لماذا عدد المدربين السود منخفض جداّ في الدوري الإنجليزي

يدور نقاش في الأوساط الرياضية الإنجليزية حول أسباب انخفاض أعداد المدربين والإداريين السود في الدوري الإنجليزي بدرجاته المختلفة. يكشف أحد المتخصصين الأمر يحمل في جذوره أفكاراً وممارسات عنصرية قديمة لايزال بعضها مستمراً.

يحفل الدوري الإنجليزي الممتاز بنخبة من اللاعبين السود من أصحاب المواهب الاستثنائية.

الأمثلة أكبر من أن يتم حصرها، فهناك ثنائي مانشستر سيتي رحيم سترلينغ وكايل ووكر وثنائي مانشستر يونايتد غيدون سانشو وماركوس راشفورد وترينت ألكسندر أرنولد لاعب ليفربول وريس جيمس لاعب تشيلسي وبوكايو ساكا لاعب أرسنال. حتى أن المنتخب الانجليزي يضم بين صفوفه عشرة لاعبين سود، وصلوا مع الفريق إلى نهائي بطولة أوروبا لكرة القدم الصيف الماضي.

لكن نجاح لاعبي كرة القدم الإنجليزية ذوي البشرة السمراء لم يترجم إلى فرص أخرى للتدريب في الأندية.

وعلى الرغم من أن قضية تمثيل السود في إدارة كرة القدم قد نوقشت لعقود من الزمن، إلا أن التقدم كان بطيئاً للغاية. فهناك 4.4 في المائة فقط من المناصب الإدارية يشغلها السود، بحسب ما جاء في بحث أجراه عالم الاقتصاد الرياضي بجامعة ميتشيغان ستيفان زيمانسكي.

افتقار واضح إلى التنوع

قد يكون الافتقار إلى التنوع بين المدربين أكثر وضوحًا في الدوري الانجليزي مما هو عليه في اتحاد كرة القدم الأمريكي، حيث وجدت الدراسة أن ستة من أصل 32 مدربًا حاليًا في كرة القدم الإنجليزية هم أعضاء في أقلية عرقية أو إثنية، أربعة منهم من السود.

وفي كرة القدم الإنجليزية، هناك عدد هائل من المديرين الفنيين كانوا لاعبين محترفين. ومع ذلك، تم التغاضي عن اللاعبين السابقين من السود بشكل روتيني عند الحاجة إلى شغل وظائف بارزة، بحسب ما ذكر موقع “فايف ثيرتي ايت” التابع لشبكة ايه بي سي نيوز الأمريكية.

فمن بين 94 لاعبًا لعبوا في الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري كرة القدم منذ عام 2004 ويحملون رخصة UEFA Pro – وهو أعلى تأهيل احترافي متاح للمدربين – شغل ثلاثة أرباعهم مناصب إدارية في درجات الدوري الإنجليزي المختلفة في عام 2021. وكان 23 بالمائة منهم فقط من السود. لم يكن هناك سوى 28 مديرًا أسودًا في تاريخ اللعبة منذ أن انطلقت بشكل احترافي، وفقًا لمبادرة اللاعبين السود Black Footballers ، وهي هيئة تدعو إلى تمثيل أفضل للسود في المناصب القيادية في الرياضة.

التمييز في الأجور

واجه لاعبو كرة القدم السود أيضًا تمييزًا تاريخيًا عندما تعلق الأمر بأجورهم. توضح ورقة بحثية للدكتور زيمانسكي بالتفصيل كيف أنه منذ 1986 إلى عام 1993، كان الإنفاق على أجور فريق أبيض بالكامل أعلى بنحو 5 في المائة من إنفاق فريق ناجح بالقدر نفسه ضمّ في تشكيلته نسبة متوسطة من اللاعبين السود. وقد كان اللاعبون السود يتقاضون رواتب منخفضة باستمرار.

ورغم أن الأبحاث أظهرت أنه منذ منتصف التسعينيات حصل اللاعبون السود على أجور تتماشى مع أدائهم ولم يعودوا يعانون من التمييز الاقتصادي في اللعبة، إلا أنه من الواضح أن العوائق التي تحول دون تولي مناصب إدارية وغيرها من المناصب التدريبية لا تزال قائمة. في العام الماضي، شغل 10٪ فقط من اللاعبين السود الذين تقاعدوا منذ عام 2004 منصبًا إداريًا أو تدريبًا في نادٍ إنجليزي محترف. على النقيض، فبالنسبة للاعبين البيض، كان الرقم 50 في المائة، وفقًا لزيمانسكي.

مجتمع مغلق

أحد تفسيرات نقص المديرين السود في الدوري الإنجليزي هو صعوبة تقييم مدى كفاءة المديرين المحتملين كما يتحجج البعض بأن المديرين، في معظم الحالات، لديهم تأثير ضئيل نسبيًا على أداء الفريق، إذ غالبًا ما يتم تعيين المديرين الفنيين في مجال كرة القدم – مثل الشخصيات البارزة في الرياضات الأخرى – من خلال شبكات واتصالات غير رسمية داخل اللعبة، بدلاً من عملية تقديم شفافة.

وبحسب الخبراء فإن هذا النظام يميل إلى الإضرار بالسود، الذين يتم وضعهم عمومًا خارج هذه الشبكات، ذلك أن صناع القرار في اللعبة وما يتصل بها من أعمال ينتمون إلى حد كبير إلى مجموعة متجانسة، على عكس ما يحدث داخل الملعب.

أيضاً أظهر بحث حديث أن المالكين الوحيدين من السود أو الملاّك المشتركين للأندية المحترفة من السود كانا في ناديي بيورتون البيون وسالفورد سيتي، وهما ناديان منخفضا المستوى نسبيًا.

أفكار عنصرية

يوضح تاريخ كرة القدم الإنجليزية كيف أن صانعي القرار البارزين غالبًا ما يؤمنون بأفكار عنصرية. ففي عام 1991، أجرى رون نوادس – الذي كان حينها رئيس مجلس إدارة كريستال بالاس – مقابلة تلفزيونية ناقش فيها ما أسماه “مشكلة اللاعبين السود” وطرح فيها وجهات نظره العنصرية.

قال نوادس: “عندما يوجدون (اللاعبون السود) توجد الفوضى”، وقال أيضاً: “لا أعتقد أن الكثير منهم يمكنهم قراءة اللعبة.. كما أنك عندما تصل إلى منتصف الشتاء، فأنت بحاجة إلى عدد قليل من الرجال البيض ذوي الجلد ليساعدوا زملاءهم اللاعبين السود” في إشارة إلى انخفاض أداء اللاعبين السود مع درجات الحرارة المنخفضة.

أفكار عنصرية كهذه لا تزال تجد طريقها في الدوري الإنجليزي. ففي عام 2018، كتب مدير التوظيف في وست هام، توني هنري، في رسالة بريد إلكتروني أن النادي لن يعمل على ضم المزيد من اللاعبين الأفارقة، واشتكى من أن اللاعبين الأفارقة لديهم “مواقف سيئة” ويمكن أن “يتسببوا في إحداث فوضى” إذا لم يتم اختيارهم للمشاركة في المباريات. وفي عام 2020، استقال غريغ كلارك من منصبه كرئيس لاتحاد كرة القدم بعد أن أدلى بتعليقات عنصرية خلال جلسة استماع في البرلمان البريطاني.

حتى الآن، ركز نهج كرة القدم الإنجليزية على تشجيع المديرين السود على اتخاذ إجراءات حيال الأمر. ومؤخراً اعتمد حوالي نصف الأندية فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز والأقسام الثلاثة التالية أهدافًا مختلفة من “مدونة تنوع قيادة كرة القدم” لاتحاد كرة القدم والتي تم إطلاقها في عام 2020؛ لكن لوحظ وجود نوع من غض النظر عن باقي الأهداف التي جاءت في المدونة.

وتعمل مبادرة “لاعبي كرة القدم السود” على محاولة إدخال حصص توظيف إلزامية للأقليات العرقية خاصة بعد أن فشلت الإجراءات الطوعية.

ويأمل القائمون على المبادرة أن يتمكن الجيل الحالي من لاعبي كرة القدم الإنجليز السود من دخول عالم التدريب بشكل أوسع وأن تسفر الجهود المستمرة عن منحهم فرصاً عادلة لاثبات كفاءتهم.

ملف من أعداد – عماد حسن – DW

شاهد أيضاً

مدينة فيلز النمساوية تشدد قواعد رمي النفايات.. بطاقة حمراء ثم غرامة ثم مصادرة

أعلنت إدارة النفايات في مدينة فيلز، يوم الخميس، عن تشديد العقوبات على الأسر التي تلقي …