فضيحة جزيرة إيبيزا التي هزت النمسا .. 6 أسئلة تشرح لك ما حدث

في الأيام الماضية، انشغلت الصحف ووسائل الإعلام العالمية بالحديث عن «فضيحة جزيرة إيبيزا»، التي كان زعيم حزب الحرية اليميني المُتطرِّف في النمسا هاينز كريستيان شتراخه بطلًا لها، وترتَّب على هذه الفضيحة سحب الحزب اليميني وزراءه من الحكومة، واستقالة رئيسه، وإجراء انتخابات وطنية عاجلة.

تستعرض صحيفة «الجارديان» في ستة أسئلة ملابسات هذه الواقعة، وأسباب أهميتها وما قد يترتَّب عليها.

1- ماذا حدث في النمسا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي؟

تستعرض «الجارديان» الأحداث التي جرت مساء الجمعة، عندما نشرت اثنتان من وسائل الإعلام الألمانية مقطع فيديو، يظهر فيه نائب المستشار النمساوي وزعيم حزب الحرية اليميني المُتطرِّف هاينز كريستيان شتراخه، وهو يتحدث إلى امرأةٍ مجهولة الهوية -يدَّعي البعض البعض أنها ابنة أخ شخصية روسية نافذة- في منتجع فخم في إيبيزا.

وتصف الصحيفة بعضَ ما ورد في الفيديو، وبالتحديد اللقطة التي عبَّرَت فيها هذه المرأة عن اهتمامها بإحكام سيطرتها على أكبر الصحف توزيعًا «كرونين زايتونغ»، ليقترح عليها شتراخه أن بإمكانه تقديم صفقة حكومية مُربحة مُقابل الحصول على دعمٍ لحملته الانتخابية.

وفي يوم السبت، كان كلٌّ من شتراخه ورئيس برلمانه يوهان جودنوس، الذي بادر بالدعوة إلى هذا الاجتماع، قد تقدَّما باستقالتهما، واصفين سلوكيهما بأنه «غبيٌّ وغير مسؤول وخاطئ»، بحسب ما جاء في «الجارديان». وبعد إعلان هذه الاستقالة بفترةٍ وجيزة، دعا سباستيان كورتز، المستشار النمساوي المنتمي لحزب الشعب اليميني الوسطي، إلى عقد انتخابات مُبكرة يُرجَّح تنظيمها في سبتمبر (أيلول).

2- ما الذي نعرفه عن هذه العملية السرية؟

تؤكِّد الصحيفة أن هوية من أعد لهذه العملية السرية المُخطَّطة بعناية لم تتضح بعد. وبالرغم من أن مقطع الفيديو صُوِّرَ في يوليو (تموز) عام 2017، إلا أن الفيديو لم يتسرَّب للصحفيين في مجلة «دير شبيجل» وصحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانيَّتين إلا في الأسبوع الماضي. ورفضت كلتا المطبوعتين التعليق على مصدر الفيديو لحماية مصادرهم، بيد أنهما أوكلا إلى مُترجم لغة روسية مُعتمد وخبراء جنائيين في مجال تكنولوجيا المعلومات مهمة التحقُّق من صحة هذا الفيديو قبل نشره.

وتستعرض «الجارديان» ما ورد في بيان الاستقالة الذي أدلى به شتراخه يوم السبت، الذي وصف فيه هذا الفيديو أنه «فخٌّ صمَّمَته وأدارته وكالاتٌ استخباراتية»، بيد أنه أشار أيضًا، حسبما أوضحت الصحيفة، إلى مُتحدِّثٍ إعلامي إسرائيلي مُثيرٍ للجدل تجمعه علاقةٌ بالحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي اليساري الوسطي، وحتى المُقدِّم التلفزيوني الألماني الساخر جان بومرمان، الذي أُشير بشكلٍ غامض في بثٍّ تلفزيوني في أبريل (نيسان) إلى أنه «يقضي الوقت مع زملاءٍ من حزب الحرية اليميني في فيلا شخصية روسية نافذة في إيبيزا»، فيما أكَّدَ مدير أعماله أن بومرمان كان على علمٍ بوجود الفيديو، حسبما جاء في «الجارديان».

3- ما هو حزب الحرية اليميني؟

تستعرض «الجارديان» تاريخ حزب الحرية اليميني، إذ ذكرت أنه أُسِّسَ هذا الحزب على يد موظفٍ نازي سابق وعضو في جماعة الإس إس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح حزب الحرية اليميني أول حزب شعبوي مُتطرِّف منذ عام 1945 يُشكِّل جزءًا من حكومةٍ في أوروبا، عندما دخل زعيمه آنذاك يورج هايدر في تحالفٍ مع الحزب الشعبوي النمساوي المُحافِظ عام 2000، حسبما أوضح الكاتب.

إلا أن صفقة تقاسم السلطة هذه انتهى بها الأمر غارقةً في سلسلة من فضائح الفساد، التي ما زال وزير المالية آنذاك، المنتمي لحزب الحرية اليميني، يُحاكَم إلى وقتنا هذا عليها بتهمتي الرشوة والاختلاس المُتعلقتين بخصخصة شركة «بوفوج – Buwog» للإسكان الحكومي.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد تولِّي شتراخه، المُتشدِّد على حدِّ وصفها، رئاسة حزب الحرية اليميني عام 2005، تمكَّن من إحياء اليمين المُتطرِّف النمساوي بشكلٍ عام بتعهُّده باستئصال «المغامرين والمُنتفعين والمُرتزقة» في صفوف الحزب. ودخل الحزب في حكومةٍ ائتلافية مع حزب الشعب النمساوي بعد أن جاء في المركز الثالث في الانتخابات العامة التي جرت عام 2017.

4- ما دور روسيا داخل النمسا؟

تستهل الصحيفة إجابتها عن هذا السؤال بإبراز الدور الذي لطالما اضطلعت به النمسا باعتبارها نفسها «حلقة وصل» بين الشرق والغرب، وحتى خارج نطاق اليمين المُتطرِّف، إذ أن للدولة تاريخًا من الحيادية والروابط الوثيقة إلى حدٍّ ما مع موسكو. إلا أنه في ظلِّ حكم شتراخه، أخذ حزب الحرية اليميني ميله لتأييد روسيا إلى أبعاد قصوى جديدة، إذ وقَّعَ على اتفاقٍ رسمي بالتعاون مع حزب روسيا الموحدة بقيادة فلاديمير بوتين.

أما وزيرة الخارجية كارين كنيز، التي عيَّنها حزب الحرية اليميني في ذلك المنصب، فلم تكتفِ بدعوة الرئيس الروسي بوتين إلى حفل زفافها، بل رقصت معه لتوجيه رسالة يقول منتقِدون أنها أضعفت موقف الاتحاد الأوروبي من روسيا إزاء قضية أوكرانيا، بحسب ما أوضحت «الجارديان».

وبتولِّي حزب الحرية اليميني وزارتي الداخلية والدفاع، قلَّلَت وكالات التجسس، بما فيها وكالات التجسس لدى بريطانيا، كما أفادت التقارير، من مقدار المعلومات الاستخباراتية التي تشاركها مع النمسا، خوفًا من أن تتشارك النمسا هذه المعلومات بدورها مع روسيا.

5- ما الآثار المُترتِّبة على الانتخابات الأوروبية؟

تؤكِّد «الجارديان» أن القادة الوسطيين في جميع أنحاء أوروبا يأملون أن تتجاوز النمسا تداعيات «فضيحة إيبيزا» في انتخابات البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع، التي من المُتوقَّع أن تُحقِّق الأحزاب الشعبوية والقومية واليمينية المُتطرِّفة مكاسب منها.

وترى الصحيفة تناقضًا صارخًا بين إقبال شتراخه الواضح نحو الفساد، ونغمة «تجفيف مستنقع» التي ينشرها الشعبويون بانتظام في محاولاتهم الرامية لرسم صورة للسياسة، على أنها معركةٌ يقودها أناسٌ شرفاء عاديون ضد نُخبة من المُرتشين. ويُعَدُّ حزب الحرية اليميني طرفًا أساسيًا في تحالفٍ من الأحزاب القومية الأوروبية، تحت قيادة ماتيو سالفيني، زعيم حزب «رابطة الشمال» الإيطالي.

6- ماذا سيحدث لاحقًا؟

اقترح الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين موعدًا لعقد الانتخابات في مطلع سبتمبر المقبل، وبرحيل شتراخه، فمن غير المُحتَمَل، كما أوضحت «الجارديان»، أن يُبقي المستشار النمساوي، كورتز، حكومته الائتلافية كما هي في تلك الأثناء.

وتُصِرُّ أحزاب المعارضة على أن إجراء تحقيق شامل في الفضيحة، لن يكون ممكنًا إلا برحيل هيربرت كيكل، المنتمي لحزب الحرية، من وزارة الداخلية على الفور. وتوضح الصحيفة أن كورتز قد يُقرِّر أن يستبدل وزراء اليمين المُتطرِّف، ويُعيِّن محلَّهم بدلاء تكنوقراطيين إلى أن يحين موعد التصويت، وهي خطوةٌ حظيت بتأييد من جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

شاهد أيضاً

وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية تحذر من معاداة السامية اليسارية في النمسا

حذرت وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية كارولين إدشتادلر، في مؤتمر صحفي، يوم أمس الجمعة، من ازدياد …