حصاد نوبل لهذا العام .. كل ما تريد معرفته عن الفائزين بجائزة نوبل 2019

كلمات مزلزلة قرأها ألفريد نوبل في إحدى الصحف الفرنسية، التي اختلط عليها أمر وفاته، بعد أن توفى شقيقه وظنوا أن لفريد نوبل هو من مات. تسببت له هذه الكلمات التي قرأها بخيبة أمل كبيرة، وجعلته مهتمًا كثيرًا بما سوف يقال عنه بعد وفاته، وكيف سيذكره الناس.

ما سبق كان أحد الأسباب التي دفعت نوبل لأن يُوصي بأن تستخدم ثروته في منح جوائز للإنجازات المتميزة في مجالات الفيزياء، والكيمياء، والطب، والأدب، والسلام. ورغم وجود بعض المعارضين لرغباته، خاصة بين عائلته، فقد استغرق الأمر خمس سنوات حتى أصبحت الجوائز تُمنح أخيرًا لأول مرة عام 1901.

وتُمنح الجوائز كل عام في 10 ديسمبر (كانون الأول) في ذكرى وفاة نوبل، عدا بعض السنوات التي تمنح فيها جوائز. ولكن منذ سبعينات القرن العشرين، أصبحت هناك جوائز لكل فئة في كل عام، تمنحها الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، التي كان نوبل عضوًا بها. وتمنح الجمعية الفائزين ميدالية، وشهادة، وجائزة نقدية تبلغ حوالي 900 ألف دولار. فمن هم الفائزون المحظوظون الذين حصلوا على الجائزة هذا العام؟

نوبل في الطب.. طرق واعدة لمكافحة فقر الدم والسرطان وأمراض أخرى

مُنحت جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب لهذا العام، مثالثةً بين ويليام كيلين جونيور، الذي يعمل حاليًا في كلية الطب بجامعة هارفارد ومعهد هوارد هيوز الطبي في ماريلاند، والسير بيتر رادكليف، الذي يعمل جامعة أكسفورد ومعهد فرانسيس كريك في لندن، بالإضافة إلى جريج سيمينزا، الذي يعمل بجامعة جونز هوبكنز في ولاية ماريلاند.

وقد مُنح العلماء الثلاثة الجائزة المرموقة؛ تقديرًا لأعمالهم التي ركزت على فهم الكيفية التي تتصرف بها خلايا أجسادنا في ظل مستويات مختلفة من الأكسجين، وتوضيح كيف تشعر الخلايا بمستويات الأكسجين، وكيف تتكيف مع كميات أعلى أو أقل من الجزيء في الغلاف الجوي.

أوضحت أبحاث الفائزين الثلاثة لهذا العام أنه عندما يكتشف الجسم وجود كمية أقل من الأكسجين، تقوم الكليتان بإفراز هرمون يسمى «الإريثروبويتين (EPO)»، والذي يحث الجسم على إنتاج المزيد من خلايا الدم الحمراء؛ لحمل المزيد من الأوكسجين. وتعمقت أبحاثهم لفهم كيفية عمل هذا النظام بمزيد من التفصيل، واكتشفوا أن البروتين الذي يطلق عليه «العامل المحفز لنقص الأكسجين (HIF)»، يرتفع عندما يكون هناك كمية أقل من الأكسجين، ثم ترتبط بعض البروتينات الإضافية منه بأجزاء من الحمض النووي بالقرب من الجين الذي ينتج الإريثروبويتين. وتعمل تلك البروتينات الإضافية حول جين الإريثروبويتين مثل المولد أو المحرك المسؤول عن إنتاج الهرمون.

وعندما يتوفر الأكسجين الكافي مرة أخرى، تنخفض مستويات (HIF)، فيقل إنتاج هرمون الإريثروبويتين؛ وبالتالي يقل عدد كرات الدم الحمراء. وتعد هذه العملية الأساسية مفتاح التطور الجنيني، والقدرة على التكيف مع الارتفاعات العالية، وممارسة الرياضة. والآن بعد أن أدرك الباحثون كيف ينظم الجسم امتصاص الأكسجين، يمكنهم محاولة تطوير علاجات جديدة للأفراد الذين عطبت لديهم هذه العملية.

وستلعب هذه العملية دورًا في تطوير طرق واعدة جديدة في علاج فقر الدم (الأنيميا)، وهو اضطراب دموي شائع لا يوجد فيه كرات دم حمراء كافية قادرة على حمل الأكسجين إلى الأنسجة المختلفة في الجسم، إلى جانب أنواع مختلفة من السرطان، وأمراض أخرى كثيرة. وجدير بالذكر أن هذه تعد المرة الثانية التي يُمنح فيها هذا العمل جائزة طبية كبرى؛ إذ تشارك الثلاثي في عام 2016 الفوز ب​​جائزة «لاسكر Lasker» عن أعمالهم، والتي يُشار إليها غالبًا باسم جوائز نوبل الأمريكية.

نوبل في الفيزياء.. مفاهيم جديدة عن تطور الكون

حضرت الفيزياء الفلكية بقوة في موسم جوائز نوبل هذا العام، وذهبت جائزة نوبل في الفيزياء لثلاثة علماء هم: الكندي الأمريكي جيمس بيبلز، والسويسريين ميشيل مايور، وديدييه كويلو؛ وذلك لإسهاماتهم الرائدة في تحسين فهمنا لنشأة وتطور الكون، وموقع الأرض في الفضاء، إثر اكتشافهم كواكب تدور حول شموس بعيدة.

وقد حصل جيمس بيبلز على نصف الجائزة، عن اكتشافاته النظرية حول تطور الكون، من خلال أدوات وحسابات نظرية تُفسر أثر الإشعاع الصادر من الأيام الأولى لنشأة الكون، وقدمت أساسًا لفهم تاريخ الكون منذ الانفجار الكبير وحتى اليوم.

في حين تشارك الثنائي السويسري النصف المتبقي من الجائزة؛ نظير اكتشافهم أول كوكب يقع خارج المجموعة الشمسية، على بعد 50 سنة ضوئية في كوكبة «الفرس الأعظم». وكانا أول من أطلق على الكواكب الواقعة خارج النظام الشمسي اسم «الكواكب الخارجية Exoplanet»؛ الأمر الذي أحدث ثورة في علم الفلك، وأدى إلى اكتشاف ما يقرب من 4 آلاف كوكب خارجي في مجرة درب التبانة، منذ ذلك الحين.

وقد جاء في بيان منح الجائزة: «غيّر الفائزون هذا العام أفكارنا عن الكون.. وفي الوقت الذي أسهمت فيه اكتشافات جيمس بيبلز النظرية في فهمنا لكيفية تطور الكون بعد الانفجار العظيم، استكشف ميشيل مايور وديدييه كويلو جيراننا الكونيين في رحلة بحث دؤوب عن الكواكب غير المعروفة. وقد غيرت اكتشافاتهم مفاهيمنا عن العالم إلى الأبد».

وعقب إعلان فوزه، شكر بيبلز الهيئة المانحة للجائزة، ووجه نصيحة للشباب الذين يطمحون لدخول مجال العلوم، وصغار الباحثين، بألا تغريهم مثل هذه الجوائز، وحثّهم على حب العلم، وليس البحث عن الجوائز. وقال للصحافيين عبر الهاتف: «الجوائز رائعة وتحظى بتقدير بالغ، لكن عليك أن تدخل مجال العلوم لأنك مفتون به.. هذا هو ما فعلته».

نوبل في الكيمياء.. نحو عالم خالٍ من الوقود الأحفوري

ذهبت جائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام إلى ثلاثة علماء، هم: الأمريكي جون جودنوف، والبريطاني ستانلي ويتينجهام، والياباني أكيرا يوشينو؛ لتطويرهم بطاريات أيون الليثيوم القابلة للشحن. نعم، ما تفكر به صحيح، إنها البطارية التي تستخدمها في شحن هاتفك المحمول.

وفقًا لبيان اللجنة المانحة للجائزة، مُنحت الجائزة للعلماء الثلاثة؛ لتطويرهم بطارية أيون الليثيوم، التي كان لها استخدامات كثيرة في تطوير الهواتف المحمولة، والحواسيب، والسيارات الإلكترونية، وأجهزة تنظيم ضربات القلب، فضلًا عن إمكانية إعادة شحن واستخدام هذه البطاريات خفيفة الوزن.

وقد كان هذا ثمرة عمل جماعي، وجهد متواصل؛ فقد لعب الفائزون الثلاثة دورًا حاسما في تطوير بطاريات أيون الليثيوم. في البداية، وضع ويتنجهام التصاميم الأولية للبطارية المعتمدة على الليثيوم في أوائل سبعينيات القرن الماضي، فيما اخترع جودنوف، الذي يُعَد أحد الأعمدة الرئيسة فى هذا الاكتشاف المهم، كاثود أكسيد الكوبالت، الذي وضع حجر الأساس لبطاريات الليثيوم، ويُستخدم في بطاريات الأجهزة المحمولة حتى الآن؛ الأمر الذي ساعد في مضاعفة سعة بطارية الليثيوم، ممهدًا الطريق أمام تطوير بطاريات أكثر قوةً وكفاءة.

أما عن يوشينو، فقد نجح في ابتكار بطارية قائمة بالكامل على أيونات الليثيوم، بدلًا من الاعتماد على الليثيوم في صورته الخام؛ ما يجعل البطاريات أكثر أمانًا وفاعليةً في الممارسات العملية اليومية. واستطاع يوشينو بذلك إنتاج أول بطارية تجارية في عام 1985.

وقد أوضحت اللجنة المانحة للجوائز العلمية أن هذا النوع من البطاريات، يمكنها أيضًا تخزين كميات كبيرة من الطاقة الشمسية والريحية، ويفسح المجال للتحرر من مصادر الطاقة الأحفورية؛ ما يؤسس لإرساء أساس مجتمع لاسلكي خالٍ من الوقود الأحفوري.

وبعد فوزه بالجائزة، أصبح جودنوف، البالغ 97 عامًا، أكبر شخص يحصل على جائزة نوبل على الإطلاق؛ ما يجعله عميد الفائزين بجوائز نوبل، متخطيًا بذلك آرثر أشكين، الذي حصل على الجائزة العام الماضي، عن عمر يناهز 96 عامًا.

نوبل في الآداب تثير الجدل من جديد

جرى إعلان الفائزين بجوائز نوبل في الآداب لعامي 2018 و2019 معًا هذا العام؛ لأن جائزة العام الماضي ألغيت وجرى تأجيلها بسبب فضيحة جنسية طالت زوج أحد أعضاء الأكاديمية. ومنذ أكثر من قرن من الزمان، أثارت جائزة نوبل في الأدب الجدل والاستقطاب في كثير من الأحيان، وكان يُنظر للفائزين بها على أنهم إما غامضون للغاية، أو أن غالبيتهم من الأوروبيين، أو أن الجائزة يهيمن عليها الذكور وتُهمش الإناث، أو أن بعض الفائزين لا يستحقون الجائزة.

وفي هذا العام استمر الجدل مع منح اللجنة الجائزتين لكاتبين من وسط أوروبا، يعرفان بآرائهم السياسية الجريئة والاستقطابية، وهما: بيتر هاندكه، الروائي والكاتب المسرحي النمساوي، الذي مُنح جائزة نوبل في الأدب لعام 2019، والأديبة البولندية أولجا توكاركوك التي منحت جائزة نوبل في الأدب لعام 2018. لكن جائزة السيد هاندكه هي التي أثارت رد فعل عنيف.

وقد منحت اللجنة هاندكه الجائزة عن مجمل أعماله المؤثرة، التي تستكشف ببراعة لغوية محيط وخصوصية التجربة الإنسانية. ومن أبرز أعمال هاندكه التي ترجمت إلى العربية رواية «الشقاء العادي» الصادرة عن دار الفارابي عام 1991، وكذلك رواية «خوف حارس المرمى عند ضربة الجزاء» الصادرة عن دار الجمل. وعن أعماله سينمائية، فقد شارك في كتابته سيناريو فيلم «أجنحة الرغبة» للمخرج الألماني فيم فيندرز، وهو الفيلم الفائز بجائزة مهرجان كان السينمائي الدولي لأفضل مخرج في عام 1987.

ومع ذلك، فقد وجه الكاتب الأمريكي بيتر ماس انتقادًا حادًا لمنح جائزة هذا العام للروائي النمساوي بيتر هاندكه، الذي يبرر ويدافع عن جرائم الإبادة. وقال ماس إن آخر شيء يحتاجه العالم، أن يذهب هذا الشرف الأدبي والفكري الرفيع إلى كاتب موبوء بأكثر أمراض عصرنا الفكرية تخلفًا. كذلك وصفت فلورا تشيتاكو، سفيرة كوسوفو في الولايات المتحدة، قرار اللجنة المانحة بأنه فاضح ومخزٍ.

ويرجع ذلك، إلىتشكيك الروائي النمساوي في مذابح المسلمين خلال حرب البلقان، وإنكاره ارتكاب الصرب إبادة المسلمين البوسنيين الموثقة جيدًا. ويدعي هاندكه أن المسلمين هم من قاموا بتلك المذابح في سراييفو، وألقوا باللوم على الصرب، واحتج في عدد من مقالاته على أن وسائل الإعلام صوّرت الصرب على أنهم أشرار. فضلًا عن ذلك، فقد شارك في تأبين جنازة القائد الصربي الأسبق سلوبودان ميلوسوفيتش، الذي توفي في السجن خلال انتظار محاكمته بتهم الإبادة وجرائم الحرب.

وعلى الجانب الآخر، احتفل الكثيرون في العالم الأدبي بفوز الروائية التجريبية، والشاعرة البولندية أولجا توكاركوك، التي يحبها القُرّاء والنقاد على حد سواء. وتعد أولجا محبوبة من الجميع باستثناء اليمين البولندي؛ بعد أن تكرر انتقاد الأديبة للقوميين اليمنيين في بولندا، والذين وصفوها بأنها خائنة؛ ما دفع ناشرها البولندي حينها لاستئجار حراس شخصيين لحمايتها.

وقد منحتها اللجنة الجائزة عن مجمل أعمالها التي يتميز أسلوبها بالخيال السردي، والعاطفة الموسوعية، التي تُمثل عبورًا للحدود كشكل من أشكال الحياة. وقد فازت أيضًا بجائزة  المان بوكر الدولية في العام الماضي 2018. وقد اشتهرت أولجا في الأساس بكتاباتها النسوية؛ ما جعلها مرشحة مثالية للجائزة، في ظل الاتهامات التي تُوجّه للأكاديمية فيما يخص تحيزها الذكوري. وتُعد أولجا المرأة رقم 15 التي تفوز بجائزة نوبل للآداب، من بين 116 فائزًا من الرجال. ومن المنتظر أن تصدر الترجمة العربية لروايتها «رحلات» قريبًا عن دار التنوير.

نوبل في السلام.. رئيس الوزراء الأثيوبي يخطف الأضواء

توقع الكثيرون أن تربح جريتا ثانبيرج، الناشطة البيئية جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ولكن الجائزة لم تذهب للمراهقة السويدية ذات الـ16 عامًا، بل ذهبت إلى أبي أحمد علي، رئيس الوزراء الإثيوبي، البالغ من العمر 43 عامًا. وقد قررت لجنة نوبل النرويجية منح جائزة نوبل للسلام لعام 2019 لأبي أحمد؛ لجهوده في تحقيق السلام والتعاون الدولي، وخاصة لمبادرته الحاسمة في حل النزاع الحدودي طويل الأمد مع إريتريا المجاورة.

بمجرد توليه رئيسًا للوزراء في أبريل (نيسان) عام 2018، أوضح رئيس الوزراء الإثيوبي رغبته في استئناف محادثات السلام مع إريتريا. وبالتعاون مع أسياس أفورقي، رئيس إريتريا، سارع أبي أحمد إلى وضع مبادئ اتفاقية سلام؛ لإنهاء حالة الـ «لا سلام ولا حرب» الجامدة الطويلة بين البلدين. وقد بُنيت هذه المبادئ في التصريحات التي وقعها رئيس الوزراء الأثيوبي والرئيس أفورقي في أسمرة وجدة في يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، والتي أبدى خلالها أبي أحمد رغبته غير المشروطة في قبول حكم التحكيم الصادر عن لجنة الحدود الدولية في عام 2002.

كذلك، أشارت اللجنة إلى الإصلاحات الداخلية لأبي أحمد، الذي أمضى أول 100 يوم من عمله رئيسًا للوزراء في رفع حالة الطوارئ في البلاد، ومنح العفو لآلاف السجناء السياسيين، ووقف الرقابة الإعلامية، بالإضافة إلى إضفاء الشرعية على جماعات المعارضة المحظورة، وفصل القادة العسكريين والمدنيين الذين يشتبه في ضلوعهم في الفساد، فضلًا عن زيادة نفوذ دور المرأة الإثيوبية في الحياة السياسية والمجتمعية. وتعهد أيضًا بتعزيز الديمقراطية من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وهو ما تراه اللجنة إصلاحات مهمة، تمنح الكثير من المواطنين الأمل في حياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.

ولم تقتصر إنجازات السياسي الشاب على الشأن الداخلي، بل توسعت لتشمل البلدان المجاورة الأخرى في القارة السمراء، وشارك أبي أحمد في عمليات السلام والمصالحة الأخرى في شرق وشمال شرق أفريقيا. وفي سبتمبر عام 2018، ساهم أبي أحمد وحكومته بنشاط في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إريتريا وجيبوتي، بعد سنوات عديدة من العداء السياسي. كذلك سعى أبي أحمد إلى التوسط بين كينيا والصومال في نزاعهما الطويل حول الحقوق في منطقة بحرية متنازع عليها.

وامتدت يد أبي أحمد إلى السودان أيضًا، بعد الأزمة السياسية التي أدت إلى اعتقال عمر البشير، الذي حكم البلاد لقرابة 30 عامًا. ولعب أبي أحمد دورًا رئيسًا في العملية، التي أدت إلى إنشاء اتفاق لتقاسم السلطة في السودان. وأصبح هناك أمل في حل هذا الصراع، بعد أن عاد النظام العسكري والمعارضة إلى طاولة المفاوضات. وفي 17 أغسطس (آب) من العام الجاري، أصدروا مسودة مشتركة لدستور جديد، يهدف إلى ضمان الانتقال السلمي إلى الحكم المدني في البلاد.

ومع أنه ليس من الشائع، أن يفوز أحدهم بجائزة نوبل للسلام منفردًا، وعادة ما يشترك فيها عدد من الأفراد أو منظمة ما، ومع أن البعض قد يرى أن جائزة هذا العام مُنحت لأبي أحمد في وقت مبكر للغاية، خاصة وأنه لا يزال هناك الكثير من العمل والتحديات التي تنتظرًا حلًا في إثيوبيا، مثل الصراع العرقي المتصاعد، غير أن اللجنة المانحة ترى أن هذا هو الوقت الذي تستحق فيه جهود أبي أحمد التقدير وتحتاج إلى التشجيع.

وتأمل اللجنة أن تعزز الجائزة عمل رئيس الوزراء الأثيوبي الهام من أجل السلام والمصالحة في أفريقيا وفي إثيوبيا، التي تعد ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، وتملك أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا. وتأمل أيضًا أن يساعد اتفاق السلام على إحداث تغيير إيجابي لجميع سكان إثيوبيا وإريتريا؛ وأن يكون لإثيوبيا المستقرة والناجحة العديد من الآثار الجانبية الإيجابية، وتساعد على تعزيز الأخوة بين الأمم والشعوب في المنطقة.

نوبل في الاقتصاد.. من أجل محاربة الفقر العالمي

تأتي جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية؛ لتسدل الستار على موسم الجوائز العلمية الأكثر شهرة. وقد أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم اليوم منذ ساعات قليلة، عن فوز ثلاثة علماء هم: الهندي الأمريكي أبهيجيت بانيرجي، وزوجته الفرنسية الأمريكية إستير دوفلو، والأميركي مايكل كريمر بالجائزة؛ تقديرًا لأبحاثهم التجريبية حول تخفيف حدة الفقر في العالم.

وقالت الأكاديمية في بيانها: «وضع الفائزون لهذا العام نهجًا جديدًا للحصول على أجوبة يُعتدّ بها حول أفضل السبل لمكافحة الفقر على مستوى العالم». وقد ساهمت البحوث التي أجراها الحائزون على جائزة هذا العام، في تحسين القدرة على مكافحة الفقر في العالم. وخلال عقدين فقط غير نهجهم التجريبي الجديد اقتصاديات التنمية، التي أصبحت الآن مجالًا مزدهرًا للأبحاث.

بدأ الأمر في منتصف التسعينات، عندما أوضح مايكل كريمر، الأستاذ في «جامعة هارفارد» كيفية استخدام تجارب ميدانية؛ من أجل اختبار مختلف المبادرات التي من شأنها تحسين النتائج المدرسية في غرب كينيا. ولاحقًا أجرى بانيرجي وإستر دراسات مماثلة حول مسائل أخرى في دول أخرى. وباتت طريقتهم للأبحاث التجريبية تُهيمن حاليًا على الاقتصاد التنموي. كذلك كان لها الفضل في إعادة تشكيل البحوث في اقتصاديات التنمية، وساعدت أبحاثهم بالفعل في تخفيف وطأة الفقر العالمي، ولديها إمكانات كبيرة واعدة في تحسين حياة أكثر الناس فقرًا على الكوكب.

وجدير بالذكر أن إستر دوفلو، أستاذة الاقتصاد في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، حيث يعمل زوجها أيضًا، تُعد ثاني امرأة تنال جائزة نوبل للاقتصاد، وثاني امرأة تفوز بالجائزة خلال هذا العام، بعد البولندية أولجا توكاركوك الفائزة بنوبل في الآداب. كذلك، تُعد إستر إحدى الخبراء الاقتصاديين الأكثر شهرة في العالم، خاصة في الولايات المتحدة، وقد شغلت منصب مستشارة للرئيس باراك أوباما بشأن مسائل التنمية، عبر انضمامها إلى اللجنة الجديدة من أجل التنمية العالمية في عام 2013.

ويوافق هذا العام الذكرى الـ50 لجائزة نوبل في الاقتصاد، إذ مُنحت لأول مرة في عام 1969 لراجنار فريتش ويان تينبرجن. وتعرف هذه الجائزة رسميًا باسم «جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل»، وقد أُنشئت عام 1968 للاحتفال بذكرى مرور 300 عام على تأسيس بنك السويد. وتعتمد الجائزة على تبرع تلقته مؤسسة نوبل في عام 1968 من البنك المركزي السويدي بمناسبة الذكرى 300 لتأسيسه، لتصبح إضافةً إلى جوائز نوبل الأخرى.

شاهد أيضاً

مصرية إسكندرانية.. من هي مينوش شفيق رئيسة جامعة كولومبيا التي تدعم إسرائيل وتقمع التظاهرات؟

“إذا باركتم إسرائيل سيبارككم الله”، لم تحتاج نعمت شفيق أو “مينوش شفيق” رئيسة جامعة كولومبيا، …