عفوا سيادة السفير… فلابد للنادي المصري أن يكون ” ناديا ومصريا”!

المؤيدين لفكرة المجتمع المدني ينطلقون من أن فكرة التطور الديمقراطي الحقيقي للمجتمعات العالمية ومنها العربية وتحديثها يتطلب قيام تنظيمات ومجتمعات غير حكومية تمارس نشاطاً يكمل ويساند دور الدولة ويساعد على إشاعة قيم المبادرة والعمل الجماعي والاعتماد على النفس مما يهيئ فرصاً أفضل حتى يتم تطويرهذه المجتمعات بل واكثرمن ذلك, تهيئتها بشكل متكامل للاستقلال وتخطي تللك المجتمعات بكل أطيافها كل الصعوبات والعراقيل المادية والمعنوية والانتقال بها من مرحلة الاعتماد على الدولة في كل شيء إلي مرحلة الاستقلال عن الدولة في كل شئ.

ومن هنا جاءت فكرة النوادي الاجتماعية في منتصف القرن الماضي نتيجة لدراسات وأبحاث ولنصائح لباحثين ومفكرين اجتماعيين لتقوم هذه النوادي باحتواء المجتمع بجميع شرائحه وفئاته المختلفة وذلك إدراكا من هؤلاء المفكرين لأهمية إقامة مثل هذه النوادي في المدن والأحياء كنواة لفكرة المجتمع المدني فما كان من النظم السياسية في بادئ الامرالا إن استجابوا لتلك الضرورة لاقتناعهم بحيويتها وأهدافها الفاعلة والمؤثرة والمكملة والمتبادلة وليست البديلة ولذلك قامت الدول عن اقتناع بدعمها بسخاء وتذليل كل الصعوبات التي تقف في طريق إنشاءها من عراقيل إدارية وأحيانا كثيرة مادية.

من هنا نستطيع أن نفهم الدور المهم والكبير والمؤثر والمحوري لأي مؤسسة أو جمعية أو نادي اجتماعي مدني واثره علي المجتمع والبيئة المحيطة به ويتعاظم هذا الدور الكبير ويتمحور كلما كانت المجتمعات المحيطة به لاتجد أمامها من منفذ, متنفس وسبيل غيره ويظهر هذا جليا في الأقليات داخل المجتمعات الأوروبية.

والمثال الواضح علي ذلك للجالية المصرية “النادي المصري بفيينا” وقد تم إنشاء النادي المصري في نهاية حقبة الستينات من القرن الماضي عندما كانت الحاجة ملحة لإنشاء بيت يجمع المصريين المقيمين في النمسا وخاصة فى العاصمة فبينا, حيث الظروف كانت مختلفة في ذلك الوقت. فقد ظهر للعيان وبقوة سيطرة الطلبة العرب على المنظمات الطلابية والتي كانت تضم الطلبة المصريين الذين درسوا فى الجامعات النمساوية و تخرجوا فيما بعد وعملوا أطباء وصيادلة ومهندسين وتولوا وظائف فى قطاعات مختلفة,فكانوا بحق صورة مشرفة لمصر وسفراء حقيقيين لها.وحرصا علي عدم ضياع الانتماء المصري والهوية المصرية وخصوصا بين المتعلمين وانحرافهم نحو أجندات مختلفة منها الأوروبية ومنها العربية فجاءت حتمية إنشاء أندية مصرية في أوروبا لما له من أهمية ملحة حتى هذه اللحظة.!!

فكان الدكتور “عبد الأحد جمال الدين” يعمل مستشارا ثقافيا في فيينا ونجح في تجميع الطلاب المصريين من حوله وتم إنشاء النادي المصري فى مقره الحالي بالحي الأول,مدعوم من الجهات الرسمية المصرية وهو يعتبرواحد من أقدم الأندية المصرية في أوروبا. ولعب هذا النادي دورا وطنيا وقوميا كبيرا في فترة السبعينات من القرن الماضي وخاصة في فترة حرب أكتوبر 73 وما بعدها حتى الثمانينات والتسعينات, وظل يمارس أنشطته على مدى هذا التاريخ ويستفيد منه أبناء الجالية المصرية وحتى العربية.

فى فترة التسعينات كانت[ الفرقة والخلافات] هي أهم مايميز الأوضاع في هذا النادي وظهرت انشقاقات بين صفوف الأعضاء, وبدأت تتكون روابط وأندية أخرى دليل على عدم الرضا بالكيفية التي يداربها النادي وبدا عدد الأعضاء يتناقص بشكل ملحوظ. ولقد تغيرت بشكل واضح تماما,تغيرت التركيبة التي كان يتميز بها في بادئ الامر وهي طبقة مميزة في تعليمها وثقافتها وفي سلوكها …!!

وفي نفس الوقت انتشرت أيضا في فيينا ظاهرة المقهى المصري التقليدي الشعبي الذي يعتبر صورة طبق الأصل من المقهى الذي نعرفه في الاحياء الشعبية المصرية[شيشة وشاي وقهوة وسحلب لكن- لايوجد مغات!] دون أن يكون هناك عوامل مشتركة بين رواد المقهى سوى كونهم مصريين وبالطبع رجال فقط وليسوا عائلات.

مع كل هذا الوضع المتأخر في مستوي النادي والنويدات والمقاهي اللائي لايخفي علي احد منا انحدارها الاجتماعي والثقافي والسلوكي [ساقني حظي في اول مجيئي للنمسا منذ تسع سنوات وكنت وقتها ادرس قران وتفسير للأطفال في النادي وذات مره وأثناء الدرس حدثت مشاجرة بين مجموعة من الرجال -الغير أفاضل- بكل تأكيد ولكم أن تتخيلوا الألفاظ والحوار المتدني والشيطاني مع بعضهم البعض… والتي أقسمت بعدها أن لا اذهب للنادي لا بأولادي و لابمفردي]

وعندما انقطعت عن النادي بدأت اعرف من كل حدب وصوب إن هذا هو مستوي النادي [مكائد نسائية- خناقات رجالية-غرف دخانية سجائرية وشيشية-مقاهي شعبية- ومكايدة وتباهي من النساء لبعضهن البعض بكم الذهب والأسماك المشوية]

لدي النادي 158 أسرة مصرية هم أعضاء في هذا النادي، كل عضو له حق التصويت والترشيح[التصويت في اجتماعات الجمعية العمومية والترشيح: أن يرشح نفسه في عضوية مجلس الإدارة] ويتم انتخاب مجلس الإدارة في النادي المصري مرة كل سنة وهي انتخابات فعلا ديمقراطية 100%، كل عضو له صوت واحد ويستطيع أن يدلي بهذا الصوت مرة واحدة وهذا كله ممتاز وصحي وحضاري.

ولكن هل هذا يعني ان النادي أصبح تكية؟؟؟!!! لذاك العدد من الأفراد الذين تكاد تراهم ولو بعد عشرات السنين وفي نفس الأماكن وفي نفس المقاعد وكان المقاعد لصقت بهم…..والانكي من ذلك وأمر, إنهم يعاملون أي زائر جديد بالتحفز والوعيد والتنكيل به مع أول غلطة [ان كان يقصدها أم لا] بالنبذ والتطفيش.

ولذلك بدأت تتعالي الأصوات التى تنادى بضرورة إنشاء اتحاد للمصريين فى النمسا يجمع كل أبناء الجالية فى مختلف المقاطعات التسع وليس في فيينا فقط والتي تعانى من خلافات وانقسامات ويعود السبب في ذلك لكون المصري لم يتعلم ثقافية العمل الجماعي ولقد تحدثنا في المقال السابق عن الفشل المدوي للعمل الجماعي بين كل العرب بلا استثناء. بالرغم إن أعضاء النادي أنفسهم رفضوا الفكرة, واعتبروا أن النادي هو التنظيم المجتمعي المدني الأم وكل من انشق عنه يجب عليه أن يعود إلى أحضانه من جديد

وهنا نتحدث إلي سيادة السفير الدكتور إيهاب فوزي فالكل يعرف أن العبء الدبلوماسي لبلد ذات حضارة 7000 عاما لها من الريادة في عالمها العربي والإسلامي في كل ما تقع عليه عيون البشر والبشرية. وقد قرأت لسيادة السفير هذا الراي [الجالية المصرية هنا جالية جيدة جداً ، أنا كسفير لمصر محظوظ وأقول بكل فخر للسفراء الآخرين، أن لدي هنا جالية تعدادها 25 ألف مصري وهذه مدعاة للفخر وسط السفراء ، وهم أفراد جيدين وكلهم انتماء للوطن مصر حتى لو طالت مدة إقامتهم ، وهذا هو الجانب الإيجابى في الجالية المصرية ، أما الجانب السلبى ، أن هذا التعداد للجالية يجب أن ينعكس إلى صورة قوة في الوضع على الساحة ، ولكن الحقيقة ان ذلك لم يحدث ، قوة الجالية لا تعكس حجمها الكبير ، وهذا لا يعجبنى].

أين تلتقي الجالية ياسيادة السفير؟؟؟ ففي الوقت الحالي لايوجد غير النادي المصري والكل يلمس التغييرات المهمة والمؤثرة والدم الجديد الذي يحاول تحريك الركود المميت وبخطي حثيثة وثابتة وجريئة.

ولكن هناك سؤال حيوي ومهم جدا نريد الإجابة عليه؟

هل يصح أن تخطف 128 أسرة هم أعضاء النادي تخطف النادي كتكية وتترك جالية تعدادها 25 ألف مصري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هل يعقل ن تختزل الجالية المصرية بكل اطيافها الشمسية[ القوس قزحية] الي لون واحد فقط؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وفي رد علي سؤل اخر لسيادة السفير يقول[ بان التعامل يتم مع الشخصيات المتواجدة ، مثلاً عندما أذهب للنادي المصري ، أو أى مناسبة مصرية حتى لو كانت حفلة أو المكتب الثقافى أو حتى مناسبة عزاء، من هو المتواجد؟ المتواجدين هم الذين يفرضون أنفسهم ]

ياسيادة السفير كيف يفرضون أنفسهم وهم لايستطيعون الاشتراك والعضوية وذلك لوجود أجواء طاردة وليست جاذبة و كل همها ان يظل النادي هكذا( تكية خاصة) وان يحققوا فيه ما لم يستطيعوا تحقيقه لا داخل مصر ولا حتى هنا بره مصر.

النادي المصري الذي من المفترض أن يمثل كل أطياف المجتمع المصري وتدعمه بالخصوص الطبقة المتعلمة المثقفة وخاصة الذين تعلموا ودرسوا هنا وسهروا الليالي وتحدوا العقبات حتى يصنعوا مستقبل أفضل في مجتمع التعليم والتعليم فقط هو العتاد والقيمة الأولي والأخيرة والدلالة علي النجاح فيه.

دائما ما نتحدث هنا جميعا عن المرارة التي نجدها في أنفسنا عندما نفكر في متنفس لنا ولأبنائنا ولا نجد غير مراكز التسوّق، حيث إننا لا نجد مكاناً نذهب إليه للتسلية خارج مراكز التسوق، وما ذلك إلا لانعدام المراكز المجتمعية التي لايسمع عنها أبناء الجالية المصرية لان الصورة الأقرب في توصيف النادي المصري بفيينا أنه جمعية او بيت “أصدقاء فلانة او علان ” الذي يضم الراغبين في خدمة أنفسهم وأبنائهم وأصدقائهم فقط وهم جزء من ثقافة سائدة داخل المجتمع المصري الآن .

ولكي تتمكن جهة ما – سواء كانت أفراداً أو مؤسسات – من احداث تغييرات مؤثرة ومهمة فإن عليها أن تضع نظاماً داخلياً جديدا ياخذ في الاعتبار وبشكل أساسي في اتخاذ القرارات بما يضمن جذب و مشاركة أكبر عدد ممكن من الجالية المصرية- كبار وصغار عجائز وشباب رجال ونساء-، كما يجب أن يكون النظام قائماً على تفعيل كل النواحي ”الاجتماعية” المتعددة الأغراض (ثقافية, دينية,رياضية, ترفيهية). ولكي تحصل على الدعم والمشاركة من كل المصريين ويصبح النادي المصري ” ناديا ومصريا”.

وللحديث بقية

فاطمة حنفي

مقالات أخرى للكاتبه

إمبراطورية الأميين
في انتظار مالا يجئ
من يعلق الجرس؟
حديث الاتحاد! أم حديث الافك ؟!
عفوا سيادة السفير… فلابد للنادي المصري أن يكون ” ناديا ومصريا”!

شاهد أيضاً

اختفى حجابها وزوجها.. حلا شيحة تثير الجدل من جديد فى عيد ميلادها الـ 43

في احتفالها بعيد ميلادها الـ43، اختارت الفنانة المصرية البعيدة عن الساحة حلا شيحة أن تثير …