بالصور – نيويورك تايمز: أسرى غزة يجرّدون من ملابسهم بالبرد القارس، وفوهات القناصة تراقب تحركاتهم

قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل جرائمها بحق المدنيين في غزة

نشرت صحيفة The New York Times الأمريكية تقريراً حول المعاملة التي يلقاها الأسرى المحتجزون من قطاع غزة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ جاء في التقرير أن الأسرى يجردون من ملابسهم بشكل شبه تام، وسط برودة شديدة، فيما يحيطهم جنود الاحتلال المسلحون.

كان هذا هو حال أيمن لباد، الذي كان يجثو على ركبتيه مع عشرات الرجال والصبية الفلسطينيين، الذين أُجبروا على الخروج من منازلهم في شمال غزة.

تفاصيل عن معاملة الاحتلال للأسرى الفلسطينيين 

بحسب الروايات التي سردها أكثر من 10 معتقلين أو أقاربهم، الذين أجرت معهم صحيفة The New York Times مقابلات، فإن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين من قطاع غزة جُردوا من ملابسهم وضُربوا واستُجوبوا واحتُجزوا في أماكن معزولة عن العالم الخارجي على مدى الأشهر الثلاث الماضية.

جانب من جرائم الاحتلال افسرائيلي بحق المدنيين في غزة

فيما أفادت المنظمات التي تمثل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بشهادات مماثلة في تقرير آخر، واتهموا إسرائيل بالاحتجاز العشوائي للمدنيين والمعاملة المهينة بحق المحتجزين.

أُمر بعض الفلسطينيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بالخروج من منازلهم ثم اعتقلوا، فيما اعتُقل آخرون بينما كانوا يحاولون الهروب من أحيائهم مع عائلاتهم سيراً على الأقدام، من أجل محاولة الوصول إلى أماكن أكثر أماناً بعد أن أمرهم الاحتلال بالمغادرة.

الصور التي التقطها الصحفيون في غزة أظهرت المعتقلين بعد إطلاق سراحهم مباشرة بينما كانوا يعالجون في المستشفيات، وكانت مناطق الجلد حول معاصمهم مهترئة مع وجود جروح عميقة تبدو إصابتها بالعدوى بسبب الأصفاد الضيقة التي وضعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي حول معاصمهم، وأحياناً لأسابيع.

في بيان رداً على تساؤلات أرسلتها صحيفة The New York Times، قال جيش الاحتلال إنه اعتقل أشخاصاً يُشتبه في تورطهم في الأنشطة القتالية الخاصة بحماس، وإنه أطلق سراح من ثبت عدم تورطهم.

كما زعم أن الاحتلال تعامل مع المحتجزين وفقاً للقانون الدولي، أما عن قضية تجريد الصبية والرجال من ملابسهم، فادعى أن هذا الإجراء اتُّبع لـ”ضمان عدم إخفائهم سترات ناسفة أو أية أسلحة أخرى”.

انتهاك للقوانين الدولية 

يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن احتجاز الاحتلال لهؤلاء الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة والمعاملة المهينة بحقهم، قد تنتهك القوانين الدولية للحرب.

فيما قال بريان فينوكين، المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية والمستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، إن القانون الدولي يضع “سقفاً عالياً جداً” لاحتجاز غير المقاتلين ويتطلب معاملتهم معاملة إنسانية.

وأوضح فينوكين: “افتراض أن الذكور في سن التجنيد هم مقاتلون، يعد أمراً مثيراً للقلق”.كانت النساء والفتيات حاضرات أيضاً في المشهد.

إحدى هؤلاء المحتجزات تسمى هديل الدحدوح تبلغ من العمر 22 عاماً، وقد ظهرت في صورة أخرى نُشرت الشهر الماضي في مؤخرة شاحنة ممتلئة بالرجال المجردين من ملابسهم. كانت عيناها مغطاة بعصابة بيضاء في الصورة، وجُرّدت من حجابها.

واعتُقلت هي وزوجها رشدي الظاظا، وكلاهما ينحدر من شمال مدينة غزة، معاً في 5 ديسمبر/كانون الأول، وذلك حسبما أفاد الظاظا.

قال الظاظا، أحد المعتقلين الذين وصفوا كيف ضربهم جنود الاحتلال: “كانوا يضربوننا على رؤوسنا بأسلحتهم. كانوا يضربون زوجتي مثلما يضربونني. وكانوا يصيحون (اخرسوا)، ويسبونها”، وأوضح أنه أُطلق سراحه بعد 25 يوماً، لكن زوجته هديل لا تزال مفقودة.

“قناصة تراقب التحركات”

في اليوم الذي اعتُقل فيه لباد، في 7 ديسمبر/كانون الأول، كان في منزل أبويه مع زوجته. كانت زوجته قد وضعت طفلهما الثالث قبل أسابيع قليلة. وفي ذلك اليوم، سمعوا أصوات إطلاق النار والدبابات في الشوارع، ثم صاح جندي لدى الاحتلال في مكبر صوت يدعو جميع الرجال لأن يخرجوا ويستسلموا.

قال لباد إنه بمجرد خروجه قابله جندي وأمره بأن يجثو على ركبتيه ويخلع ملابسه. وأوضحت الصحيفة أنه في ظل برودة شهر ديسمبر/كانون الأول، ظل جاثياً على ركبتيه في مؤخرة صف من الرجال وبعض الصبية الفلسطينيين، وجميعهم كانوا حفاة ولا يرتدون سوى ملابسهم الداخلية.

أوضح لباد، الذي يعمل في مجال حقوق الإنسان لدى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الاحتجاز استمر لأسبوع. وأضاف أنه منذ اللحظات الأولى قال في نفسه إنه سوف يطيع أي أوامر سيصدرها الجنود.

وتابع قائلاً: “لم نكن نعلم ما الذي ينتظرنا”.

جنود الاحتلال الإسرائيلي في غزة

فيما أضاف أن يديه قُيّدت بحبل بدأ على الفور في النخر في جلده. وأوضح لباد أن المحتجزين أُجبروا على ركوب شاحنات، وكانوا معصوبي الأعين ومقيدين، ولا يزالون لا يرتدون سوى ملابسهم الداخلية، في حين أن الجنود كانوا يضربونهم واقتيدوا بعد ذلك خلال ساعات إلى إسرائيل.

ولم يُعط هؤلاء الأسرى أية ملابس إلا عندما وصلوا إلى سجن في مدينة بئر السبع في صحراء النقب، وحينها فقط مُنحوا ملابس رياضية رمادية. كذلك أُعطي كل شخص منهم رقماً في بطاقة زرقاء وكان جنود الاحتلال ينادونهم بهذه الأرقام، لا بأسمائهم.

احتُجز لباد في ثكنة عسكرية كبيرة لمدة ثلاثة أيام. ومنذ الخامسة فجراً حتى منتصف الليل، أُجبر جميع الأسرى البالغ عددهم أكثر من 10 فلسطينيين على الجلوس على رُكبهم في وضعية وصفها بأنها معذبة. وأوضح أن أي شخص حاول أن يغير وضعيته، عاقبه الجنود.

وقال لباد إنه لم يُستجوب إلا بعد مرور أيام، بعد أن نُقل إل منشأة اعتقال أخرى في القدس.

وسأله المحقق أين كان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما إذا كانت لديه معلومات تتعلق بأعضاء حركة حماس أو الجهاد الإسلامي، وسُئل كذلك عن أنفاق ومواقع حماس.

وعندما تكررت إجابته بأنه لا يعرف أي شيء وبأنه يقضي معظم وقته إما في العمل أو في المنزل، استشاط المحقق غضباً وضربه أسفل عينيه، ثم أعاد عصابة العين وأحكم ربطها بدرجة مؤلمة. وأشار إلى أنه احتُجز لأيام أخرى، ولكن دون استجوابه.

قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل جرائمها بحق المدنيين في غزة

وأفاد لباد بأنه في وقت مبكر من يوم 14 ديسمبر/كانون الأول، كان ضمن حمولات من الأسرى الذين جرى اقتيادهم إلى الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وأُخبروا بأن عليهم البدء في السير وقد روى محتجزون آخرون شهادات مماثلة.

فيما قال مجدي الدريني، الموظف الحكومي المتقاعد البالغ من العمر 50 عاماً الذي لديه أربعة أبناء، إنه احتُجز لـ 40 يوماً وكانت يداه مقيدتين معظم الوقت تقريباً. نخرت القيود معصمه، وتركت جروحاً صارت مصابة بعدوى في نهاية المطاف. وأظهر فيديو للدريني بعد إطلاق سراحه تَشَكُّل قشرة حول معصمه.

وأوضح الدريني أنه اعتُقل في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني عندما كان يسير في صحبة عائلته في الجنوب، بعد أن ترك منزله في شمال غزة استجابة لأمر الإجلاء، كما قال الدريني: “عاملونا مثل الحيوانات. كانوا يضربوننا بالعصي، ويكيلون لنا السباب”.

وبنفس الأسلوب، قال الظاظا، الذي اعتُقل مع زوجته، إنه بعد 25 يوماً من مأساته، جاء إليه حارس في السجن في الثكنة العسكرية، وسأله “هل تستطيع الركض؟”.

لم يستوعب الظاظا السؤال.

وبعد ساعات، في حوالي الساعة الثانية صباحاً، قال إنه سمع اسمه ووضع داخل حافلة قادمة من إسرائيل ومتجهة إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. وبمجرد نزوله من الحافلة، حذرهم جندي إسرائيلي بأن هناك قناصاً يراقبهم، ثم أُمروا بالركض لمدة 10 دقائق.

قال لباد: “ركضنا لمدة 10 دقائق بدون أن ندير رؤوسنا”.

المصدر – صجيفة نيويورك تايمز – شبكة رمضان

شاهد أيضاً

وزير خارجية النمسا: نراقب أنشطة التجسس الروسية في البلاد

أكد ألكسندر شالينبرج وزير خارجية النمسا أن وزارته على اتصال دائم مع وزارة الداخلية ومديرية …