجمعين خارج مبنى أكبر مركز لطالبي اللجوء في البلاد، والمتواجد جنوب فيينا. هنا تغلق الأبواب على الساعة 10 مساءً، لذا يصبح لدى دلشاد بازاري وزوجته، وعدد قليل من المتطوعين الآخرين، وظيفة أخرى يقومون بها، تتمثل في مساعدة أولئك الذين بقوا خارج المركز للعثور على مكان يقضون فيه ليلتهم.

ملجأ سري

في بعض الليالي يصل عدد الأشخاص بدون مأوى إلى 45 شخصاً، ينحدر أغلبهم من الهند والمغرب وتونس وأفغانستان وسوريا، حسب تصريح دلشاد بازاري لبعض وسائل الإعلام

في الآونة الأخيرة، صار عدد الوافدين الجدد أقل من الفترات السابقة، مساء ليلة الثلاثاء (السادس من كانون الأول/ديسمبر)، يحكي دلشاد بازاري أنه وجد خارج مركز الاستقبال مهاجرين اثنين فقط، أخذهما إلى ملجأ سري يوفر الحساء وسريراً للنوم. رفض دلشاد بازاري الكشف عن مكانه خوفاً من استهدافه من قبل عناصر اليمين المتطرف.

هذا النجار السوري الذي أسس مشروعه الخاص، لديه دافع للتطوع بوقته كل ليلة، أحياناً يبقى رفقة المهاجرين إلى غاية الساعة الثانية صباحاً، بعد يوم عمل شاق. والدافع وراء تطوعه هو أنه قبل ثماني سنوات فقط وصل إلى النمسا كلاجئ، وأقام لبضعة أيام في مركز الاستقبال ذاته، وحول هذه التجربة يقول: “حصلت على المساعدة حينها، واليوم أريد فعل الشيء ذاته مع غيري”.

دلشاد بازاري يقدم الشاي الساخن للمهاجرين كل ليلة

تسيس اللجوء

في الأشهر الأخيرة، أصبح النقص في أماكن الإقامة لطالبي اللجوء في النمسا كبيراً، ويرجع ذلك جزئياً إلى دخول المزيد من الأشخاص إلى البلاد طلباً للحماية. في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، تقدم 71885 شخصاً بطلب لجوء، أي بزيادة بحوالي 40 ألف طلب مقارنة بعدد الطلبات خلال العام الماضي بأكمله، وتستضيف النمسا إضافة على ذلك أكثر من 85000 لاجئ من أوكرانيا.

في أغسطس / آب، كان عدد طلبات اللجوء أكثر من أي شهر مضى منذ عام 2015، وهو عام موجة اللجوء بسبب الحرب في سوريا. في ذلك الوقت، كانت النمسا مجرد ممر للعدد الأكبر من المهاجرين، وبالتالي لم يكن هناك حاجة إلى أماكن إقامة لوقت طويل.

في عام 2015، كانت مركز استقبال تريسكيرشن، الذي بني لاستيعاب 400 شخص، يستضيف حوالي 6000، نام الكثير منهم في العراء، وفقاً لعضو مجلس المدينة نوربرت سيبرل. كما ترك المئات خارج المركز بلا مأوى خاصة خلال في عطلات نهاية الأسبوع.

اليوم وبعد سبع سنوات، يوضح سيبرل تكرر الحكومة المحافظة نفس الأخطاء، والأسوأ من ذلك أنها تقوم باستخدام طالبي اللجوء لتحقيق مكاسب سياسية”. ووفقاً له، هناك سبب آخر لأوضاع المهاجرين الصعبة وتقطع السبل بهم خارج مركز تريسكيرشن كل ليلة: “الشرطة في ويلس التي تبعد 200 كيلومتراً عن فيينا غرباً، كانت توجه طالبي اللجوء إلى تريسكيرشن، مع العلم أنها تعلم أن المركز ليس لديه القدرة على استقبالهم”.

مسيرة احتجاجية ضد إسكان طالبي اللجوء في خيام بمدينة ثالهام، النمسا يوم 26 تشرين الاول/أكتوبر 2022

استمرار المواجهات

في ظل استمرار هذه الفوضى، دعا رئيس بلدية المدينة، أندرياس بابلر، إلى إغلاق “المخيم” وإيواء طالبي اللجوء في مساكن شاغرة مملوكة للدولة أو بيوت خاصة.

أما بالنسبة للحل المقترح من وزارة الداخلية الفيدرالية بإسكان المهاجرين في الخيام، فقد رفضه الجميع. المدافعون عن حقوق اللاجئين يجدونه حلاً غير إنساني خاصة في فصل الشتاء، بينما ينظر المتطرفون المناهضون للمهاجرين إلى الخيام كرمز للدعاية لفكرتهم بأن “البلاد تتعرض لاجتياح من الأجانب”، يقول سيبرل.

“الخيام ليست حلاً”، يقول دلشاد بازاري ويضيف: “من يمكنه حالياً النوم في خيمة في درجات الحرارة المتدنية هذه!”. المنظمات المدافعة عن حقوق المهاجرين ترى أنه إذا تمكنت وزارة الداخلية وحكومات الولايات من حل خلافاتهم، فستتوفر المزيد من الأماكن لاستقبال طالبي اللجوء والمهاجرين.

ويؤكد سيبرل أن هناك أغلبية “صامتة” في النمسا تدعم طالبي اللجوء، في حين أن أصوات مناهضي اللجوء هي الأعلى. في الشهر الماضي، قال رئيس بلدية إن بعض سكان قريته شعروا بالتهديد من وجود طالبي اللجوء، وأغلبيتهم من الشباب.

واستهدف متطرفون يمينيون يرتدون زياً شبه عسكري مركز الاستقبال في تريسكيرشن بأشكال مختلفة كإلقاء منشورات مناهضة للهجرة في مبنى المركز. وبحسب صحيفة “كورير” النمساوية اليومية، فقد جاء في بعض المنشورات ما يلي: “لا نريد لأوروبا أن تصبح إفريقيا. ننصحك بالعودة إلى وطنك، النمسا لا تحتاجك ولا تريدك”.

المصدر – ماريون ماكغريغور/ م.ب

شاهد أيضاً

مصرية إسكندرانية.. من هي مينوش شفيق رئيسة جامعة كولومبيا التي تدعم إسرائيل وتقمع التظاهرات؟

“إذا باركتم إسرائيل سيبارككم الله”، لم تحتاج نعمت شفيق أو “مينوش شفيق” رئيسة جامعة كولومبيا، …