خيانة الأنظمة العربية لغزة وفلسطين تهدد مستقبل عروشهم وتنذر بانتفاضة شعوبهم.. الفرصة الأخيرة إسترجلوا؟

نشر موقع ميدل إيست آي، مقالا للكاتب والمحلل مهند عياش أستاذ لعلم الاجتماع في جامعة ماونت رويال، اتهم فيه الأنظمة العربية بخيانة قطاع غزة، وأكّد خلاله أنه حان الوقت لتغيير المسار.

وقال الكاتب: “الكلمات لا تكفي، قرارات الأمم المتحدة ليست كافية، الإدانات الرسمية ليست كافية، القليل من المساعدات لا يكفي. هذه كلها كلمات فارغة وأفعال لا معنى لها”.

وبينما يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية، حيث تقتلهم إسرائيل بشكل عشوائي، مع تهجيرهم وتدمير بلداتهم ومدنهم، يتعين على الدول العربية أن تتحرك بطريقة مجدية.

لقد حان الوقت للعالم العربي، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، أن يقطع علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل بشكل لا لبس فيه.

وذكر الكاتب: “كل الدول، بحكم تصميمها، لا تستجيب إلا لمصالحها الذاتية، وليس للنداءات الأخلاقية. على الرغم من أنني سأظل ملتزمًا دائمًا بتقديم قضية مبنية على العدالة، إلا أنني أريد التركيز هنا على سبب كون قطع العلاقات مع إسرائيل على الفور من المصلحة الذاتية للدول العربية”.

لسببين رئيسيين، تنظر الأنظمة العربية حاليًا إلى أن مصلحتها الذاتية مرتبطة بالوضع الراهن، حيث تمضي إسرائيل في مشروعها الاستعماري الاستيطاني وتتجاهل الدول العربية والقضية الفلسطينية.

أولاً وقبل كل شيء، فإنهم يخشون القوة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك حقيقة أنها قوة نووية. ولا تعتقد الدول العربية أن المواجهة مع إسرائيل هي في مصلحتها، لأن إسرائيل وحلفائها الغربيين قادرون على تدمير الجيوش العربية.

ثانياً، هذه الأنظمة لا تريد مواجهة القوى الغربية. إنهم جميعا يدركون أن إسرائيل هي موقع استيطاني استيطاني للغرب، وبما أنهم قد حسبوا أنهم لا يستطيعون معارضة القوة الأمريكية، فقد قرروا العمل ضمن هذه الحدود، الأمر الذي يجلب فوائد اقتصادية أيضا.

وفي الحقيقة فإن الفوائد الاقتصادية المتراكمة من هذا النهج تتركز إلى حد كبير في أيدي أقلية من النخب السياسية والاقتصادية. وقد يتسرب بعضها إلى الطبقات المتوسطة، ولكن في الإجمال فإن أغلبية شعوب المنطقة لا تستفيد من هذا الترتيب، وترى عن حق أن النخب الحاكمة في هذه المنطقة فاسدة، وهذا ما كانت تدور حوله الانتفاضات العربية عام 2011

الروح الثورية

ورغم أن الأنظمة العربية تمكنت من هزيمة الانتفاضات والحفاظ على قوتها من خلال عنف الدولة ـ بما في ذلك السجن والتعذيب والقتل والرقابة والمراقبة الشاملة ـ فإن الروح الثورية لم تُهزم. وسوف تنهض من جديد لا محالة وتطالب بإسقاط هذه الأنظمة.

وقال الكاتب: “وفي حين أن النخب السياسية والاقتصادية قد تنظر إلى هذا باعتباره مشكلة يمكن التحكم فيها ويمكن التعامل معها من خلال التدابير الأمنية، تماما كما فعلت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنني أحذر من الخلط بين النتائج القصيرة الأجل والاستقرار الطويل الأجل. والأهم من ذلك، الخلط بين الثروة والكرامة والحرية الحقيقية والسيادة”

الشعوب في جميع أنحاء المنطقة يدعمون فلسطين بأغلبية ساحقة لأسباب مختلفة، بما في ذلك أنهم يعتبرون النضال الفلسطيني انعكاسًا لمحنتهم ورغبتهم في الكرامة والحرية. إنهم يشعرون بالارتياح عندما يرون الشعب الفلسطيني، بموارد قليلة وبدون دولة رسمية، يقف في وجه كل القوة العسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل.

وسرعان ما ترتد مثل هذه الأفكار على الأنظمة التي تدعي أنها تمثلها. وبدأوا يتساءلون لماذا فشل النظامان المصري والأردني في التحرك لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، أو لماذا لم تستخدم المملكة العربية السعودية نفوذ إمداداتها من النفط للضغط على الولايات المتحدة لحملها على وقف دعمها للحرب التي تخوضها إسرائيل.

وفي حين أن هذه الأنظمة قد تكون قادرة على منع شعوبها من التعبير بشكل جماعي عن مثل هذه الأسئلة كمطالب شعبية على النظام، إلا أن هذه الأسئلة تظل في قلوب الناس وعقولهم، وتتم مناقشتها في المجتمعات في جميع أنحاء العالم العربي.

إذن ما هي المصلحة الذاتية لهذه الأنظمة في تغيير المسار الآن؟ باختصار، الجواب هو الشرعية. لا تتمتع الأنظمة الشمولية بارتباط عضوي مع الأشخاص الذين تحكمهم، بل ارتباط قائم على الخوف. على الرغم من أن شرعية النظام الحاكم يمكن الحفاظ عليها من خلال القوة لفترات طويلة من الزمن، إلا أنها شكل غير فعال وغير مستقر من الشرعية.

إن أسرع طريقة يمكن لهذه الأنظمة من خلالها تطوير علاقة عضوية مع شعوبها هي اتخاذ إجراءات ملموسة تقف في وجه إسرائيل والولايات المتحدة. وفي الواقع، يمكن للنضال الفلسطيني أن يقدم لهذه الدول شرعية عضوية لدى الجماهير. عندها فقط يمكنهم أن يصبحوا متحررين وسيادة حقًا.

الدول العربية هامشية

إن النهج الحالي الذي تتبعه الدول العربية سيجعلها مجرد هوامش في التاريخ، لأن كلماتهم وأفعالهم هي مجرد تعبير عن عدم قدرتهم على معارضة المطالب الإمبريالية للإمبراطورية الأمريكية. يجب عليهم أن يغيروا تفكيرهم جذريًا وأن يتخذوا موقفًا أكثر جرأة ضد إسرائيل والقوة الإمبريالية الأمريكية.

ضغوط اقتصادية واجبة

وهذا لا يعني بالضرورة حرباً مع الولايات المتحدة أو إسرائيل. ومن الممكن أن تعمل الضغوط الاقتصادية والسياسية بفعالية كبيرة، وربما أكثر من أي وقت مضى.

وتتمتع الدول العربية بنفوذ اقتصادي كبير، ورغم أن هذا الطريق سيكون طويلاً وصعباً، إلا أنها لن تسلكه بمفردها. وبالفعل، قطعت البحرين وبوليفيا علاقاتهما الرسمية مع إسرائيل، في حين سحبت تشيلي وكولومبيا سفيريهما. وسوف تدعم العديد من الدول الأخرى هذا النهج المتمثل في تكثيف الضغوط السياسية والاقتصادية على الولايات المتحدة وإسرائيل.

ويمكن لتحالف عالمي من الدول أن يصبح قوة جبارة إذا واجهوا بشكل جماعي وصريح ومباشر القوة الإمبريالية الأمريكية، بهدف طردها من المنطقة. وبنفس الطريقة، يمكن دفع إسرائيل للتخلي عن مشروعها الاستعماري الاستيطاني.

إذا تم اتخاذ مثل هذا الإجراء، فيمكن للدول العربية أن تنتقل من كونها سطرًا في هوامش التاريخ إلى كتابة كتاب جديد تمامًا. إن الظروف مواتية بالفعل، حيث أصبح الناس في مختلف أنحاء العالم ـ وخاصة في الجنوب العالمي، ولكن أيضاً في أميركا الشمالية وأوروبا ـ يشعرون بالضجر على نحو متزايد من الإمبريالية الأوروبية الأميركية.

وختم الكاتب: “هل القادة في العالم العربي مستعدون للتحرك والوفاء بوعد إنهاء الاستعمار الحقيقي؟ الشعوب جاهزة وبحاجة إلى قادتهم المنتخبين، أولئك الذين لن يقفوا في طريقهم، بل سيساعدون في نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرير. لقد حان الوقت الآن، ويمكن أن تبدأ بقطع جميع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل”.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان

شاهد أيضاً

صمت القبور لم يعد مُبررًا.. هل تحرك انتفاضة الجامعات الأمريكية الطلاب العرب؟

من جامعات كولومبيا، نيويورك، برنارد، ميتشغان، ومينيسوتا شمالًا، مرورًا بإيمرسون، جورج واشنطن، كاليفورنيا، إم أي …